الفوضى تطغى على سوق الكتب والدفاتر المدرسية التي تروج 800 مليون درهم

دور النشر ذاتها استفادت من وضعية ريع حقيقية لما يفوق عشرين سنة

أربع دور نشر تستحوذ بمفردها على أزيد من 53 ٪ من حصة السوق

الأرباح تذهب نحو إسبانبا وإيطاليا ولا تستفيد منها صناعة الطباعة الوطنية

 

كشف التقرير السنوي 2023 الذي أصدره مجلس المنافسة أول أمس، أن حجم إنتاج الكتاب المدرسي سنويا، لجميع المستويات الدراسية والمواد التعليمية دون استثناء، يتراوح بين 25 إلى 30 مليون كراسة. وتتيح هذه الكميات، التي يتم طبعها سنويا وبيعها معظمها، إنجاز رقم معاملات في سوق الكتاب المدرسي بنحو 400 مليون درهم في سوق النشر كلها، بما في ذلك الكتب الموازية والثقافية، برقم معاملات إجمالي بحوالي 800 مليون درهم. ووفقا للمهنيين العاملين في القطاع، جزء كبير من هذه المكاسب لا تستفيد منه صناعة الطباعة الوطنية، ذلك أن 40 إلى 50 في المائة من الإنتاج يتم عن طريق المناولة بالخارج، خاصة في إسبانيا وإيطاليا.
وأوضح ذات التقرير أن عدد مشاريع الكراسات المدرسية، المسلمة تبعا للدعوات إلى المنافسة المطروحة في الفترة الممتدة بين 2002 و 2008، بلغ ما يناهز 1242 مشروعا مقابل 381 طلبا للعروض، تقدم بها 43 ناشرا. ورست الصفقات على 36 منهم فقط. وأفضت آلية طلبات العروض هذه، التي ظلت معطلة منذ 2008، إلى إغلاق سوق نشر الكتب. وأتاحت لدور النشر ذاتها الاستفادة من وضعية ريع حقيقية لما يفوق عشرين سنة. واصطدم تفعيل تعددية الكتاب بانعدام الرؤية بشأن المعايير الواجب الأخذ بها لاختيار الكراسة المدرسية المراد اعتمادها من قبل مؤسسات التعليم المدرسي.
وفضح التقرير مفارقة عجيبة تهيمن على هذا القطاع، حيث يؤهل المرسوم رقم 2.02.376 بمثابة النظام الأساسي الخاص بمؤسسات التربية والتعليم العمومي المجالس التعليمية المحدثة على صعيد كل مؤسسة من مؤسسات التعليم العمومي (المدارس الابتدائية والثانويات الإعدادية والتأهيلية) لاختيار الكتب المدرسية المراد اعتمادها حسب المواد والمستويات، غير أن تفعيل هذه الصلاحية لم يُجسد على أرض الواقع لغياب مسطرة دقيقة. ولمواجهة هذه الوضعية، قررت وزارة التربية الوطنية في2003، بموجب مذكرة مصلحية، إسناد هذه المهمة للأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين عن طريق النيابات التابعة لها بالعمالات والأقاليم. وفي غياب مشاورات جديدة، تباشر الوزارة، كلما استدعت الضرورة ذلك، تقويمات للكتب المدرسية المصادق عليها بواسطة ملاحق عقود موجهة لناشري هذه الكراسات فقط. وتنص هذه الملاحق على تمديد صلاحية الكتب في كل مناسبة لمدة سنة واحدة.
وأثبت تحليل حصص سوق الناشرين، المحتسبة استنادا إلى العناوين المصادق عليها من طرف الناشرين، صحة ركود سوق الكتاب المدرسي، حيث ظلت حصص المتنافسين مستقرة تقريبا لأزيد من عشرين سنة. وأبانت عن انقسام جديد لسوق النشر، حيث تتوفر دار النشر الأولى على حصة تقارب 11 في المائة، في الوقت الذي تمتلك الغالبية العظمى من دور النشر حصصا تقل عن 3 في المائة. ومراعاة للروابط الرأسمالية والتجارية والعائلية لمسيري دور النشر، تتغير كثيرا صورة بنية سوق الكتاب. بعبارة أخرى، تمكن فرعين أو أكثر من نفس المجموعة من إبرام عقود منفصلة مع الوزارة. في الواقع، تتوفر دور النشر الأربعة الأولى على حصة سوقية تراكمية تبلغ أزيد من 53 في المائة، أي أكثر من نصف حصص السوق. وينضاف إلى هذا التركيز الاقتصادي تركيز جغرافي، لاسيما وأن المقرات الرئيسية لمعظم شركات النشر، المحدثة على شكل شركات مساهمة أو شركات ذات مسؤولية محدودة، تتمركز أساسا بمدينة الدار البيضاء، وبصورة ثانوية بمدينة الرباط.
وقد أسفر تعدد الكتب المدرسية، المنبثق عن الإصلاح الذي أدخله الميثاق الوطني للتربية والتكوين الصادر في 2000، عن انفجار حقيقي في الطلب على هذه الكتب. ويتعلق الأمر بطلب هائل ومنتظم وموسمي يعبر عنه بمناسبة الدخول المدرسي، ويتعلق بفترة معينة لا تتعدى أسبوعين من شهر شتنبر كل سنة. ويرتهن هذا الطلب بقوة بعدد التلاميذ المتمدرسين في الأسلاك الابتدائية والإعدادية والثانوية بمؤسسات التعليم المدرسي العمومي والخصوصي على السواء.


الكاتب : عماد عادل

  

بتاريخ : 06/09/2024