الفن فقد أحد أكثر وجوهه نقاء وتواضعا .. وداعا لطفي لبيب الفنان الجندي الذي شارك في حرب أكتوبر ورفض تكريم الاحتلال

رحل عن عالمنا أمس الأربعاء الفنان المصري القدير لطفي لبيب عن عمر ناهز 77 سنة، بعد معاناة طويلة مع المرض، تاركا خلفه مسيرة فنية وإنسانية متميزة طبعت الذاكرة العربية بنبرة الصدق والالتزام.
نقابة المهن التمثيلية المصرية أكدت خبر الوفاة، فيما نعاه نقيب الممثلين أشرف زكي في تدوينة مؤثرة وصفه فيها بصاحب البهجة وأحد أنبل من مروا في المهنة. وسرعان ما انهالت رسائل التعازي من فنانين ومثقفين عرب ومصريين، بينهم يسرا، وصابرين، وأحمد حلمي، وشيرين رضا، والمخرج محمد فاضل، الذين استحضروا خصاله الهادئة ومواقفه المبدئية وإنسانيته الرفيعة، مؤكدين أن الفن فقد أحد أكثر وجوهه نقاء وتواضعا
وكتب السيناريست مدحت العدل” لطفي لبيب لم يكن ممثلا فقط، بل ضميرا هادئا للفن المصري”.
ونعاه أيضا الروائي إبراهيم عبد المجيد قائلاً: “رحل الصديق الفنان الذي لم تغيره الأضواء، وبقي بسيطا حتى النهاية”.
ولد الفنان الكبير لطفي لبيب سنة 1947، وتخرج من المعهد العالي للفنون المسرحية، غير أن خدمته العسكرية التي دامت ست سنوات ضمن صفوف “الكتيبة 26″، والتي شارك من خلالها في حرب أكتوبر 1973، ثم سنوات غربته، أخرت انطلاقته الفنية.
وقد وثق تجربته الحربية في كتاب بعنوان الكتيبة 26، صدر سنة 1975.
رفض الراحل كل أشكال التطبيع الثقافي، ووقف في وجه محاولات تكريمه من السفارة الإسرائيلية في القاهرة، قائلاً: “لا أقبل الجلوس مع من يحتل فلسطين، فكيف أقبل تكريمه؟”.
وقد ظل طيلة مساره ملتزما بهذا الموقف دون مواربة.
على مدى أكثر من ثلاثة عقود، بصم لطفي لبيب السينما والتلفزيون والمسرح بأدوار ظلت محفورة في وجدان المشاهد، من بينها أدواره في السفارة في العمارة، عسل أسود، صاحب السعادة، عدلي علام، الريان وغيرها، حيث جسد شخصية الأب، والمثقف، والطبيب، والضابط، بعمق إنساني وتنوع مذهل.
خلال السنوات الأخيرة، تدهورت حالته الصحية بعد تعرضه لجلطة دماغية، خضع على إثرها لعلاج طويل، قبل أن ينقل مؤخرا إلى العناية المركزة بعد إصابته بنزيف حاد في الحنجرة والتهاب رئوي، ليفارق الحياة بهدوء يشبه ملامحه.
برحيل لطفي لبيب، يفقد الفن العربي أحد أبرز وجوهه الهادئة، وأكثرها التزاما بالقيم، وأقلها صخبا. فنان لم يكن نجما صاخبا، كما يقول أصدقاؤه وزملاؤه ،بل ضوءا خافتا يسكن الشاشة ويمس القلب دون ضجيج.
رحم الله الفنان الكبير لطفي لبيب.
إنا لله وإنا إليه راجعون.


الكاتب : جلال كندالي

  

بتاريخ : 31/07/2025