ندعو إلى إحداث آلية دائمة لإدارة الأزمات التي قد تؤثر على أفراد الجالية، وتبسيط الإجراءات الإدارية والقنصلية، وإصلاح الخدمات المقدّمة
بقاعة ايفين بلاس وبحي مولانبيك الشعبي الذي تقطن به جالية مغربية مهمة، وبحضور كبير لأفراد الجالية المغربية ببلجيكا، وعدد من السياسيين بالحزب الاشتراكي البلجيكي، افتتح الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي الأستاذ إدريس لشكر، إلى جانب الوزير ورئيس جهة بروكسيل العاصمة رودي فيرفورت هذا اللقاء حول الكفاءات المغربية بالخارج الذي نظم ببروكسيل مساء الخميس 29 ماي 2026. وذلك بحضور كفاءات مغربية من مختلف الدول الأوروبية، حسب ما أكده الدكتور رضوان القادري، رئيس جامعة الكفاءات المغربية بالخارج، من بينها دول: فرنسا، ألمانيا، إيطاليا، إسبانيا، البرتغال، هولندا، السويد، والمغرب والبنيليكس.
ومثل حزب الاتحاد الاشتراكي وفد رسمي يترأسه الكاتب الأول الأستاذ إدريس لشكر، ويضم كلا من النائبة عائشة الكرجي، والنائب البرلماني وعضو المكتب السياسي حسن لشكر، والأستاذة فاتحة سداس عضو المكتب السياسي.
وبحضور العديد من المسؤولين السياسيين البلجيكيين من الحزب الاشتراكي وعدد من المنتخبين المغاربة ببلجيكا والذين يتحملون مسؤوليات مختلفة في عمودية وجماعات المدن وغيرها.
في ما يلي كلمة الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي الأستاذ ادريس لشكر:
يجسد هذا اللقاء الغني بدلالته الرمزية وقيمته المضافة بوضوح قناعتنا في الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، بأن مغاربة العالم ليسوا مجرد امتداد جغرافي أو ديمغرافي، بل يمثلون قوة فكرية وسياسية واجتماعية تساهم في تعزيز صورة المغرب والدفاع عنه، وربط مصالحه الحاضرة بمستقبله في الفضاء المتوسطي.
لقد ظل الاتحاد وفياً لالتزاماته من منطلق المبادئ الاشتراكية الأممية، وفي طليعتها النضال من أجل العدالة الاجتماعية، والاندماج، والمساواة، والحرية، حيث وضع القضايا المرتبطة بالهجرة في صلب برنامجه السياسي. وإن تواصله مع الجالية المغربية المقيمة في بلدان الإقامة، ليس تواصلاً ظرفياً، بل هو امتداد طبيعي لمشروعه الوطني الديمقراطي.
السيدات والسادة،
اسمحوا لي أن أنتقل إلى صلب هذا الموضوع: الحضور السياسي والنيابي لمغاربة الفضاء الأوروبي، مع التركيز على التجربة البلجيكية كنموذج مرجعي.
وبهذه المناسبة، يسعدني أن أهنئ بحرارة كافة المواطنات والمواطنين من أصل مغربي، الذين حظوا بثقة ناخبيهم في عدد من الدول الأوروبية، خلال الاستحقاقات الجماعية أو التشريعية، وخاصة في بلجيكا… وهو تقدير لكفاءاتهم واختياراتهم الفاعلة في الحياة الديمقراطية.
لقد أصبح عدد كبير من المغاربة من مواطني ومواطنات بلجيكا، من أبرز الوجوه التي تجسد اندماج مغاربة العالم في الحياة السياسية والثقافية والاجتماعية. فجيلَي الثانية والثالثة من أبناء الجالية، لم يكتفوا بالاندماج الاجتماعي أو الثقافي فقط، بل خاضوا معركة التمثيلية السياسية ونجحوا في الوصول إلى مواقع القرار.
يكفي أن نستعرض بعض الأسماء اللامعة في المشهد السياسي البلجيكي:زكية الخطابي، رئيسة حزب الخضر الفرانكوفوني، أحمد لعوج، رئيس الكتلة الاشتراكية في البرلمان الفيدرالي، وأحد أبرز الأصوات السياسية المؤثرة وطنياً مريم كيتير، وزيرة سابقة للتعاون الدولي عن الكتلة الاشتراكية الفلمنكية، رشيد مدران، وزير الشباب والرياضة في بروكسيل،فاضلة لنعمان، التي شغلت عدة مناصب وزارية، وترأس حالياً مجموعة اللجنة الفرنسية.فؤاد أحزاجي، نائب برلماني ورئيس حزب الديمقراطيين الإنسانيين.
هؤلاء القادة ليسوا فقط رموزاً تمثيلية، بل هم فاعلون سياسيون حقيقيون يساهمون في صياغة السياسات العامة، والدفاع عن قيم العدالة والمساواة والانفتاح الاجتماعي والثقافي.في هذا السياق، يطرح سؤال جوهري: لماذا نجح مغاربة بلجيكا في فرض وجودهم القوي على الساحة السياسية الأوروبية؟
الجواب يمكن أن نجده في تقاطع ثلاثة عوامل رئيسية:
– نضج التجربة الديمقراطية البلجيكية وانفتاح الأحزاب السياسية، خاصة الحزب الاشتراكي البلجيكي، على الكفاءات من أصول مهاجرة.
