استعراض عدد من المواقف السياسية والديمقراطية والتحذير من اختلال توازن المؤسسات
والتأكيد على الفعل السياسي الحقيقي للمعارضة
نقدم في هذا المقال تركيزا شاملا لمواقف إدريس لشكر، الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، كما عبّر عنها في برنامج «نبض العمق»، حيث حمّل الحكومة مسؤولية الفواجع التي شهدتها آسفي وفاس، منتقداً غياب منطق الوقاية والاستباق في السياسات العمومية، رؤيته لدور المعارضة وحدود الفعل السياسي، وتحذيره من اختلال التوازن المؤسساتي، إضافة إلى توضيح علاقات حزبه مع باقي الفاعلين السياسيين، والدفاع عن اختياراته التنظيمية داخل الاتحاد الاشتراكي، في سياق يسعى فيه إلى ربط المسؤولية بالمحاسبة واستعادة الثقة في العمل السياسي.
فواجع آسفي وفاس تكشف عجز الحكومة عن الوقاية وتحملها المسؤولية السياسية
أكد الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، إدريس لشكر، أن الفواجع التي شهدتها مدينتا آسفي وفاس كشفت، بشكل صارخ، حدود الأداء الحكومي، وعجزه عن الانتقال من منطق التدبير الظرفي إلى منطق الوقاية والاستباق، محمّلاً الحكومة المسؤولية السياسية الكاملة عن الخسائر البشرية التي خلفتها الفيضانات.
وأوضح لشكر، خلال حلوله ضيفاً على برنامج “نبض العمق” الذي بث مساء الجمعة على منصات “العمق المغربي”، أن قواعد الديمقراطية واضحة ولا تحتمل التأويل، إذ تقع مسؤولية حماية المواطنين وتدبير الاستثمارات العمومية على عاتق السلطة التنفيذية، في حين يقتصر دور المعارضة على التنبيه والاقتراح والمراقبة.
وشدد على أن ما حدث لم يكن قدراً مفاجئاً ولا حادثاً معزولاً، بل نتيجة مباشرة لغياب إرادة حقيقية لتفعيل دراسات وإنذارات ظلت موثقة ومعروفة منذ سنوات، معتبراً أن تحميل أحزاب المعارضة مسؤولية ما جرى في آسفي أو فاس يشكل مغالطة للرأي العام، بحكم أن هذه الأحزاب لا تتوفر على ميزانيات الدولة ولا تشرف على تنفيذ المشاريع أو اتخاذ قرارات البنية التحتية والوقاية من المخاطر.
وأشار الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي إلى أن الكوارث الطبيعية، خاصة الفيضانات، ليست مجهولة المواقع ولا غير متوقعة، مؤكداً أن الدراسات التقنية والعلمية حددت منذ زمن مناطق الهشاشة ومكامن الخطر. واستحضر في هذا السياق تجارب سابقة، من بينها ما وقع بمنطقة ستي فاطمة، حيث ساهم اعتماد مقاربات وقائية، مثل محطات الإنذار المبكر ومعالجة أسباب الخطر، في تفادي تكرار المآسي.
ولفت لشكر إلى أن المغرب يتوفر حالياً على معطيات دقيقة تتعلق بالفيضانات والجفاف والضغط المائي، غير أن الإشكال، بحسبه، يكمن في غياب الترجمة العملية لهذه المعطيات إلى سياسات عمومية استباقية. واعتبر أن معالجة هذه الاختلالات تتطلب تعبئة مالية واضحة ومبرمجة، مشيراً إلى أن الدراسات تقدر الحاجة بحوالي 40 مليار درهم، يمكن رصدها على أشطر، من أجل الوقاية من الفيضانات وحماية الأرواح والممتلكات، بدل الاكتفاء بالتدخل بعد وقوع الكوارث.
وانتقد لشكر استمرار منطق الانتظار والتدخل بعد الفاجعة، معتبراً أنه يكرس الهشاشة ويضاعف كلفة الخسائر الإنسانية والمادية.
