الفنان سعيد بوناكة، ابن مدينة بني ملال: بين الهندسة والفن التشكيلي علاقة وطيدة، والكثير في المغرب لايفهم جيدا هذا الأمر للأسف

الفنان «البلاستيسيان» سعيد بوناكة، متميز ببساطته الممزوجة بهوسه بالبحث وإعادة تحديد المصطلحات والأمور وتحليلها، للإقبال عليها من زاوية خاصة به. لا يحب التميز من أجل التميز، لكن منطقه وتكوينه الفكري والتربوي، جعل منه إنسانا يعرف مسارا مختلفا وملتصقا ببعضه البعض، في نفس الآن، وهي ميزة لاحظها من عاشره واشتغل معه أو ربما حاوره حتى…
ربط بوناكة، ببصمته الخاصة، بين عدة مجالات قد تبدو متباعدة للكثير منا، لكنها من منظاره لا تبدو مختلفة كثيرا، فجمع ما بين التدريس والبيداغوجيا والاهتمام بنفسية الطفل، والعمل الجمعوي والفن التشكيلي بمفهومه الواسع والهندسة المعمارية، وكانت له مبادرات في فن المسرح ويسعى أيضا لاختراق عالم الفن السابع، ودافعه الأكبر في كل هذا، أن يفيد بما تعلمه وراكم من تجارب، قصد ترك بصمته وتغيير ما يمكن تغييره للأفضل.
هو هكذا، الفنان ومصمم الديكور والمهندس المعماري والموسيقي، سعيد بوناكة، الذي كان لمنبرنا حظ محاورته للإبحار في عوالمه ومحاولة نقلها للقراء وإماطة اللثام عن جوانب من شخصية ومسار واهتمامات ابن منطقة بني ملال الأمازيغي الأصل المستقر حاليا بمراكش.

o o الاتحاد الاشتراكي: أولا، وقبل كل شيء، من أين أتى الاهتمام بالفن وكيف كانت النشأة؟

سعيد بوناكة: ازددت بمدينة بني ملال وترعرعت بها، منذ صغري وأنا أعيش ذلك الهوس بالفن، وبالمقابل الأسرة الصغيرة تصر على أن أهتم بدراستي، إلى أن بلغت السنة الرابعة إعدادي سنة 1982، والتحقت بشعبة الفنون التشكيلية بمراكش، بما أنه حينها لم يكن هناك سوى معهدين متخصصين في الفن التشكيلي بكل من مدينتي الداربيضاء ومراكش.
الفترة التي عرفت فيها معنى الفنون التشكيلية احتفظت خلالها بذكريات جميلة، وتميزت بكون الطلبة كانوا قلائل، فالمعهد يتوفر على قسم واحد متكون من 20 طالبا، وكنا لا نتجاوز على العموم 15 سنة، وقادمين من مختلف المدن: أكادير وبني ملال وإمينتانوت وكل مناطق الجهة. وكانت مدرسة الدارالبيضاء تحتضن الجهة الأخرى. بعدها سافرت للدارالبيضاء بغاية إكمال دراستي بمعهد الفنون الجميلة هناك، لكن عندما ولجته تفاجأت قليلا لكوني استنتجت بأنني سوف أعيد دراسة نفس المواد التي سبق ودرستها بمراكش، وبأنني سأدرس مع طلبة كانوا يدرسون بشعب أخرى لا علاقة لها بالفن، لذا نصحني أحدهم بأن أسجل نفسي في شعبة مختلفة، لألج شعبة الرسم الهندسي التي درست بها مدة 3 سنوات. انطلاقا من هاته الفترة، انفتحت شهيتي على مادة الهندسة التي بدأت أهتم بها. بعد تلك الفترة الدراسية اشتغلت قليلا وكسبت قسطا من المال مكنني من السفر لتونس التي كنت أحلم بالذهاب إليها، وذلك للاستجمام وتخفيف الضغط علي، بإيعاز من والدتي،رحمة الله عليها، فاكتشفت بذلك البلد «مركزا للفنون الحية»، وكان معهدا مهما جدا خاصة وأننا بالمغرب آنذاك كنا نفتقد لمثيله، فدرست «لاسيراميك»، وتم اقتراحي لأدرس المبتدئين من الطلبة، في نفس الوقت.

