ماهي العلاقة بين الكتابة والصحراء؟ وكيف تلازمتا منذ زمن بعيد؟ ألم تكن الكتابة مرتبطة بالصحراء، هل هناك حدود للكتابة في الصحراء أم لا حدود لها مثل كثبان الرمال؟ وأيهما أقرب إلى ثقافة الصحراء: الكتابة أم الشفاهية؟
إنها تساؤلات عميقة تنبعث ونحن نتأمل المتون والمؤلفات التي اتخذت من الصحراء تيمة لها. فلقد شكلت الصحراء دوما فضاء غنيا بامتياز وباعثا على الإبداع والتدوين. بإرثها التاريخي العميق ،وبتنوع تضاريسها، وغنى مواردها الطبيعية التي تجمع البحر والبر في التحام وتناسق جميلين ،كما شكلت ملتقى للحضارات المتعاقبة على المغرب ، لذلك نبغ منها شعراء عديدون ومفكرون كانوا من رموز زمانهم ، ومثقفون ألفوا وأنتجوا كتبا ما يزال بعضها رهين خزانة المخطوطات ينتظر التنقيح وإخراجه من ركام الأتربة ليستفيد منه الأحفاد بعدما أنتجه الأجداد منذ زمن غابر
الجزء الأول
هذا الكتاب صدر الجزء الأول منه سنة 2016 عن مركز المستقبل للتنمية والثقافة وجمعية الشعلة للتربية والثقافة فرع بوجدور من كتاب وهو مشروع علمي ضخم يستهدف توثيق التراث الصحراوي بمختلف تجلياته .
وعن دوافع الاصدار كتب منسق الكتاب محمد البوزيدي في تقديم الموسوعة :
*بالرغم من التراكم الحاصل في الإصدارات العلمية المتنوعة، مازالت الصحراء حبلى بالكثير الذي لم يكتشف ولم ينشر بعد ، بل وكما كانت فهي دوما تغري بكل صنوف النبش والإطلاع والإبداع .
وبالرغم من الإصدارات العديدة الحاصلة في السنوات الأخيرة ، فإن الكتابة حول الصحراء لا تزال تسعى لبلوغ السقف المأمول من منطقة ينتظر منها الكثير خاصة موقعها الهام في الوجدان المغربي وأهميتها الجيو الإستراتيجية، ناهيك عن إكراهات الطبع والتوزيع ، مما يطرح إشكالات عميقة تتوزع بين الجهل بالعديد من المعلومات والحقائق التاريخية والطبيعية والبشرية..المرتبطة بالصحراء، وحاجة الباحثين لمراجع تعين على تطوير البحث العلمي، ويكاد يكون واقعا غريبا أن جل الأقاليم الصحراوية لا تتوفر خزاناتها العامة أو حتى الخاصة على مختلف الإصدارات التي تهم أحيانا حتى المدينة التي ينتمي إليها الباحث مما يطرح أكثر من سؤال عميق حول واقع يستعصي على الفهم السوسيو ثقافي .
من ناحية أخرى ورغم إيماننا بدور وأهمية التخصص، يكاد يكون البحث العلمي في الصحراء مشتتا ومفككا بشكل كبير، فكل كتاب يسلك منحى معينا، وكل مؤلف قد ينتصر لرأي أو فكرة أو موقع…مما قد لا يتيح تجميع المعلومة العلمية المحضة .
من هنا يأتي هذا المشروع الذي يحاول أن يستجمع بعض ما كتب، ويضيف إليه ويعيد تصنيفه في لغة تجمع بين الصرامة المنهجية والأفق العلمي الجميل. *
وقد تضمن الكتاب الذي توزع على أكثر من 260 صفحة من الحجم المتوسط ستة مقالات متميزة جاءت كما يلي:
الأولى :القبائل والمجموعات البشرية التي استقرت بالصحراء المغربية قديما وحديثا للدكتور الحسين حديدي تطرق فيه إلى ستة محاور مرتبطة بالتعريف بمختلف قبائل الصحراء مفصلا في مختلف بطونها وأعراشها وموطنها الجغرافي:
أولا: المجموعات البشرية الكبرى التي تتأطر ضمنها قبائل الصحراء المغربية وتضمن
القبائل الصنهاجية: وهي من أقدم المجموعات البشرية التي سكنت مجال البيضان، ويمتد مجال انتشارها على طول المحيط الأطلسي فيما بين نهر السنغال جنوبا ومنطقة سوس ودرعة شمالا،
القبائل الحسانية:تنتمي القبائل الحسانية إلى القبائل العربية المعقلية، ويرتفع نسبها إلى جعفر بن أبي طالب
الزْوايــــا/ الطلــبة: وهم العنصر الثاني في الهرم الاجتماعي البيضاني، اهتمت هذه الفئة بنشر العلم في المحاضر والمجالس العلمية لترسيخ الثقافة الإسلامية،
قبائل اللحمة/ ازناكـــة: وهي قبائل مجهولة النسب، وتتكون هذه المجموعة من عدة فئات وهي: أزناكة، المعلمين أو الصناع، إكاون، الحراطين، العبيد، التلاميذ…
قبائل الشرفاء بالصحراء: وتضم الصحراء المغربية عدة قبائل تنتمي إلى الشرفاء مثل الشرفاء الرقيبات والعروسيين وأولاد أبي السباع والشرفاء فيلالة، والشرفاء توبالت، وأهل الشيخ ماء العينين، وكذا الشرفاء أولاد بوعيطة…
اتحادية قبائل تكنة: وهي التي تنتشر في مجال جغرافي شاسع يمتد من هضاب الأطلس الصغير شمالا إلى تخوم وادي الساقية الحمراء جنوبا، ومن وادي تمنارت ومعدر سلام شرقا إلى المحيط الأطلسي غربا، وهي التي توزعت على لفين رئيسيين دارت بينهما عدة صراعات على المجال، وهما .