وفي هذا الإطار، توقف المتحدث عند الرسالة الملكية الموجهة إلى الحكومة عقب فاجعة آسفي، واصفاً إياها بالتنبيه الواضح والمسؤول الذي دعا إلى التسريع بالمعالجة الجذرية، ومبرزاً أن التدخل الملكي كان حاسماً في الحد من تفاقم الأضرار، وأن الرسالة حملت توجيهات دقيقة حول ما ينبغي القيام به، مؤكداً أنه لولا هذه المبادرة لكان من الممكن أن تتسع دائرة الخسائر.
كما أوضح أن حزب الاتحاد الاشتراكي اختار، في تعاطيه مع هذه الفواجع، الابتعاد عن منطق الشعبوية والمزايدات السياسية، ورفض استغلال آلام الضحايا لأغراض انتخابية أو إعلامية، مفضلاً الاشتغال الهادئ عبر تنظيماته الجهوية والمحلية، خاصة بآسفي، والتفكير في مبادرات ذات طابع اقتراحي، قبل التركيز على تتبع تنفيذ التوجيهات الملكية وممارسة دوره الرقابي داخل المؤسسات.
وربط لشكر بين المآسي الاجتماعية التي تكشفها الكوارث الطبيعية والمفارقة الأوسع التي يعيشها المغرب، حيث تتجاور لحظات الفرح الجماعي، مثل التتويج الكروي الأخير، مع صور الألم والفقدان، معتبراً أن هذه المفارقة تعكس عمق الاختلالات البنيوية التي لا تزال تعيق ربط الفعل العمومي بالكرامة الاجتماعية، ومحذراً من تحويل النجاحات الرياضية إلى غطاء يحجب أعطاباً مزمنة في تدبير الشأن العام.
وختم لشكر بالتأكيد على أن استعادة الثقة في السياسة تمر عبر وضوح المسؤوليات، وفي مقدمتها مسؤولية الحكومة عن حماية الأرواح والوقاية من الكوارث، وربط الخطاب بالممارسة، والقطع مع التوظيف المناسباتي للأحداث، معتبراً أن الرهان الحقيقي يكمن في بناء سياسات عمومية استباقية وعادلة تجعل من كرامة المواطن جوهر الفعل السياسي.
لشكر: معارضة بلا أوهام… وتحذير من اختلال التوازن المؤسساتي
كشف الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، إدريس لشكر، خلال حلوله ضيفاً على برنامج “نبض العمق”، عن مواقف حزبه إزاء عدد من القضايا السياسية والمؤسساتية الراهنة، منتقداً ما اعتبره توظيفاً سياسياً لآليات دستورية يعلم الجميع محدودية تفعيلها في ظل التوازنات البرلمانية الحالية، ومشدداً على أن هذا السلوك يسيء للعمل الديمقراطي ويقوض ثقة المواطنين في المؤسسات.
وأكد لشكر أن الاتحاد الاشتراكي يرفض الانخراط في ممارسات توهم الرأي العام بوجود معارضة قوية، بينما تقوم في الواقع على عناوين غير قابلة للتنزيل، محذراً من تحويل الآليات الدستورية إلى أدوات للاستهلاك الإعلامي بدل استعمالها في إطار مسؤول وواقعي.
البعد الأول: المعارضة وحدود الممكن السياسي
وفي ما يتعلق بانفراط التنسيق مع حزب التقدم والاشتراكية، أوضح لشكر أن الخلاف لم يكن مبدئياً حول ملتمس الرقابة، بل مرتبطاً بطريقة تدبير هذه المحطة، بين من ينظر إليها كخطوة ظرفية، ومن يدافع عن بناء تحالف سياسي استراتيجي قائم على وضوح الرؤية وتقاسم الأدوار.
وشدد على أن الاتحاد الاشتراكي لا يمكنه تقديم تنازلات تمس موقعه المؤسساتي، خصوصاً رئاسة لجنة العدل والتشريع، معتبراً أن تقييم أداء الحزب داخل هذه اللجنة ينبغي أن يستند إلى المعطيات الرقمية والنصوص القانونية والنتائج المحققة، وليس إلى الانطباعات أو الاتهامات الجاهزة.