o o الاتحاد الاشتراكي: من عادتي في الحوارات مع الفنانين التشكيليين أن أسألهم عن المدارس التي ينهلون منها، فما هي يا ترى المدرسة الفنية التي يصنف الفنان بوناكة نفسه في إطارها؟

n n الفنان سعيد بوناكة: حقيقة، لا أحب أن أسأل هذا السؤال، لأنني لا أحب أن أضع نفسي في خانة معينة، فأنا لست لا من المدرسة الواقعية ولا التجريدية ..بل أعمل في ميدان الفن التشكيلي وكفى، وهو بالمصطلح الفرنسيL’art plastique
ويشمل الفوتوغرافيا والصباغة والنحت وكل ما يحمل مفهوم الإبداع ويتضمن ثلاثية: المادة والشكل واللون، أما المصطلح العربي فإن «الرسام» نقول له الفنان التشكيلي، وهذا خطأ، وربما كان أصح لو نعتناه بفنان في الصباغة. بالفرنسية مثلا نميز ما بين :
Le plasticien et l’artiste peintre
في فن «البلاستيك» يتواجد فن الهندسة المعمارية والديكور والصباغة والنحت والفوتوغرافيا وأيضا فن السينما، وأنا شخصيا بما أنني أهتم بفن «البلاستيك»، بقيت لي تجربة السينما لم أعشها بعد وأتمنى خوضها، وللإشارة فحاليا أنا بصدد التعامل مع مخرجة من الجيل الجديد، تستعد لإخراج فيلم،( لا أود أن أفصح عن الموضوع حاليا) وطلبت أن أشتغل في مشروعها من خلال رسم»ستوري بورد» يخصه.
وبالتالي ففن «البلاستيك» شامل ولا يخص الصباغة أو الرسم فقط، وقد لاحظت هذا الأمر لأن أغلبية تكويني كان باللغة الفرنسية، وفي اللغة الفرنسية يميزون بين المفهومين، مما مكنني من التعمق أكثر في المصطلح، فالترجمة للغة العربية لا أجدها منصفة.
أما إذا تحدثنا عن المدارس الفنية فهذا شأن آخر، فتاريخ الصباغة بالمغرب لم يبدأ إلا في ما بعد فترة الاستقلال، وبالتالي لا يمكنني، في خضم هاته الفترة القصيرة في المغرب، أن أدعي بأنني ابن هاته المدرسة الفنية المعينة دون غيرها، والتي كانت تاريخيا في أوروبا في زمن ولى، شخصيا عندما أرغب في الرسم، أفكر أولا في عكس أحاسيس معينة بدواخلي وأختار لذلك آلية معينة، وبالرغم من كوني جربت جل المدارس لكن لا أجد نفسي منحصرا في واحدة منها، لأنني أنطلق من كوني اشتغل على شيء ملكي يخصني ومبني على تجربتي الخاصة، وربما أشتغل غدا على أشياء ليس لها علاقة بالصباغة، مثل النحت أو غير ذلك، وذلك انطلاقا من الحالة التي أنا عليها أثناء الاشتغال .

