في المؤتمر الوطني لقطاع الصحة المنعقد تحت شعار « منظومة صحية وطنية وقوية أساس الدولة الاجتماعية»
في إطار الدينامية التنظيمية التي أطلقتها القيادة الحزبية للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، بعد المؤتمر الوطني الحادي عشر للحزب، وتفعيلا لقرارات الأجهزة الحزبية الوطنية من أجل الانكباب على إعادة الهيكلة التنظيمية للقطاعات الحزبية بهدف النهوض وتصليب الأداة الحزبية، انعقدت، مؤخرا، عدد من اللقاءات والمؤتمرات المتعلقة بعدد من القطاعات الحزبية، كالمحامين، التعليم العالي، المهندسين، الصحة …وقبل ذلك تم العمل على إعادة هيكلة بعض المؤسسات الموازية للحزب وتجديدها عبر انعقاد مؤتمراتها، المؤتمر الوطني للشبيبة الاتحادية والمؤتمر الوطني للمنظمة الاشتراكية للنساء الاتحاديات.
وفي نهاية الأسبوع المنصرم، بحضور مكثف ومتنوع لأطر وكفاءات القطاع الصحي، من أساتذة في ذات القطاع وأطباء وممرضين، وتقنيين وموظفين وإداريين، ومن كل أنحاء المغرب، وهو الحضور الذي بلغ ما يقارب 700 مؤتمرة ومؤتمر، التأم المؤتمر الوطني لقطاع الصحة الاتحادي، تحت شعار « منظومة صحية وطنية قوية أساس الدولة الاجتماعية»، يوم السبت 28 أكتوبر 2023، بالمقر المركزي للحزب بالرباط.
وترأس الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية إدريس لشكر الجلسة الافتتاحية لهذا المؤتمر الوطني، الذي حضره، كذلك، الكاتب العام للفدرالية الديمقراطية للشغل، يوسف إيدي، وعبد الرحيم شهيد، رئيس الفريق الاشتراكي بمجلس النواب، والدكتور كريم بلمقدم، الكاتب العام للنقابة الوطنية للصحة (ف.د.ش)، وكذا أعضاء المكتب السياسي المهدي المزواري، وأحمد العاقد.
وأكد الكاتب الأول الأستاذ إدريس لشكر في كلمته الافتتاحية لهذا المؤتمر الوطني، أن القطاع الصحي له أهمية قصوى في إقرار نموذج تنموي جديد بالبلاد، وهذا يتأتى بمنظومة صحية وطنية قوية لها إمكانيات واعتمادات مالية كبيرة والاهتمام بالموارد البشرية المشتغلة بالقطاع الصحي، خاصة وأن البلاد مقبلة على تنزيل المشروع الملكي المتمثل في إصلاح المنظومة الصحية وتعميم الحماية الاجتماعية.
وأضاف الكاتب الأول، في هذا الصدد، أن جلالة الملك كانت له الجرأة والشجاعة على إطلاق مبادرة الورش الملكي إصلاح المنظومة الصحية وتعميم الحماية الاجتماعية التي اعتبرناها في وقتها، يقول المتحدث، ثورة اجتماعية هادئة، والدعوة لتنزيله على أرض الواقع حتى تستفيد كل فئات الشعب المغربي من الحماية الاجتماعية والتغطية الصحية، مقرا في نفس الوقت أن هذا المشروع الملكي قد تجاوز السقف المطلبي الاجتماعي لكل الأحزاب المغربية والنقابات، وحزب الاتحاد الاشتراكي ذو المرجعية الديمقراطية الاشتراكية، لا يمكن إلا أن يدعم هذا المشروع الملكي الذي ناضل من أجل إخراجه إلى الوجود.
كما شدد الكاتب الأول للحزب على أن القطاع الصحي أضحى قطاعا استراتيجيا بالنظر للرهانات الوطنية الحالية، ومن تم بات من الضروري الرفع من ميزانية القطاع سنويا لتصبح الزيادة 10%، بالمقارنة مع الميزانية المرصودة سابقا في القانون المالي السابق، ملفتا النظر إلى ضرورة المزيد من الاهتمام بالموارد البشرية، فيما يتعلق بالعدالة الأجرية والتحفيزات، والتكوين والترقية، خاصة أن هناك منافسة شرسة مع بلدان أخرى، من أجل الحفاظ على الأطر والكفاءات الصحية والمهنيين المشتغلين بالقطاع.
وفي ذات السياق، دعا الكاتب الأول للحزب، النقابة الوطنية للصحة والفدرالية الديمقراطية للشغل، إلى تعزيز أسلوب الحوار والدفاع عن الأوضاع المادية والمهنية للأطر الصحية وكل مهنيي المنظومة الصحية بالمغرب، مذكرا في نفس الآن بالتضحيات الجسام التي قدمها أطر وأطباء وممرضي وإداريي وموظفي قطاع الصحة خاصة إبان جائحة كورونا وزلزال الحوز مؤخرا، « إنها تضحيات لا يمكن أن ننساها».
وأعرب الأستاذ إدريس لشكر عن إرادة الحزب في إنجاح هذا المشروع الملكي كيف ما كان موقعه، سواء في الحكومة أو المعارضة، وسيعمل بتفان وإخلاص، من خلال المتابعة والمراقبة والتصدي لكل الاختلالات من أجل التفعيل والتنزيل السليم لهذا المشروع الضخم.
وكان الكاتب الأول للحزب قد ذكر بالسياقات المتعددة التي يأتي فيها انعقاد هذا المؤتمر الوطني، أولها تزامنه مع تخليد الحزب ليوم الوفاء الذي نحتفل به يوم 29 أكتوبر من كل سنة، إنه يوم الوفاء لكل الشهداء، يوم الوفاء لكل القيم والمبادئ التي تمسكوا بها قيد حياتهم ومسيراتهم، الوفاء لكل الذين خدموا هذا الوطن من أجل التحرير والوحدة وبناء الدولة والمؤسسات.