وفي رده على الانتقادات التي تتحدث عن تراجع صوت الاتحاد داخل البرلمان في ملفات كبرى، من بينها صفقات الأدوية، اعتبر لشكر أن هذه الاتهامات تفتقر إلى الدقة، داعياً إلى الرجوع إلى مداخلات رئيس الفريق النيابي عبد الرحيم شهيد، وإلى مواقف الفريق بمجلس المستشارين، ومؤكداً أن مواقف الحزب موثقة ومسجلة.
وبخصوص المطالبة بتشكيل لجان لتقصي الحقائق، وصف لشكر إثارة هذه الآلية دون توفر شروطها القانونية بالعبث السياسي، مبرزاً أن رفع هذا الشعار مع العلم المسبق باستحالة تفعيله يشكل تضليلاً للرأي العام، في ظل غياب العدد الكافي من التوقيعات داخل المعارضة.
البعد الثاني: التوازن المؤسساتي والتحذير من منطق التغول
وحذر لشكر من أن استمرار وضعية أغلبية ساحقة مقابل معارضة ضعيفة يفرغ البرلمان من أدواره الرقابية والتشريعية، ويكرس منطق التحكم، داعياً إلى جعل أفق 2026 محطة لإعادة الاعتبار للتوازن المؤسساتي.
واستحضر في هذا السياق تجربته السابقة وزيراً مكلفاً بالعلاقات مع البرلمان، مشيراً إلى أنه سبق أن نبه إلى خطورة تحويل جلسات المساءلة البرلمانية إلى منابر شعبوية أو فضاءات لتصفية الحسابات، معتبراً أن هذا السلوك ساهم في تراجع صورة المؤسسة التشريعية وفي تعميق أزمة الثقة لدى المواطنين.
وأكد أن المغرب في حاجة إلى توازن مؤسساتي حقيقي، محذراً من إعادة إنتاج منطق التغول، سواء باسم أغلبيات سابقة أو حالية، ومشدداً على أنه لا يمكن تعويض ما وصفه بتغول العدالة والتنمية في مرحلة سابقة بتغول جديد مرتبط بالأغلبية الحالية برئاسة عزيز أخنوش.
وعلى المستوى الحزبي، أوضح لشكر أن الاتحاد الاشتراكي اختار في محطات سابقة الانخراط الميداني في النقاش العمومي، عبر إشراك شبيبته والنقابات الاتحادية في التظاهرات والاحتجاجات، بدل الاكتفاء ببيانات وصفها بالمجامِلة، مبرزاً أن الحزب ظل منفتحاً على التنسيق مع قوى سياسية أخرى، بما فيها أحزاب من الأغلبية.
ملف الصحافة والمجلس الوطني للصحافة.
نفى لشكر أن يكون الاتحاد قد أحرجته هذه القضية، مؤكداً أن ما جرى داخل المجلس أو النقابة لا تتحمل مسؤوليته قيادة الحزب، وأن تصرفات بعض الأعضاء تمت بشكل فردي، مشدداً على أن المسؤولية السياسية والقانونية تعود إلى الجهة الحكومية المشرفة على المشروع.
وانتقد لشكر ما اعتبره خرقاً للقواعد الدستورية في تدبير بعض القوانين، محذراً من اعتماد صيغ قانونية هجينة في نمط الاقتراع والتمثيلية، وداعياً إلى التروي وتحمل المسؤولية تفادياً للإضرار بثقة المواطنين في المؤسسات.
وختم لشكر بالتأكيد على أن الاتحاد الاشتراكي سيواصل معارضته من داخل المؤسسات، معارضة وصفها بالمسؤولة، تقوم على الوضوح واحترام القواعد وربط المسؤولية بالمحاسبة، بعيداً عن الشعارات الفارغة والممارسات التي تسيء للعمل السياسي والديمقراطي.