o o الاتحاد الاشتراكي: ما الذي يجمع ما بين الفن التشكيلي والديكور من وجهة نظرك؟

n n سعيد بوناكة: بين الهندسة والفن التشكيلي علاقة وطيدة، والكثير في المغرب لايفهم هذا الأمر جيدا للأسف. أولا الفن التشكيلي يهتم بكل ما هو شكل ولون ومادة، وعندما نتحدث عن هاته الثلاثية، نجدها في كل شيء، مثلا عندما أريد تأثيث غرفة، فإنني أعتمد على مفهوم الشكل داخل مساحة معينة، وذلك الثوب الذي أريد أن أشتغل به يعتبر مادة ثم هناك بالطبع اللون، وأضيف على كل هذا أسلوبي الذي أدمج به الأشياء وأوظفها.
ثم أود أن أوضح شيئا مهما وهو كوني «ديكوراتور» أشتغل بالطريقة الكلاسيكية، عكس ما عليه الموضة الآن، خاصة بمدينة مراكش وما يقوم به البعض ويسمون أنفسهم متخصصي ديكور، أستمع لمتطلبات الزبون وأعيد تجسيد ما يريد أن يراه بالعين المجردة وأهدف من عملي أن أوصل له تلك الأجواء التي يرغب بها ولا يعرف كيف يعبر عنها، ونحن كفنانين لنا هاته الإمكانية وبالتالي النتائج تكون مفرحة للزبون. ومثلا عندما كنت أتواصل مع الحرفي التقليدي أطلب منه أن يتوفق في عكس كل ما أصفه له بالمادة التي يشتغل بها ويتقنها، وتكون تلك الأشياء من تصوري وخلقي. وهاته هي العلاقة اللصيقة بين فن الديكور والفن التشكيلي، فهما كانا دائما كذلك، ولم يتغير الأمر إا بعد أن تطورت الأمور( ما بين قوسين) في المعاهد وأصبحنا نتحدث عن شعب وتخصصات، أما في حقيقة الأمر الفنون مرتبطة ببعضها، فأصلا الفن التشكيلي يضم كل هاته الأشياء والهندسة المعمارية كانت تدرس بمعاهد الفنون الجميلة، وهذا ما كان عبر التاريخ بأوروبا. وخير دليل أن المشاهير الذين امتهنوا فن الديكور كانوا فنانين في الأصل.

o o الاتحاد الاشتراكي: إذن انتقلت من الدراسة إلى الاحتراف لكن ليس في مجال الفن التشكيلي بل في الهندسة المعمارية؟

n n سعيد بوناكة: بالفعل في البداية توجهت للفن التشكيلي، وسبق وعرضت لوحاتي وعند عودتي من تونس لمدينة بني ملال زاد اهتمامي بالهندسة المعمارية، خاصة عندما اكتشفت عدم اهتمام المغاربة بهذا الفن، وأنا كنت أرغب أن أتعيش منه، فكرت في إنشاء مقاولة تعنى بالبناء والديكور، اشتغلت مع مهندس معماري، وكنت حينها أنجز مشاريع لها علاقة بأسلوب ثلاثية الأبعاد، فالتقنيات التكنولوجية المبرمجة لم تكن متوفرة حينها. وعملت في مشاريع تخص المؤسسات العمومية والتابعة للدولة، فمثلا عندما كان يرغب الوالي أن يدشن معلمة كبيرة، كان من الضروري أن نعد له بعض النماذج ونعد ما يسمى ب»المنظور». مع مرور الوقت طمحت في توسيع أفقي المهني، فجاءتني فكرة السفر لمدينة مراكش لأن مشاريع تجديد «الرياضات» والاشتغال على الهندسة المغربية التقليدية كانت في أوجها حينها. واستمر ذلك الاهتمام، إلى أن تمت دعوتي من طرف المدرسة الوطنية للهندسة المعمارية للتدريس بها، بعد أن تم تأسيسها بمراكش سنة 2012، وكانت حينها لاتزال تابعة للمدرسة الرئيسية المتواجدة بالرباط. بحيث كان الطلبة يدرسون السنة الأولى ويتممون دراستهم هناك.
مرة أخرى، تفاجأت خلال تجربة التدريس هاته بتدني المستوى الفني وطريقة تلقينه، صحيح أنني لم أتعلم البيداغوجيا في مدرسة متخصصة، لكن كانت لدي بيداغوجيتي الخاصة، ارتاح لها طلبتي وأعطت نتائج محمودة مع الأطفال التلامذة، وهي نفسها التي سبق وجربتها مع أبنائي في المنزل. حيث أن التعليم اهتممت به أكثر، وبشكل دقيق، من خلال مرافقة أبنائي ومراقبة طريقة تلقينهم التربية التشكيلية، وقلت في نفسي بأنها طريقة غير لائقة للتدريس ودخلت في تواصل مع بعض المدارس، إلى أن حط بي الرحال في مدرسة خصوصية أو نادي، به مواد المسرح والفن التشكيلي والموسيقى…
راكمت طرق التدريس من خلال عدة تجارب، فقد درست بمؤسسات تعليمية مختلفة من ابتدائية وإعدادية وثانوية، كما درست مادة تاريخ الفن، وهذا الكم من التجارب جعلني ألاحظ وأحلل المشاكل التي يعاني منها النظام التعليمي بالمغرب، وتساءلت لماذا لا نتوفر على الذوق الفني ولا نحترم الفن التشكيلي ولا نعطيه القيمة التي يستحقها، ولما لدينا مشكل في الهندسة المعمارية والتي تعكسها البنايات والعمارات التي نشاهدها من حولنا وما تتسم به من عشوائية في أغلب الأحيان.