-كفاءة أفراد الجالية المغربية الذين استثمروا في التعليم والعمل المدني والنقابي والجمعوي، مما منحهم شرعية تمثيلية حقيقية.
-وعي جيل جديد من أبناء الجالية بأن المشاركة السياسية هي السبيل الوحيد للتأثير في السياسات العامة، بدل الاكتفاء بالانتظار السلبي.
السيدات والسادة،
نعتبر في الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية أن هذا المسار الشعبي يمثل نموذجاً لما يمكن أن يحققه مغاربة العالم، متى توفرت لهم بيئة سياسية ومؤسساتية منفتحة وداعمة. ومن هذا المنطلق، نعيد التأكيد على التزاماتنا التي جاءت ضمن مذكرتنا السياسية والتنظيمية تجاه مغاربة العالم، منها:
مطالبتنا باعتماد مقاربة شاملة وواضحة تأخذ بعين الاعتبار خصوصيات العودة، خاصة في الحالات الاجتماعية للأطفال غير المصحوبين أو في أوضاع قسرية وكبار السن.
-نطالب بإحداث آلية دائمة لإدارة الأزمات التي قد تؤثر على أفراد الجالية، وتبسيط الإجراءات الإدارية والقنصلية، وإصلاح الخدمات المقدّمة.
نطالب بتوفير حماية قانونية ضد مظاهر النصب والاحتيال التي يتعرض لها بعض أفراد الجالية.
نطالب بإشراك الجاليات المغربية في العالم في الهيئات الدستورية والمؤسسات التمثيلية، وضمان حقهم في التصويت والترشح.
إن حضورهم الكريم لا يحمل فقط أمانة المشاركة، بل يؤكد على القيم الأساسية للعدالة الاجتماعية، والمساواة، والكرامة الإنسانية.
إنها دعوة صريحة نوجّهها إلى جميع المغاربة المقيمين بالخارج، إيمانًا منا بأن اندماجهم، وتضامنهم، ومبادئهم الكونية، تشكل امتدادًا يتجاوز الحدود الجغرافية.
إن مغاربة العالم ليسوا فقط رأسمالًا بشريًا، بل قوة استراتيجية وطنية، ويجب النظر إليهم كمصدر فكري، اقتصادي وسياسي، لا فقط كمصوتين في الاستحقاقات الانتخابية.
إن التجربة البلجيكية تستحق التوثيق والدراسة والتعميم، للاستفادة منها في دول أوروبية أخرى.
نحن اليوم مدعوون أكثر من أي وقت مضى إلى تقوية روابطنا مع الجيل الجديد من المغاربة في الخارج، باعتبارهم حملة مشعل الاستمرارية والدفاع عن الهوية المغربية في سياقات عالمية متعددة.
أحيي هذه التجربة البلجيكية والعمل الذي يقوم به رفاقنا في الحزب الاشتراكي من أجل مساهمة مغاربة العالم ونعتبرها في الاتحاد الاشتراكي نموذجا يجب الاقتضاء به بباقي البلدان الاوربية.
كما أننا نقول لمغاربة بلجيكا إن أبواب الاتحاد الاشتراكي مفتوحة للمساهمة في بناء المؤسسات الديموقراطية بالمغرب ومن أجل المشاركة في مختلف الاستحقاقات.
هذا اللقاء يتم اليوم في سياق دولي خاص، تطبعه أجواء التوتر والحرب في مختلف مناطق العالم، ونرى اليوم ما يحدث لإخواننا الفلسطينيين،، إننا نتألم يوميا من القصف لأبناء غزة من طرف حكومة بنيامين نتانياهو،هذه الحكومة المتطرفة التي لا تراعي أية اعتبارات إنسانية أو أخلاقية في حربها على الشعب الفلسطيني. كما نحيي الدور الذي تقوم به الأحزاب الاشتراكية في بلجيكا وأوروبا في التنديد بما تقوم به إسرائيل ضد الفلسطينيين من تجاوزات.المغرب ملكا وشعبا واحزابا، يدعم القضية الفلسطينية بكل ما أوتي من قوة وسوف يستمر في هذا الطريق.
كما أننا نحيي موقف مغاربة بلجيكا والعالم في التشبث بقضيتنا الوطنية وفي الدفاع المستميت عنها، والتطور الذي تعرفه الساحة السياسية. والتطور الذي عرفه الموقف البلجيكي، كما أن موقف بلجيكا منذ سنة2022 في دعم الحكم الذاتي، أصبح اليوم متجاوزا أمام الموقف الفرنسي والإسباني. وأنا أعاتب الرفاق في الحزب الاشتراكي ونطالبهم بدعم واضح لسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية، ونحيي موقف بعض قادة الحزب الذي عبروا بشكل شخصي عن دعمهم للوحدة الترابية للمغرب في انتظار اتخاذ حزبهم لموقف أكثر تقدما.
أشكركم على حسن الإصغاء، وعلى دعمكم المستمر في النضال من أجل الكرامة والعدالة.