الكاتب والناقد حسن نرايس في ضيافة مهرجان «الفيلم التربوي لأطفال المخيمات الصيفية»

قال الناقد والكاتب حسن نرايس في لقاء نظمته جمعية صورة للتراث الثقافي أن فكرة المرأة في السينما “فرض نفسه بإلحاح” عندما كان قبل عشر سنوات مسؤولا يقدم كتبا نسائية ب”مهرجان المرأة بسلا، فكان كلما انتقد وناقش نقادا عربا وأجانب حول موضوع المرأة في السينما، كلما أخبروه بأن هناك كتبا عديدة في بلدانهم تتحدث عن المرأة في السينما، بعد ذلك زادت قناعته بالمشروع عندما حل ضيفا في البرنامج الثقافي “صدى الإبداع” الذي تبثه القناة الأولى، فأصبحت فكرة إصدار كتاب حول المرأة في السينما أمرا لا يدع مجالا للتخلي عنه، يضيف صاحب الكتاب.
وخلال هذا اللقاء، الذي تم يوم السبت 28 يوليوز في إطار مهرجان الفيلم التربوي لأطفال المخيمات الصيفية، قدم الكاتب والناقد حسن نرايس العديد من التوضيحات بخصوص ما جاء في كتابه المرأة في السينما المغربية أمام وخلف الكاميرا، مبرزا أنه كانت هناك مقالات ودراسات نقدية حول تواجد المرأة كشخصية في الأفلام المغربية تدور حول الحدث، ويدور الحدث حولها، إذ “تجدها أحيانا شخصية رئيسية وأحيانا أخرى شخصية محورية، لكن في جميع الحالات فهي تخضع لتصرف المخرج الرجل الذي يصورها من منظور رجولي”.
وأضاف حسن نرايس خلال هذا اللقاء، أن المرأة رغم أنها كانت تلعب دور البطولة في العديد من الأفلام إلا أنها كانت تقود بطولتها من زاوية الرجل المخرج موضحا أنه من خلال قراءة تحليلية معمقة في موضوع المرأة، ركز فيها على الفترة الممتدة بين فيلم الشركي لمومن السميحي أواخر السبعينيات إلى غاية فيلم آدم للمخرجة مريم التوزاني سنة 2020 من خلال عشرين فيلما أنجز في مدة تزيد عن 30 سنة، استشف من ورائها الصور التالية للمرأة:
البؤس، الظلم، الإحباط، الغيرة، القهر، التعاسة، الهلاك والتهلكة، الحماية الذكورية، في مجتمع ذكوري بامتياز، الملل واليأس، حالة الانفصام، الغربة داخل المجتمع وداخل الذات، ازدواجية الشخصية، الطقوس والعادات، الخضوع لسلطة الرجل والمجتمع، الهوية المفقودة، المضايقات والتحرش، التهميش والاختلال، المظلومة المتمردة، ابتزازالمرأة، تعنيف المرأة، اعتقال المرأة، محاكمة المرأة. تهميش وإهانة الأم العازبة..
لكن المفاجأة، حسب الناقد حسن نرايس، تتمثل في تغيير صورة المرأة التي أصبحت تتخذ أبعادا وآفاقا جديدة في أفلام أخرجها رجال، مثل جيلالي فرحاتي في “فيلم شاطئ الأطفال الضائعين” وفي أفلام أخرى، ولم تعد تلك الصورة النمطية تلازم صورة المرأة، فـأخذت تأخذ شكل المرأة المتمردة، الغاضبة التي تعبر عن قلقها، الرافضة لسيطرة الرجل في مجتمع ذكوري بامتياز من خلال إعطاء بديل عن واقع بئيس وموبوء.
وخلال هذا اللقاء أكد الكاتب أن تطور المرأة في الفيلم المغربي، يعكس تطورها في المجتمع، عكس ما كانت عليه في السابق إذ كانت مقوقعة في عالم يسيره الرجل فيحكم عليها المجتمع وغالبا ما يكون الحكم قاسيا.
وفي جرد كرونولوجي، أشار حسن نرايس إلى أن المخرجة المغربية لم تظهر إلا في السنوات الأخيرة علما أن فريدة بورقية ظهرت كأول مخرجة سنة 1982 بعدها ظهر اسم جديد للمخرجة فريدة بليزيد نهاية التسعينيات، ثم بعد ذلك اختفى الإخراج بتاء التأنيث لسنوات، إلى أن برز اسم بعض النساء كفاطمة الجبلي الوزاني بفيلمها “في بيت أبي” الذي حصل على جوائز كثيرة إلى جانب أسماء أخرى خلال تلك الفترة، تخصصت في الإنتاج وفي التوزيع كإيزة جنيني وإيمان مصباحي، إلا أن وجود النساء خلف الكاميرا كان ضئيلا.
وانطلاقا من 2010 إلى غاية 2020 زاد العدد من 3 مخرجات إلى 23 أي في مدة 10 سنوات زاد العدد بعشرين مخرجة، مذكرا أن الفضل يعود للحكامة الجيدة والتسيير المعقلن للراحل الأستاذ نور الدين الصايل الذي كان على رأس المركز السينمائي المغربي في تلك الفترة، وكذلك بفضل إصرار المرأة على الاشتغال خلف الكاميرا لطرح مواضيع بالغة الأهمية باعتبارها امرأة ستعرف في أي زاوية ستضع فيها الكاميرا لتعكس صورتها بنفسها في المجتمع.
تجدر الإشارة إلى أن كتاب “المرأة في السينما المغربية.. خلف وأمام الكاميرا” هو من بين أفضل المؤلفات التي تحدث عن قضية المرأة في السينما المغربية بشهادة إعلاميين ومتتبعين للشأن السينمائي في المغرب.
يضم الكتاب 88 صفحة من الحجم المتوسط، وغلافا من الورق المقوى مزين برسم يعبر عن تيمة الكتاب، حيث يعتبر هذا العمل مرجعا سيساهم بدون شك في إغناء الخزانة السينمائية المغربية وسيفيد السينفيليين من مهتمين وطلبة وممارسين، سواء بالمغرب أو في الوطن العربي، وذلك لما يحتوي عليه هذا الكتاب الجديد من معطيات فكرية وفلسفية وسينمائية جد قيمة.
هذا المؤلف الذي جاء بعد مجموعة من الإصدارات للكاتب والناقد حسن نرايس، نذكر من بينها “ماذا يقول السينمائيون المغاربة” “بين الصحافة والسينما”، يحتوي على 8 محاور أساسية في مقدمتها الإهداء ثم التقديم: خلف وأمام الكاميرا..امرأة تستحق الاهتمام- للأفلام عناوين نسائية- أختك مرغمة لا بطلة- الإخراج السينمائي المغربي بصيغة المؤنث- مخرجات وأفلام- خلاصات واستنتاجات.


الكاتب : عبد الرحيم الراوي

  

بتاريخ : 05/08/2021