القانون الجديد كرس المقاربة الوقائية التي تقتضي تعزيز التدابير الاحترازية

رئاسة النيابة العامة والهيئة الوطنية للمعلومات المالية تتصديان لغسل الأموال وتمويل الإرهاب

قال الوكيل العام للملك رئيس النيابة العامة، إن تطور ظاهرة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وما يترتب عنها من مخاطر جسيمة على أمن واستقرار الدول فضلا عن خاصيته العابرة للحدود وطبيعته المعقدة التي يصعب كشفها، يستدعي تعزيز سبل التعاون بين كافة الفاعلين والمعنيين بهذه القضايا بما فيها أجهزة إنفاذ القانون وهيئات الرقابة وغيرها، لا سيما أن بلادنا تعرف اليوم مواكبة دقيقة من قبل فريق المراجعة التابع لمجموعة العمل المالي لشمال إفريقيا والشرق الأوسط للوقوف على مدى التقدم الحاصل على مستوى تنزيل بنود خطة العمل الموضوعة من طرفه في هذا الإطار، خاصة ما يتعلق بتعزيز آليات التنسيق والتعاون بين كافة الأجهزة الفاعلة في محاربة غسل الأموال وتمويل الإرهاب على المستوى الوطني.
وكشف مولاي الحسن الداكي بمناسبة توقيع اتفاقية الشراكة والتعاون بين رئاسة النيابة العامة والهيئة الوطنية للمعلومات المالية، عن انخراط رئاسة النيابة في الاستراتيجية الوطنية المخصصة لمكافحة هذا النوع من الإجرام الخطير سواء على المستوى الوطني من خلال الحرص على سرعة وفعالية الأبحاث التمهيدية والمساعدة في تجهيز الملفات لتقليص أمد البت في الدعوى العمومية، أو على المستوى الدولي من خلال تفعيل إجراءات التعاون الدولي وتفعيل المعايير الدولية وعلى رأسها توصيات مجموعة العمل المالي بمناسبة إدارة الأبحاث التمهيدية وجمع وسائل الإثبات وتحريك المتابعات، كما تم توجيه دوريتين إلى النيابات العامة من أجل التوجيه والتحسيس ووضع مؤشرات لقياس الأداء بما يتناسب مع المخاطر، بالإضافة إلى وضع نظام معلوماتي خاص بقضايا غسل الأموال على مستوى المحاكم الابتدائية بالرباط، مراكش، الدار البيضاء وفاس ومحاكم الاستئناف لهذه المدن ذات الإختصاص مكانيا، فضلا عن وضع تطبيقية معلوماتية خاصة بإجراءات التعاون الدولي على مستوى رئاسة النيابة العامة وإعداد دليل إرشادي حول تقنيات البحث والتحقيق في جرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب وتعقب الأموال ذات الصلة وحجزها.
وعدد الاتفاقيات التي سبق وأن تم توقيعها بين هذه الرئاسة وبنك المغرب، وكذا الهيئة المغربية لسوق الرساميل، ومجلس المنافسة والمجلس الأعلى للحسابات والمجلس الأعلى للسلطة القضائية، والتي تصب جميعها في محاربة كافة أشكال الإجرام التي تمس النظام المالي وغسل الأموال وتمويل الإرهاب والجرائم الأصلية، من شأنها أن تشكل خطوات فعالة وملموسة سيكون لها بالغ الأثر على تقييم بلادنا وسوف تكون عاملا مهما مساعدا للخروج من عملية المتابعة المعززة مشيرا  إلى الدور المحوري الذي تلعبه الهيئة الوطنية للمعلومات المالية داخل المنظومة الوطنية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب بالنظر إلى المهام القانونية والتنظيمية المنوطة بها في مجال معالجة الملفات المرتبطة بجرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب والجرائم الأصلية، فالهيئة، يقول، من خلال الصلاحيات التي يخولها لها القانون، يمكن أن تتخذ كافة التدابير اللازمة التي تمكنها من تجميع وتكوين قاعدة بيانات خلال جميع مراحل معالجة الملفات التي تتلقاها، تضم معلومات مالية مهمة من شأن تسهيل تبادلها أن يمكن أجهزة إنفاذ القانون من استثمارها خلال إجراء الأبحاث القضائية وتجميع المعلومات والمعطيات والكشف عن المتحصلات المالية للمتورطين في جرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب والجرائم الأصلية.
