الكاتب الأول للحزب ، إدريس لشكر، في افتتاح أشغال الدورة الأولى للمجلس الوطني . .قيم الأسرة الاتحادية مكنتنا بالفعل من الاطمئنان إلى ما أنجزناه جميعا

افتتح الكاتب الأول للحزب إدريس لشكر، أول أمس السبت 13 دجنبر 2025، أشغال الدورة الأولى للمجلس الوطني بعد المؤتمر الوطني الـ12 ، بكلمة تأطيرية تهم استكمال بناء هيئاته وأجهزته، هذا نصها:

إننا جميعا نفتقد في هذه الدورة أخا عزيزا، شاركنا المسيرة قرابة ما يزيد عن خمسين سنة، حيوا معي أخانا الدكتور الحبيب المالكي، الذي غيبته عنا مكرها حالته الصحية، وهو الذي ترأس مجلسنا الوطني لثلاث ولايات متتالية، أدار مداولاته بكفاءة واقتدار، وطبع قراراته بما عرف عنه من حكمة وحصافة ومسؤولية. إنني إذ أتأسف لغيابه الاضطراري، أسال لله أن يعجل بشفائه، ويديم عليه الصحة والعافية. ولا يفوتني ان أنوه بما أسداه أخونا الحبيب المالكي من جليل الخدمات لحزبنا من الصعب الإحاطة بها في هذا المقام، كما أنوه أيضا بالروح الوطنية التي تميز بها في المسؤوليات العديدة التي تحملها كرجل دولة جعلته دوما محط تقدير واعتبار.
نحن مدعوون في هذه الدورة الأولى لبرلمان حزبنا لاستكمال بناء الهيئات والأجهزة التي قررناها في مؤتمرنا الثاني عشر، وهي مهمة تقتضي منا أن نستحضر الأجواء التي دبرنا بها استحقاقاتنا التنظيمية سواء خلال إعادة البناء القاعدية في المؤتمرات الإقليمية على طول البلاد وعرضها، أو في هيكلة القطاعات الوطنية التي همت مختلف الشرائح المهنية، أو خلال مرحلة التحضير للمؤتمر الوطني في اللجنة التحضيرية واللجان العشر المتفرعة عنها، ثم خلال انعقاد المؤتمر وسير أشغاله وصياغة قراراته وإفراز منتخبيه.
لقد صنعنا جميعا، خلال هذه المرحلة، ملحمة تنظيمية تنضاف للملاحم والمحطات المضيئة التي طبعت تاريخ حزبنا منذ لحظة التأسيس وطيلة مساره النضالي الطويل، ونحن نحيي الذكرى الفضية الخمسين لمؤتمرنا الاستثنائي لسنة 1975.
لقد جسدنا في هذه التجربة المتفردة الروح الأصيلة للأسرة الاتحادية في أجمل معانيها؛ روح الوحدة التي لا تلغي الاختلاف، روح التوافق التي لا تلغي التنافس، وروح الزهد التي لا تلغي مشروعية الطموح.
إن استعادة قيم الأسرة الاتحادية الأصيلة هاته، مكنتنا بالفعل من الاطمئنان إلى أن ما أنجزناه جميعا؛ نابع من صميم أفئدتنا، وعيا منا جميعا بما يفرضه علينا حاضر ومستقبل الاتحاد الاشتراكي من تحديات، وما يقتضيه استمرار حزبنا قوة سياسية فاعلة ومؤثرة في الفضاء السياسي الوطني، وما ينتظره المستقبل القريب من مواصلة التعبئة لكسب المعارك التي تواجهنا.
لقد حملتموني، أخواتي إخواني في المجلس الوطني، أخواتي إخواني الاتحاديات والاتحاديين جميعكم، مسؤولية جسيمة في استكمال هيئات وأجهزة الحزب، ونظرا لجسامة هذه المسؤولية، فقد تجدون لي الأعذار الكافية في استغراق وقت، ربما طال أكثر من المتوقع، في التفكير والتأمل، لأوفي المهمة حقها من التمحيص قبل الإقدام على الاختيار والاقتراح.
لقد أسعفتني أنظمة الحزب بخصوص النقطة الأولى المتعلقة بإضافة فعاليات للمجلس الوطني في حدود عشرة بالمائة (10%) من أعضائه المنتخبين طبقا للمادة 46 من النظام الأساسي، ورغم أن هذه النسبة لا تسعف في إنصاف مئات، إن لم أقل آلاف، الكفاءات والأطر التي يزخر بها حزبنا، فإنني سأقترح عليكم لائحة في حدود المسموح به، بأسماء أخوات وإخوة ممن أعتقد أنهم يشكلون قيمة مضافة لهذه الهيئة التقريرية، اعتبارا لوزنهم ومساهماتهم الجليلة في مسار الحزب، ممن أراهن على كفاءاتهم في تطوير مقاربات وأدوات ووسائل عمل حزبنا في المجالات التي نحن في أمسّ الحاجة إليها لمواكبة التطور العلمي والتقني.
وكذا من الطاقات والكفاءات الحزبية والذين سيكون لمشاركتهم ومساهمتهم في التقرير إلى جانبنا من أي موقع كان فيما ينتظر الحزب من مهام خلال السنتين القادمتين.
وأما بخصوص هيئتي الحكامة؛ اللجنة الوطنية للتحكيم واللجنة الوطنية لمراقبة المالية والإدارة والممتلكات ورؤساء ومقرري اللجان الوطنية الدائمة؛ فإنني حرصت على اقتراح إخوة وأخوات يمكنهم بتنوع اختصاصاتهم وتجاربهم القيام بالمهام الموكولة إليهم وفقا لمقتضيات القانون باستقلالية ونزاهة ضمير.
غير أن المهمة التي استعظمتها وأرقتني في هذا الامتحان الصعب، هي اقتراح أعضاء المكتب السياسي، فقد وجدتني أمام ثلاثة إكراهات: إكراه توصية المؤتمر الثاني عشر بالتقليص، وإكراه الاستحقاقات الانتخابية القادمة، وإكراه ضرورة التجديد والتشبيب والحاجة للاستمرارية. إنني كرب أسرة مكلف بالاختيار بين أبنائه، وهي مهمة لا يمكنني التهرب من القيام بها بحكم الإلزام والضرورة؛ فإنني ألتمس العذر من أخواتي وإخواني ممن لا يمكن المجادلة في مشروعية طموحهم، وهن وهم كثر، ولم تسعفني المساحة المسموح بها في اقتراحهم، مؤكدا للجميع أنني أفعل ذلك اضطرارا لا اختيارا، حسبي أنني في اجتهادي هذا لست أروم سوى خدمة الحزب بقدر ما استطعت من الإنصاف ومن الحرص على النجاعة والفعالية.


بتاريخ : 15/12/2025