الاتحاد الاشتراكي والعدالة والتنمية: اختلاف مرجعي لا خصومة ظرفية
أكد الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، إدريس لشكر، أن العلاقة بين حزبه وحزب العدالة والتنمية تقوم على اختلاف جذري في المرجعيات، وليس على خصومة سياسية ظرفية أو حسابات انتخابية عابرة.
وأوضح لشكر، خلال استضافته في برنامج “نبض العمق”، أن الخلاف مع العدالة والتنمية ليس تقنياً ولا انتخابياً، بل هو خلاف عميق في الرؤية المرجعية وفي فهم السياسة والعمل المؤسساتي. واعتبر أن الاتحاد الاشتراكي لا يمكن أن يتحالف مع حزب يرى أنه ساهم في إفراغ البرلمان من أدواره الدستورية وتحويله إلى فضاء للعبث والمزايدة والشعبوية.
وأشار إلى أن حزبه لا يعادي العدالة والتنمية كتنظيم سياسي، غير أنه يرفض منطق الاشتغال الذي اعتمد على استغلال المؤسسات بدل تقويتها، وعلى إضعاف أدوار المعارضة بدل ترسيخ التوازن الديمقراطي. وشدد في هذا السياق على أن الاتحاد الاشتراكي لا يعيش أي توتر نفسي أو سياسي مع العدالة والتنمية، معتبراً أن من لا يزال منشغلاً بالاتحاد هو الطرف الذي يعاني من هذا التوتر، في حين يشتغل حزبه وفق اختيارات واضحة ومعلنة.
وأكد لشكر أن التقاطع في بعض المواقف داخل البرلمان، خاصة في القضايا المرتبطة بالديمقراطية والحريات وحقوق الإنسان أو بعض القوانين ذات الطابع الاجتماعي، لا يشكل حرجاً للاتحاد الاشتراكي، موضحاً أن التصويت المشترك في هذه الحالات لا يعني القبول بالتحالف أو التطبيع السياسي مع حزب يختلف معه في المرجعية وفي قضايا جوهرية.
واعتبر الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي أن الخلاف الحقيقي مع العدالة والتنمية يتجلى بوضوح في قضية المرأة، التي وصفها بالقضية المركزية في المشروع الاتحادي.
وأكد أنه لا يمكن إطلاقاً الالتقاء مع هذا الحزب في ما يطرحه بخصوص حقوق النساء ومكانتهن داخل المجتمع، معتبراً أن هذا الخلاف يعكس تصورين متناقضين للدولة والمجتمع والحداثة.
وفي ما يتعلق بالجدل الذي رافق واقعة عبارة “ماركسيون على سنة الله ورسوله” داخل مجلس النواب، رفض لشكر اعتبار ما حدث استهدافاً سياسياً موجهاً ضد العدالة والتنمية، معتبراً أن محاولة تحويل الواقعة إلى معركة سياسية تندرج ضمن منطق العبث.
وأوضح أن الأمر يتعلق بنقطة نظام مؤطرة بموجب النظام الداخلي لمجلس النواب، ومرتبطة بالمسطرة واحترام القواعد. وأشار إلى أن رئاسة الجلسة منحت هامشاً واسعاً للتدخل والتعقيب، بما في ذلك التعقيب على التعقيب، قبل العودة إلى تطبيق النظام الداخلي بعد تكرار التنبيهات.
وأكد لشكر أن من حق رئاسة الجلسة، بل من واجبها، تطبيق النظام الداخلي بعد ثلاث تنبيهات، مشدداً على أن احترام المسطرة لا يخضع لأي تأويل سياسي. ودافع عن أداء رئيس الجلسة، إدريس الشطيبي، معتبراً أنه تعامل مع جميع الوزراء على قدم المساواة، مبرزاً أن تجاوز التوقيت القانوني يواجه بالإيقاف مهما كانت صفة المتدخل، بما في ذلك وزير الداخلية، ومتسائلاً عن عدد رؤساء الجلسات الذين يمتلكون الجرأة على إيقاف وزير الداخلية عند تجاوزه الزمن المخصص له.