رئيس الهيئة الوطنية للمعلومات المالية جوهر النفيسي، أكد أن الاتفاقية تهدف بالأساس إلى وضع إطار للتعاون والتنسيق بين رئاسة النيابة العامة والهيئة الوطنية للمعلومات المالية بهدف ضمان التبادل السريع للمعلومات المتعلقة بجرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب وكذا الجرائم الأصلية ذات الصلة بالإضافة إلى وضع أسس لشراكة فعالة في مجال التكوين والتحسيس وتعزيز التنسيق والتشاور وتقييم مخاطر غسل الأموال وتمويل الإرهاب والحد منها.
وأوضح المتدخل أن هذا التنسيق بين المؤسستين ليس وليد اليوم، فبالإضافة إلى الاختصاص المنصوص عليه في القانون رقم 05-43 والمتعلق بإحالة الملفات من طرف الهيئة الوطنية على النيابة العامة المختصة، تعتبر هذه الاتفاقية تتويجا للدينامية الحثيثة والمضطردة التي أصبح يعرفها التنسيق الوطني خاصة مع السلطات القضائية، والذي تعزز منذ انطلاق عملية التقييم المتبادل للمنظومة الوطنية في مارس 2018، حيث شاركت رئاسة النيابة العامة وبشكل فعال في كل مراحل مسلسل التقييم المتبادل بما فيها اللقاءات المباشرة مع خبراء مجموعة العمل المالي ومجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، كما باشرت العديد من الإصلاحات ونظمت العديد من ورشات العمل والدورات التكوينية والتحسيسية، حيث كان لهذه المبادرات عظيم الأثر في ما تم التوصل إليه من نتائج ملموسة.
وكشف رئيس الهيئة الوطنية للمعلومات المالية، أن المنظومة الوطنية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب عرفت خلال الأربع سنوات الأخيرة طفرة نوعية كان لها أثر جد إيجابي في مجال الملاءمة مع المعايير الدولية ذات الصلة، وذلك باعتراف خبراء مجموعة العمل المالي باعتبارها الهيئة الدولية المختصة في مجال وضع المعايير الدولية ذات الصلة ومراقبة احترامها من طرف الدول وكذا مجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا التي يعتبر المغرب عضوا مؤسسا لها منذ سنة 2004، كما ساهم ورش التعديلات التشريعية والتنظيمية الذي تم تتويجه بنشر القانون رقم 18-12 بتغيير وتتميم القانون الجنائي والقانون رقم 05-43 المتعلق بمكافحة غسل الأموال بالجريدة الرسمية في يونيو 2021، في تعزيز الالتزام الفني بالتوصيات والمعايير الصادرة عن مجموعة العمل المالي، وهو ما يجسد على أرض الواقع الالتزام السياسي الذي عبرت عنه السلطات المغربية لتنفيذ خطة العمل المتفق عليها مع مجموعة العمل المالي وتدارك أوجه القصور التي أثارها تقرير التقييم المتبادل.
وشدد على أن القانون الجديد كرس المقاربة الوقائية التي تقتضي تعزيز التدابير الاحترازية وتعميم النهج القائم على المخاطر بهدف تحصين الأسواق والمؤسسات المالية ومنع استغلال الأشخاص الاعتباريين والمنظمات غير الهادفة للربح لأغراض غير مشروعة أو إخفاء العائدات المتحصلة من الجريمة، كما غطى هذا القانون الجديد إحدى الثغرات التي كانت تعتبر استراتيجية في المنظومة الوطنية وتتعلق بإحداث آلية قانونية وإجرائية لتنفيذ قرارات مجلس الأمن التابع لمنظمة الأمم المتحدة المتعلقة بالعقوبات المالية المستهدفة الخاصة بالإرهاب وانتشار التسلح وتمويلهما.


الكاتب : جلال كندالي 

  

بتاريخ : 11/06/2022