o o الاتحاد الاشتراكي: كيف نما عشقك للعمل الجمعوي مع الشباب والأطفال؟

n n سعيد بوناكة: بدأ لدي هذا الاهتمام منذ فترة مبكرة، فأنا أحب الأطفال ولدي أربعة أبناء أكبرهم في ربيعه ال15 والأصغر تجاوزال6 سنوات بقليل. وبالتالي فعندما ازداد ابني البكر ورافقته في دراسته قمت بتجربة خاصة، وكانت مغامرة لم توافقني زوجتي عليها أنذاك، إذ لم أدرس ابني في روض للأطفال خلال سنواته الأولى، وفضلت أن أراعيه بنفسي، ولقنته طرق الإبداع من فن ونحت وموسيقى وغيرها، وأنذاك اكتشفت بأن عملي مع ابني أعطى نتيجة جيدة، إذ أن دراسته الابتدائية كانت بدون مشاكل تذكر، وهو الآن بالإعدادي، وقد أحرز السنة الماضية جائزة أحسن تلميذ، ويحصل على نقط عالية في جل المواد، وإخوته أيضا، من هناك بدأت ألاحظ أن الأطفال والشباب يحبون من ينصت إليهم ويحاورهم ويوجههم، وقارنت مع المدارس التي ينعدم فيها تقريبا ذلك. ولو أنني لا أريد التعمق في هذا النقاش، لاحظت أن كل البنيات التحتية الضرورية للتربية غائبة وننتظر من الشاب في ما بعد أن يتألق ويبدع لنا ..مستحيل، لأن النتيجة لتلك التربية جيل فارغ. حقيقة لديه ديبلومات عليا، لكن ثقافته محدودة، كما أنه بدون روح للإبداع أو المبادرة. وهذا ما أظن أننا نتخبط فيه حاليا في المغرب، وللإشارة فملك البلاد قد أشار لهذا الموضوع في العديد من خطبه.
ورجوعا للسؤال، فقد كانت تتاح لي الفرصة في كل مرة، أخذا بعين الاعتبار أهمية تنمية هاته الجوانب في الطفل وفي الشاب، فمثلا الدائرة المستديرة التي نظمتها مؤخرا في دار الشباب ببني ملال، ناقشت مع المشاركين دور الفن التشكيلي ومناطق تواجده بحياتنا، وأفهمتهم أن هذا الأخير يحيط بنا من كل جانب دون أن ننتبه إليه، مثلا نحمل فنجان قهوة، الذي تم رسمه مسبقا، (هنا عملية رسم)، ونجلس على المائدة (كلها فن ونقش وإبداع) وتم دراسة وحساب حجمها لكي نجلس بشكل جيد ومريح، كما أن بعض الدول اخترعت «الماركيتينغ» لكي تبيع لك تلك الهندسة وذلك الفن لتغريك بشرائها..كان الغرض بالنسبة لي من خلال هذه المائدة المستديرة أن أنور عقولهم وأحسسهم بأهمية الصورة والشكل والحجم واللون..في الاختيارات، وبالتالي أن الفن التشكيلي لايقل أهمية عن الرياضيات أو الفيزياء. بل إنني في قرارة نفسي أعتبر أن الفن ينمي الذكاء وقد أثبت العلم أيضا أن الموسيقى تخضع لمنطق رياضي يجعل من الطفل متفوقا في هاته المادة.
وقد جربت الأمر مع أبنائي واكتشفت مع الوقت بأنه نما لديهم منطق وتركيبات ذهنية سوية، وللإشارة فنحن في المنزل نلعب سوية على آلات موسيقية مختلفة . ومن هنا بدأ ينمو في دواخلي ذلك الهاجس لمنح الأطفال الذين أدرسهم تقنيات من هذا القبيل، ستنفعهم في الإبداع، ونظمت من حين لآخر موائد مستديرة للتحاور مع الأطفال والشباب.
بالإضافة إلى كل هذا توجه اهتمامي للمشاكل التي تواجه الأطفال، مثل الطفل الذي يكون منغلقا على نفسه، وكنت من خلال رسوماته أحاول فتح اغوار ما يخفيه من هواجس وتكللت التجربة بالنجاح، وهنأني عليها العديد ممن شاهدوها، وربما لم يتوفقوا فيها هم شخصيا، والتي من خلال الورشات استطعت حل لغزها. وبالتالي فالتحليل النفسي من خلال الفن التشكيلي أو الفن بصفة عامة هو حقيقة فعلية يجب تطويرها وتعميمها بالمغرب.