وأضاف أن فرض قاعدة وقوف المتدخل أثناء الحديث ليس إجراءً سياسياً، بل قاعدة مؤسساتية معمول بها في مختلف الديمقراطيات، مؤكداً أنه لا يمكن منح أي وزير أو مسؤول امتياز مخاطبة المؤسسة من وضع استثنائي خارج القواعد المنظمة.
وأبدى لشكر استغرابه من الاتهامات التي وجهتها المجموعة النيابية للعدالة والتنمية لرئيس الجلسة بكونه “صب الزيت على النار”، مذكراً بأن رئيس الجلسة نفسه سبق أن طُلب منه، من طرف نواب من المعارضة من بينهم العدالة والتنمية، إيقاف وزير العدل بسبب عبارات وُصفت آنذاك بالثقيلة.
وتوقف لشكر عند ما اعتبره ازدواجية في الخطاب، مشيراً إلى أن بعض المعترضين اليوم على تطبيق النظام الداخلي سبق لهم أن خاطبوا المؤسسات بعبارات مسيئة، مؤكداً أنه يترفع عن ذكر الأسماء، لكنه يتحدث عن وقائع معروفة لدى الرأي العام ومتابَعة داخل البرلمان.
وانتقل الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي إلى تقييم عام لوضع المؤسسة التشريعية، معتبراً أن البرلمان المغربي فقد الكثير من حيويته ولم يعد يستقطب اهتمام المواطن، ليس بسبب ضعف الرئاسة الحالية، بل نتيجة اختلالات بنيوية راكمتها سنوات من التدبير غير المتوازن.
وأوضح أن البرلمان، مقارنة بمؤسسات تشريعية أخرى في العالم، يعاني من نوع من “الكبت” الذي أفرغ النقاش من ديناميته وحوله إلى ممارسة شكلية. ورفض في المقابل القول إن مستوى النقاش “تراجع”، معتبراً أن الإشكال الحقيقي يكمن في اختلال التوازن المؤسساتي.
وذكّر لشكر بأن مرحلة ما بعد 2011، التي عرفت صعود حزب العدالة والتنمية كقوة أولى، شهدت تقليصاً ممنهجاً لأدوار المعارضة داخل النظام الداخلي لمجلس النواب. وأضاف أن المعارضة قبل تلك المرحلة كانت تتمتع بصلاحيات أوسع ووقت أكبر للتعبير والمراقبة، غير أن منطق التغول الذي طبع تلك الفترة أدى إلى إضعاف التعدد داخل المؤسسة.
وختم لشكر بالتأكيد على أن الوضع الحالي لا تتحمل مسؤوليته الرئاسة الراهنة لمجلس النواب، بل يعود إلى خيارات سياسية فرضتها أغلبية قوية انخرط فيها الجميع آنذاك، معتبراً أن الإشكال لا يكمن في الأشخاص، بل في منطق التحكم والتغول الذي أفرغ البرلمان من أدواره الدستورية.
اختيارات إدريس لشكر التنظيمية وتشكيلة المكتب السياسي: دفاع عن الشرعية وخيار التجديد
دافع الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، إدريس لشكر، عن شرعية ولايته وخياراته التنظيمية، خلال حلوله ضيفاً على برنامج “نبض العمق”، معتبراً أن الحكم الحقيقي على القيادة يبقى رهيناً بـ“الممارسة والنتائج”.
ورفض لشكر الانتقادات الموجهة إليه بخصوص التمديد لولاية جديدة، مؤكداً أن هذا القرار ليس فردياً، بل هو اختيار تنظيمي نابع من القواعد الحزبية ومن الجهات الاثنتي عشرة.
وتساءل مستنكراً: “لماذا يُطلب مني تبرير رأي الأغلبية؟”، موضحاً أن المؤتمر الوطني عرف نقاشاً حقيقياً داخل اللجان، وأن المعارضين اليوم لا يمثلون سوى أقلية محدودة لا تتجاوز شخصين أو ثلاثة، في مقابل إجماع اتحادي يسعى إلى استعادة قوة الحزب.
