إنه الفنان والمطرب المغربي محمود الإدريسي، الذي يعتبر من رواد ورموز الأغنية المغربية، ولد في نونبر 1948 بمدينة الرباط. صغيرا، كان محمود يصطحب والده إلى جامع «أهل فاس»، وهناك كان يشده صوت المقرئ عبد الرحمن بنموسى بأسلوبه المغربي الخاص في تلاوة القرآن، وهي من أول الأصوات التي أثرت في مسيرته الفنية، التي انطلقت منذ مرحلة دراسته الإعدادية بمدرسة «البطانة» بمدينة سلا أين كان محمود يشارك بامتياز في كل الأنشطة الفنية بما فيها الغناء، وشجعه جمال صوته وموهبته الفنية آنذاك على الالتحاق بالمعهد الوطني للموسيقى عام 1964 في اختصاص التمثيل المسرحي. وأعانته هذه التجربة كثيرا في مشواره، فبفضلها استطاع محمود التغلب على خجله. وكان من أساتذته في المعهد كل من أحمد الطيب العلج والمرحوم فريد بنمبارك وعبد الوهاب أكومي الذي كان يدرسه فن الموشحات، أولى تجاربه الغنائية كانت عام 1964 خلال إحدى حفلات المعهد حيث أتيحت له الفرصة في الغناء أمام الجمهور، وأدى محمود حينها موشح «يا ليل طل» وبعض أغاني محمد عبد الوهاب وفريد الأطرش رفقة فرقة «الخمس والخمسين» التي كان يترأسها آنذاك الطاهر الزمراني. وبفضل أدائه الجميل، أمتع محمود الحضور الذي كان من ضمنه الملحن عبد الله عصامي، الذي كان له الفضل الكبير في التحاق محمود بالإذاعة آنذاك بعد نجاحه في الاختبار الصوتي مع الموسيقار أحمد البيضاوي، وتواصلت تجربة محمود مع المجموعة الصوتية للفرقة الوطنية لـ11 عاما، ما بين 1965 و1976، غنى فيهم خلف أشهر المطربين أمثال محمد فويتح وعبد الوهاب الدكالي. وتخللت هذه التجربة ظهور محمود كمطرب منفرد منذ سنة 1969 بفضل أغنية «يا ملكي يا بلادي»، سنة 1970، غنى محمود أولى أغانيه بالدارجة المغربية بعنوان «نبدا باسم الفتاح» كلمات أحمد الطيب لعلج وألحان عبد القادر الراشدي. وتعامل محمود في تلك الفترة مع العديد من الملحنين، نذكر منهم: عبد القادر وهبي، حميد بن براهيم وعبد السلام عامر الذي لحن له العديد من الأغاني، أما الأغنية التي أمضت على نجاح محمود الإدريسي وشهرته فهي أغنية «يا بلادي عيشي» من ألحان الموسيقار محمد بن عبد السلام. ولهذه الأغنية قصة طريفة، فقد كان عبد السلام منذ بضع أشهر ضيفا والفرقة الوطنية في قصر الملك الحسن الثاني بالرباط، وأعجب حينها الملك بحسن أدائه وجمال صوته فأثنى عليه، غير أن محمود وبحديثه مع الملك نسي يده في جيبه مرتكبا خطآ بروتوكوليا فادحا، خاصة وأن الحسن الثاني انتبه للحادثة وطلب أن لا تعاد استضافة أناس لا تأبه بالبروتوكول. وكان آنذاك الملحن محمد بن عبد السلام الوحيد الذي وقف إلى جانب محمود واعدا إياه أن يدخل للقصر من جديد في غضون شهر ولحن له أغنية «يا بلادي عيشي»، وبالفعل عاد محمود بعدها ليغني في رحاب القصر الملكي بفضل هذه الأغنية، وفي السبعينيات كانت لمحمود العديد من الجولات الفنية قادته للمشرق والمغرب، أين تعامل مع العديد من الفنانين نذكر منهم خصوصا محمد الموجي الذي لحن له أغنيتين، والعديد من الملحنين الآخرين من ليبيا والكويت والعراق. ثم وفي فترة الثمانينيات، بدأ محمود في تلحين أغانيه بنفسه. ومن أشهر ما غنى في تلك الفترة نذكر: «ساعة سعيدة» كلمات مصطفى بغداد، «اصبر يا قلبي»، «بغى يفكرني فاللي فات»، وغيرها. كما لحن لغيره من الفنانين كلطيفة رأفت في أغنية «الحمد لله»، نعيمة سميح في أغنية «شكون يعمر هذا الدار»، البشير عبدو في «الدنيا بخير»، محمد الغاوي في «اللي علينا أحنا درناه»، فلة الجزائرية في «فتحو الأبواب»، وغيرها، ومن أغانيه نذكر: «اصبر يا قلبي»، «يحسن عوان الغريب»، «الشمعة»، «الحب الكبير»، «أسدى إليك الله»، «عشاق النبي»، «يبكي الحمام»، «حب الله»، «واش نزيدو مزال الحال»، «لا مش أنا اللي أبكي»، «الله الله على المغرب»، «هايلة»، «وقفت ببابك»، «الله على وجيبة»، «مضناك جفاه مرقده»، «ياللي كنتي تفاكد فينا»…
توفي عصر يوم الخميس 26 نونبر 2020، عن عمر ناهز 71 عاماً، متأثراً بإصابته بفيروس كورونا المستجد.
الفنان الراحل محمود الإدريسي هرم من أهرامات الأغنية المغربية
الكاتب : عبد الحق الريحاني
بتاريخ : 19/08/2023