القضاء الإدراي ينتصر للكتاب الذين سحبت منهم جائزة المغرب للكتاب

 

أصدرت المحكمة الإدارية بالرباط، أول أمس الثلاثاء 20 شتنبر الجاري، حكما بإلغاء قرار وزير الثقافة والشباب محمد المهدي بنسعيد الذي اتخذه يوم 18 مارس الماضي، والذي بمقتضاه قرر سحب جائزة المغرب للكتاب لسنة 2021 من تسعة مرشحين فازوا فيها مناصفة وهم : يحيى اليحياوي، إدريس مقبول، يحيى بن الوليد، أحمد بوحسن، الطيب أمكرود، ومحمد الجرطي ومحمد علي الرباوي، حسن أوبراهيم أموري، بوبكر بوهادي.
القرار الذي جاء حكم المحكمة لتصحيحه، اتخذ بحكم قطعي «إلغاء القرار المطعون فيه مع ترتيب الآثار القانونية على ذلك وأداء المدعى عليها لفائدة المدعي تعويضا عن الضرر المعنوي قدره (درهم واحد) مع تحميل الجهة المدعى عليها المصاريف».
وكان وزير الثقافة المهدي بنسعيد ، قرر في ما يمكن تسميته بـ»عقاب جماعي»، سحب الجائزة من عدد من الكتاب المتوجين بها مناصفة، بعد أن بعث الفائزون برسالة/ ملتمس الى مديرة مديرية الكتاب لطيفة مفتقر يطالبون فيها بمنح مبلغ الجائزة كاملا لكل فائز، مستندين الى منطوق المادة 13 من المرسوم المنظم للجائزة التي تقول: «يمنح الفائز بجائزة المغرب للكتاب: شهادة، تذكاراً، ومبلغاً صافياً قدره مائة وعشرون ألف درهم (120.000 درهم»، «موضحين أنه» لاوجود لمادة تنص على المناصفة في المرسوم وعبارة الفائز تنطبق على كل مرشح فائز بالجائزة ظفر عمله برضا اللجنة المختصة».هذه اللجنة التي تم تجاوز رؤسائها حين صدر القرار الوزاري بشكل أحادي رغم أنها هي التي منحت الجائزة، بناء على تقارير حول الأعمال الفائزة.
القرار الذي اتخذه الوزير، اعتبر مطالبة الفائزين بمبلغ الجائزة كاملا «سابقة في تاريخ الجائزة الذي تجاوز نصف قرن من الإشعاع المبني على استحضار جوانبها الاعتبارية ومكانتها المعنوية التي توجت كبار المفكرين والمبدعين والمؤلفين المغاربة في مختلف أصناف المعرفة»، وأن «مبدأ المناصفة معمول بها عالميا ويقوم على اقتسام مبلغ الجائزة بين الفائزين بالمناصفة»، واصفا المطالبين القرار بأنهم « اختزلوا كل دلالات الجائزة في قيمتها المادية».
ولأن القرار أساء، حسب العديد من المثقفين والكتاب، الى الفائزين ومكانتهم الاعتبارية ومس بكرامتهم وبحضورهم الرمزي، ، فقد رد المعنيون عبر بيان على الحيثيات التي ساقها الوزير بأنهم « في الوقت الذي كان يُنتظر فتح حوار معنا نحن المعنيين بالملتمس، ظلت أبواب مديرة الكتاب في الوزارة السيدة لطيفة مفتقر وكذا أبواب الوزير في القطاع السيد محمد المهدي بن سعيد موصدة، في الوقت الذي جرت فيه مساع سلبية داخل الوزارة تهيئ لانقلاب مكتمل الأركان على الثقافة، في وزارة تُعنى بالثقافة، حيث سعت الوزارة لاستدعاء رؤساء اللجن العلمية لدفعهم في اتجاه تغيير نتائج الجائزة في الفروع التي عرفت المناصفة، وهي سابقة سوداء لم تعرفها الجائزة»، حيث أن اللجنة لم تستجب لذلك.
كما لفت المتضررون من القرار نظر الوزير الى وجود سابقة مماثلة في تاريخ الجائزة، وذلك « سنة 1996، حيث فاز يحيى اليحياوي وأحمد المتوكل بالجائزة مناصفة مع تمكينهما من قيمة الجائزة كاملة لكل واحد منهما».
الواقعة وتوابعها القضائية، كما حدثت اليوم، تعييد الى الاذهان واقعة أخرى حسمتها ردهات المحاكم بين وزارة الثقافة وفائز بالجائزة نفسها في صنف العلوم الاجتماعية في 2018، ويتعلق الأمر بالباحث والخبير المغربي في الحوكمة ومكافحة الفساد محمد براو الذي فاز بجائزة المغرب للكتاب في صنف العلوم الاجتماعية مناصفة مع الدكتور أحمد شراك ، حيث بعد الإعلان عن فوزه، لم يستدع كباقي الفائزين لتسلم الجائزة، ولم يتوصل بأي تذكار ولا بالقيمة المالية للجائزة ما دفعه الى اللجوء الى القضاء الإداري الذي أنصفه بعد أن تعللت الوزارة بأن سحب الجائزة منه يعود الى كونه يمارس مهنة القضاء، مستندة الى المادة 182 من مدونة المحاكم المالية التي» تمنع على كل قاض مهني أن يزاول نشاطا يدر عليه ربحا كيفما كان نوعه، ولا يمتد هذا المنع الى التآليف الأدبية والعلمية والفنية، شريطة ألا يشير الى صفته القضائية إلا برخصة من الرئيس الأول بعد موافقة رئيس قضاء المحاكم المالية», ولان الفائز لم يشر الى صفته المهنية في الكتاب الفائز، فإن القضاء أمر بإلغاء قرار وزير الثقافة أنذاك محمد الأعرج ، وبإعادة الجائزة لصاحبها.
إن جائزة بحجم جائزة المغرب للكتاب، صونا لمكانتها الرمزية ولكونها الجائزة الوحيدة التي تمنحها وزارة الثقافة في بلد يحصد أغلب كتابه ومثقفيه معظم الجوائز العربية في جميع أصناف الإبداع، لا يمكن أن تتحول إلى موضوع نزاعات تفصلها ردهات المحاكم، وتفقدها بالتالي قيمتها، وهو ما يطرح، بإلحاح، ضرورة إصلاح ومراجعة القانون المنظم لها، ليس في جانبه المادي فقط ولكن في شقها التقني ، حيث تعتبر» جائزة المغرب للكتاب» الجائزة الوحيدة في العالم التي يمكن فيها للمرشح الواحد تقديم ترشيحين في فرعين مختلفين من الجائزة، دون أن ينتبه القيمون عليها لهذه الثغرة الفادحة.


الكاتب : حفيظة الفارسي

  

بتاريخ : 22/09/2022