o o الاتحاد الاشتراكي: أكيد كفنان شاركت أو نظمت بعض المعارض، ما هي؟

n n سعيد بوناكة: قد تتفاجئين لكن ليس برصيدي الكثير من المعارض، كان لي معرض جماعي في 2015-2016، بالمدرسة الوطنية للهندسة المعمارية، وساهمت فيه بمعية مجموعة من الأساتذة وأثناء تظاهرة ثقافية فنية حول موضوع الهندسة المغربية وآفاقها.
أما المعرض الفردي فقد شاركت به سنة 2005، والسبب هو المهام الكثيرة والمتنوعة التي انشغلت بها. لكنها بالرغم من ذلك كانت إيجابية مكنتني من مراكمة التجارب وتطوير أساليبي التعبيرية، وحاليا تفرغت للإبداع والصباغة إذ لم أعد أدرس أو أمارس مهام مهنية أخرى، إلا مشاريع قليلة أخرى من بينها مشروع يتعلق باختراع لعبة الورق، وهو خاص بالأطفال وميزته أنه يربي على الفن التشكيلي، هو في مراحله الأخيرة للخروج إلى أرض الواقع.

o o الاتحاد الاشتراكي: من هو سعيد بوناكة الإنسان؟

n n سعيد بوناكة: أنا إنسان بسيط لا أحب ان أتظاهر أو الترويج لنفسي وعشت دائما في الظل، حاليا أشعر بكوني وصلت إلى مرحلة عمرية يمكن أن أفيد بتجربتي التي تراكمت في العديد من الميادين التي امتهنتها، وكان لي حظ ممارستها، فمن قبل كنت دائما في مرحلة البحث والتنقيب ومحاولة المعرفة أكثر. خلال رحلتي في فن الديكور، اهتممت بالصانع التقليدي، بطريق اشتغاله على النحاس، النقش على الخشب والجبص، صنع الزرابي.. فحتى في المسرح كانت لي تجربة قصيرة بمدينة بني ملال، مع مجموعة من الأصدقاء، لدرجة أننا خلقنا معهدا لأنه حينها لم تكن المدينة تتوفر على دار للثقافة وكان ذلك ما بين سنتي 1997و 1998، وذلك المعهد حاولنا أن نخلق به كل ما هو فن من موسيقى ومسرح وفن تشكيلي ..وخلال تلك المدة نظمنا أول مهرجان للمسرح وكانت تجربة رائعة، ولو أننا عرفنا صعوبات خاصة من طرف السلطات أنذاك، غير أن النتيجة كانت مفرحة لأن التظاهرة نجحت، لكن للأسف لم نتمكن من تنظيم إلا دورة واحدة وحيدة، ومن هناك قررت مغادرة بني ملال سنة 2000، والالتحاق بمدينة مراكش. كما أنني، كذلك، وربما سيفاجئك الأمر، موسيقي، وقد كنت في صغري أعزف على آلة «لوتار» بحكم أن أصلي أمازيغي، وهاته الآلة مستعملة في الأغاني الأمازيغية، بعدها اهتممت بآلة القيتارة التي أمارس العزف عليها كثيرا وحيدا، ثم آلة البيانو لكن بشكل أقل، فأنا إذن عازف قيتارة بشكل كبير وأدرس الموسيقى أيضا. لكن في حقيقة الأمر لا أتحدث عن ذلك كثيرا لأنني أعتبر الموسيقى هواية، بالرغم من كون العديد من أصدقائي الموسيقيين ذوي أسماء شهيرة في الميدان يتساءلون لماذا أرفض أن أبني مسارا موسيقيا بحكم تمكني.


الكاتب : سهام القرشاوي

  

بتاريخ : 06/08/2022