وأضاف الأستاذ لشكر أن انعقاد هذا المؤتمر، يتم على بعد أسابيع قليلة من الزلزال الذي ضرب البلاد وتحديدا عددا من المدن المغربية، وأظهر فيه الشعب المغربي، بكل مكوناته، هذه القيم النبيلة لشهداء ورموز النضال والكفاح بالبلاد، المغروسة في أعماقه حتى النخاع، لذلك لا غرابة أن نرى هذه القيم النبيلة مترجمة في التضامن والتعاون والتآزر مع المناطق المتضررة والضحايا ودعمهم ماديا ومعنويا.
وأشار الأستاذ إدريس لشكر إلى أن انعقاد هذا المؤتمر، يأتي في سياق المجازر الرهيبة التي ترتكب في حق الشعب الفلسطيني، والتي تطرح أسئلة كبرى على المنتظم الدولي بخصوص السلم والسلام وضمان حقوق المدنيين، مشددا في هذا الإطار على أننا، اليوم، نعيش هذه المأساة الفلسطينية بكل جوارحنا، كقضية إنسانية أولا، قبل كل تخندق إيديولوجي، لذلك الحاجة ماسة ومستعجلة لوقف إطلاق النار والتوقف عن إراقة دماء المدنيين.
وسجل الكاتب الأول للحزب أنه بالرغم من أن الجمعية العامة للأمم المتحدة قد صادقت على قرار يدعو إلى وقف إطلاق النار، إلا أن إسرائيل تمادت في قصف غزة ومحاولة التوغل العسكري بريا في القطاع، واعتبرت هذا القرار مشينا ضدا على 120 دولة صوتت لصالحه.
وعلى المستوى الوطني، أكد الكاتب الأول للحزب أن المملكة المغربية مع القضية الفلسطينية، وعبرت رسميا عن مواقفها من خلال بلاغات وزارة الخارجية ثم المساعدات الإنسانية التي أمر جلالة الملك محمد السادس ببعثها إلى فلسطين، ومجتمعيا عبر الشعب المغربي، بكل مكوناته، عن تضامنه مع القضية الفلسطينية وطالب بإيقاف العدوان على غزة.
وعلى المستوى الحزبي، أبرز الكاتب الأول للحزب أن الاتحاد الاشتراكي لا يدخر جهدا في دعم القضية الفلسطينية والدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة، من خلال الأممية الاشتراكية، مشيرا إلى الموقف الواضح لبيدرو سانشيز، رئيس الأممية الاشتراكية، الذي دعا، خلال اجتماع البرلمان الأوروبي، إلى وقف إطلاق النار على قطاع غزة.
واعتبر الكاتب الأول أن كل تراجع عن قرارات مجلس الأمن وقرارات الشرعية الدولية بخصوص القضية الفلسطينية والتي تخرج عن حل قيام الدولتين، تعيشان جنبا إلى جنب في أمن وسلام، هي قرارات مرفوضة مطلقا.
وكان يوسف ايدي، عضو المكتب السياسي للحزب والكاتب العام للفدرالية الديمقراطية للشغل قد اعتبر في مستهل هذا المؤتمر الوطني، أن محطة المؤتمر الوطني محطة تأسيسية لقطاع الصحة الاتحادي باعتبار أنه قطاع اجتماعي استراتيجي وبالنظر كذلك للرهانات الحالية التي رفعتها البلاد.
ومن جانبه أكد الدكتور كريم بلمقدم، الكاتب العام للنقابة الوطنية للصحة (ف.د.ش)، أن الحق في الصحة حق دستوري، والدولة من واجبها ضمان هذا الحق الأساسي في الحياة عبر توفير منظومة صحية وطنية لها إمكانيات مادية وبشرية كافية من أجل رعاية صحية وتوفير العلاجات الضرورية لكل فئات المجتمع.
وشدد الدكتور بلمقدم على أن الاتحاد الاشتراكي، عبر مؤتمراته خاصة التاسع والعاشر، طالب بتعزيز دور الدولة عبر التدخل لصالح الفئات الاجتماعية الهشة والمتضررة في المجتمع، من خلال توفير شروط العيش الكريم، والحماية الاجتماعية العادلة، والرعاية الصحية، للحد من آثار الفوارق الطبقية والتأثيرات المتزايدة للعولمة والليبيرالية المتوحشة وعلى رفع الحيف عن الفئات الفقيرة والمتوسطة التي اكتوت بنار الغلاء وسوء الخدمات العمومية.
وعرفت أشغال المؤتمر الوطني، الذي أشرف عليه كل من المهدي مزواري ويوسف ايدي، عضوا المكتب السياسي، مشروع عرض الورقة السياسية لقطاع الصحة الاتحادي التي ركزت على مقاربة تحليلية وتركيبية بين الحق في الصحة كأحد الحقوق الأساسية المنصوص عليها في العهد الدولي لحقوق الإنسان، وكذا دراسة الواقع وأوضاع القطاع الصحي بالمغرب، وما يعيشه مهنيوه من مشاكل وأزمات، وتهدف الورقة، كذلك، إلى وضع إطار للمناقشات الحزبية الداخلية حول القطاع.
وفي آخر أشغال المؤتمر تم انتخاب الدكتور كريم بلمقدم، بالإجماع، منسقا لقطاع الصحة الاتحادي، ثم انتخاب مجلس وطني للقطاع يضم 185 عضوا، وتم التفويض لمنسق القطاع المنتخب لتكوين سكرتارية للقطاع تشتغل إلى جانبه.