الفن، وعلى رأسه المسرح، ليس ترفا ولا زينة للحياة، بل ضرورة وجودية تسائل الواقع وتكشف مكبوتاته.
من موقعي كفنان مسرحي وخريج علم النفس، أرى أن الإبداع لا ينمو إلا في بيئة تسمح بالاختلاف، وتشجع على طرح الأسئلة، لا قمعها.
لكننا في مجتمعات ما زالت ترزح تحت وطأة عادات مقدسة، وقراءات مغلقة للدين، نجد أن الفن يجرم لمجرد كسره للتابوهات، ويمنع لأنه يلامس الحقيقة.
لا أتحدث عن جوهر الدين، بل عن سلطته حين تتحول إلى أداة ضبط ومراقبة.
ليست الحداثة قطيعة مع الهوية، بل مساءلة لها. كما قال عبد الله العروي: «الحداثة تعني إخضاع التراث للنقد لا إلغائه.» وفي المسرح، تتجسد هذه الحداثة عبر تفكيك البنى، وفتح الباب أمام تجربة الإنسان الحقيقية، بكل ما فيها من هشاشة وشجاعة.
لقد منعت مسرحيات، وتمت ملاحقة فنانين، لا لشيء سوى أنهم أرادوا التعبير بحرية. وكما قال سعد الله ونوس: «نحن محكومون بالأمل.»
هذا الأمل يكمن في قدرة الفن على النجاة، وعلى إعادة بناء الإنسان من الداخل.
فلا نهضة من دون حرية، ولا حرية بلا فن يعيد للإنسان صوته وصورته.