وأكد الكاتب الأول أن الاتحاد الاشتراكي استطاع استرجاع مكانته السياسية بفضل مجهودات مناضليه، نافياً أن تكون التغييرات التنظيمية الأخيرة نتاج قرارات فردية، بل ثمرة توافقات مؤسساتية أفرزها المؤتمر الوطني الأخير.
وفنّد لشكر الانتقادات المتعلقة بطريقة تدبير أشغال المؤتمر، مشدداً على أن اللجان اشتغلت في أجواء ديمقراطية، وأن الأصوات المعارضة تظل محدودة ولا تعكس توجه القواعد الاتحادية التي اختارت قيادتها بناءً على معايير الكفاءة والالتزام. وأوضح أن استمراره في قيادة الحزب لولاية إضافية جاء استجابة لإرادة الأغلبية الساحقة داخل الجهات الاثنتي عشرة والمؤتمر الوطني.
وفي ما يخص إبعاد نحو 20 اسماً بارزاً من المكتب السياسي، رفض لشكر وصف ذلك بـ“المجزرة التنظيمية”، كاشفاً أن عدداً من هؤلاء القياديين تقدموا بطلبات إعفاء طواعية، بهدف فسح المجال أمام الشباب والنساء. وأضاف أن الحزب كان سيتعرض لانتقادات بالانغلاق لو احتفظ بالأسماء نفسها، مؤكداً أن مطلب التجديد كان ملحاً لدى المجلس الوطني والقواعد الحزبية، ضماناً لاستمرارية الحزب وتطوير أدائه.
كما دافع الكاتب الأول عن وجود بعض أقاربه داخل الهياكل القيادية، معتبراً أن صلة القرابة لا تلغي حق المواطنة ولا الحق في النضال السياسي. وأوضح أن اختيار ابنته خولة لشكر ونجل شقيقته تم بناءً على مسار نضالي طويل امتد لأكثر من ثلاثة عقود داخل الشبيبة الحزبية والقطاعات المهنية والكتابات الإقليمية، مشدداً على أن معيار الاستحقاق هو الفيصل، وليس “المنطق العائلي”.
وفي رده على المقارنة بين مرحلة الزعيم الراحل عبد الرحيم بوعبيد، الذي كان زاهداً في المقاعد، والوضع الحالي لحزب “الوردة”، أوضح لشكر أن استراتيجيات النضال الديمقراطي تتغير بتغير السياق السياسي في المغرب. وأكد أن الحزب اليوم يولي أهمية للمقاعد الانتخابية باعتبارها أداة للتغيير من داخل المؤسسات، مضيفاً أن من يروجون لخطاب “الريع” هم من تضررت مصالحهم بعد وقف الاستفادة غير المشروعة من بعض المواقع الحزبية والوزارية.
ونفى لشكر وجود استقالات جماعية عقب تشكيل المكتب السياسي الجديد، موضحاً أن الأمر يقتصر على استقالة محمد أبو درار، المنسق الجهوي للحزب بجهة كلميم واد نون. وأرجع ما سُجل من انسحابات بالجهة ذاتها إلى أسباب تنظيمية محضة، مبرزاً أنها الجهة الوحيدة التي لم تعقد مؤتمراتها الإقليمية، ما حال دون مشاركة بعض الأعضاء وفقاً للقوانين الجاري بها العمل.
وأشار الكاتب الأول إلى أن الحزب سعى إلى احتواء تداعيات “زلزال” وفاة عبد الوهاب بلفقيه، مؤكداً في الوقت ذاته أن القيادة الوطنية تُمنح لمن يثبت قدرته على تدبير الشأن الحزبي محلياً أولاً.
وختم لشكر بالتأكيد على أن حزب الاتحاد الاشتراكي “بخير”، وأن محاولات التشويش الخارجية لن تؤثر فيه، مشدداً على فشل أي مسعى لإحداث انقسام داخلي، في ظل التماسك الذي أبان عنه الاتحاديون عقب آخر محطة مؤتمرية.


