ظهرت القدس كمدينة في بداية العصر البرونزي .بناها الكنعانيون حوالي 4000سنة قبل الميلاد ،واكتست منذ تأسيسها طابع القدسية التي عرفت الاستمرار.
اتخذت القدس عدة أسماء منها بدايةسالم ثم أورشليم واستمر تغير اسمها حتى الفتح العربي الإسلامي، حيث اشتهرت باسم بيت المقدس والقدس الشريف. وكانت جل الأسماء التي حملتها أسماء عربية كنعانية تحمل معنى ومضمون القدسية.
كانت القدس أهم مراكز الحضارة الكنعانية ،وحين مر بها إبراهيم عليه السلام سنة 1900 قبل الميلاد، كانت مدينة متكاملة ذات قاعدة ملكية و هياكل دينية ومركز مقدس، مدينة أشارت إليها الثوراة.واحتلها داود عليه السلام عام 1004قبل الميلاد وجعلها عاصمة لملكه .
هذه المملكة عرفت التقسيم وعاشت إثر ذلك أحداثا كثيرة،كما تعرضت المدينة لاستيلاءات إحتلالات وتدمير.
ومع الفتح الإسلامي إكتست القدس قدسية ومكانة أخرى فالله سبحانه و تعالى يقول في كتابه العزيز “سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله: .والرسول الكريم صلى الله عليه وسلم يقول .لا تشد الرحال إلا لثلاثة مساجد. المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى.
تضم القدس مقدسات إسلامية من بينها الحرم الشريف، الصخرة المشرفة.حائط البر اق…..كما تضم مقدسات مسيحية .وفي ظل الحكم العر بي الإسلامي الذي ابتدأ مع فتح القدس، وتسلم الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه مفاتيحها عام 638 ميلادية، أصبحت مركزا من مراكز الحضا رة العربية الإسلامية. وبرز فيها العديد من أعلام الأدب والفكر والعلوم. وفي سنة 688م بنى بهاالخليفة عبدالملك بن مروان مسجد الصخرة المشرفة.وظلت على إشعاعها إلى أن استولى عليها الصليبيون عام 1099م وعانت المدينة وأبناؤها الكثير إلى أن حررها صلاح الدين الأيوبي عام 1187 وعاودت القدس مسيرتها كحاضرة عربية إسلامية ومرت بمجموعة محطات تاريخية هامة إلى أن احتل الصهاينة جزءا كبيرا منها عام 1967.وتعرض المسجد الأقصى لمحاولات عديدة لنسفه وهدمه منذ إحراقه سنة 1969من طرف متطرفين يهود.لتدخل المدينة عصرا من الهمجية والعنصرية والتعصب الديني…..
وظلت القدس وفلسطين عامة في وجدان المسلمين وفي صلب اهتمامهم والقضية هي قضيتهم الأساسية والجوهرية.
القدس كذلك حاضرة بقوة في المجال الغنائي ومن بين القصائد التي كتبت عنها وتحولت إلى أغاني، قصيدة زهرة المدائن التي أدتها المطربة اللبنانية الكبيرة فيروز، والتي أصبحت شهيرة، وفيروز لها طبيعة روحية متأملة في الحياة التي عاشتها فنيا بكامل الهالة و تعاملت مع الفن كرسالة نبيلة.
أغاني فيروز عبرت بواسطتها عن المشاعر العربية المشتركة، غنت عن الأمل.الفرح والحزن. الوطن.الطبيعة الإنسان. الشعب الفلسطيني وقضيته.غنت في العديد من مدن العالم ومنها العربية.
زهرة المدائن نالت الإعجاب الكبير والإقبال كباقي أغانيها المتنوعة.وصارت للجمهور العربي علاقة واسعة بالمؤسسة الفيروز رحبانية.
تقول الأغنية:
لأجلك يامدينة الصلاة أصلي.
لأجلك يا بهية المساكن يازهرة المدائن
ياقدس يا مدينة السلام أصلي.
عيوننا إليك ترحل كل يوم.
تدور في أروقة المعابد تعانق الكنائس القديمة
وتمسح الحزن عن المساجد.
ياليلة الإسراء يادرب من مروا إلى السماء.
عيوننا إليك تر حل كل يوم وإنني أصلي.
الطفل في المغارة وأمه مريم وجهان يبكيان
لأجل من تشردوا لأجل أطفال بلا منازل.
لأجل من دافع واستشهد في المداخل
واستشهد السلام في وطن السلام.
وسقط العدل على المداخل.
حين هو ت مدينة القدس
تراجع الحب وفي قلوب الدنيا استوطنت الحرب.
الطفل في المغارة وأمه مريم وجهان يبكيان وإنني أصلي.
الغضب الساطع آت وأنا كلي إيمان.
العضب الساطع آت سأمر على الأحزان.
من كل طريق آت بجياد الرهبة آت.
وكوجه الله الغامر آت آت آت.
لن يقفل باب مدينتنا فأنا داهبة لأصلي.
سأدق على الأبواب وسأفتحها الأبواب
وستغسل يا نهر الأردن وجهي بمياه قدسية.
وستمحو يانهر الأردن آثار القدم الهمجية.
الغضب الساطع آت بجياد الرهبة آت.
وسيهز م وجه القوة
البيت لنا والقدس لنا وبأيدينا سنعيد بهاء القدس.
بأيدينا للقدس سلام آت آت…
فيروز كان لها استحقاق بأن حملها المقدسيون مفتاح مدينتهم عام 1968.ومنحتها السلطة الوطنية الفلسطينية جائزة القدس سنة 1997.