المادة 12من مشروع القانون الإطار للمنظومة الصحية الوطنية تثير جدل وغضب أطباء الاختصاص

 

سبق لوزير الصحة والحماية الاجتماعية، خالد آيت الطالب، أن رأى في مشروع القانون الإطار رقم 06.22، المتعلق بالمنظومة الصحية الوطنية، «فرصة تاريخية لبناء نظام صحي بشحنة إنسانية قوية، أكثر صلابة وانصافا»، وأكد، لدى تقديمه لمضامين هذا المشروع، أن الأمر يتعلق ب «ثورة في قطاع الصحة بالمغرب»، غير أن عددا كبيرا من أطباء الاختصاص، وبينهم أطباء الأمراض الصدرية والجهاز التنفسي، كان لهم رأيهم بخصوص هذا المشروع، سيما المادة 12 منه تحديدا، التيتنص على إلزامية المسلك العام بالقطاع الخاص، بمعنى ضرورة الاشتراط على المريض المرور عبر الطبيب العام وليس الطبيب الاختصاصي.
وكلما رفع وزير الصحة والحماية الاجتماعية من سرعة إخراج المشروع إلى حيز التطبيق، ضاعف أطباء الاختصاص من تكثيف نداءاتهم وملتمساتهم الموجهة لوزارة الصحة والجهات المسؤولة ومراكز القرار، ومجلسي النواب والمستشارين، لأجل إعادة النظر في المادة 12 من المشروع. وقد ارتقت هذه الفئة من الأطباء بغضبها أكثر بعد المصادقة على المشروع المذكور خلال المجلس الوزاري المنعقد يوم الأربعاء 13 يوليوز المنصرم، حيث رأوا في ذلك «ظلما وإجحافا في حقهم وضررا في حقِ المرضى والحالات المستعجلة والمحتاجة للاستشفاء الاستباقي، إذا لم يكن في الأمر انتهاك لحق الصحة بشكل عام»، على حد مصادر منهم.
وبينما أبرزت مصادر مسؤولة من طباء الاختصاص تحديد موقفها الواضح من المادة المثيرة للجدل، حرصت على «استعدادها للانخراط في إنجاح أي إصلاح للمنظومة الصحية»، فيما لم يتردد مثلا رئيس الجمعية المغربية لأطباء الأمراض الصدرية بالقطاع الخاص،الدكتور عبد الكريم مومن، في الخروج لوسائل الإعلام بانتقاده للمادة المشار إليها، بالنظر لغموضها المريب، و»لانعكاسها السلبي على الصحة العامة وعلى المستقبل المهني لقطاع الطب الخاص، وكذا على الأعراف الطبية والمواثيق الدولية والمضامين الدستورية»، وحتى على «حرية المواطن في اختيار طبيبه»، سيما في الوقت الذي لا يختلف فيه اثنان حول واقع المستشفيات العمومية ونقص أطباء الاختصاص بها.
وحذر الدكتور عبد الكريم مومن من التهديدات التي قد تتربص بالصحة العامة ما بعد تبني المسلك العلاجي الوارد في المادة 12، لكون الأمر «سيساهم بجلاء في بطء عمليات التشخيص والتطبيب الفوري والكشف المبكر»، بالأحرى الحديث عن الحالات المستعصية والأمراض المزمنة التي تحتاج لأطباء الاختصاص، مثل السرطان، السكري، السل، الربو، الصرع، أمراض الجهاز الهضمي والتنفسي وغيرها، والتي كل تأخير في معالجتها سيؤدي حتما إلى تفاقمها وتعقيدها، أو يرفع من عدد المصابين بها إذا كانت من النوع الناشر للعدوى، وأمام ذلك لم يعثر الدكتور مومن على أدنى تفسير منطقي لمحاولة القفز على دور الطبيب الاختصاصي ضدا على أخلاقيات مهنة الطب.
وفي ذات السياق، لم يفت مصدرا من أطباء الأمراض الصدرية والتنفسية بالقطاع الخاص مثلا التأكيد على ما يشكلونه من أهمية أساسية في المنظومة الصحية على مستوى البلاد، مذكرا بما «لعبوه من أدوار خلال تواجدهم في الخطوط الأمامية لمكافحة فيروس كورونا المستجد كوفيد 19، سواء على مستوى التشخيص والعلاج أو الاستشارة والتوجيه، شأنهم شأن باقي زملائهم من أطباء الاختصاص ممن جاءت المادة 12 بمشروع القانون الإطار رقم 06.22 لتمارس عليهم الحيف والإقصاء بشكل غير مفهوم»، يضيف المصدر، عبر «إرغام المواطنين على المرور من الطب العام بشكل منتهك للمادة 2 من قانون مزاولة الطب بالمغرب رقم 133.13».
ولم يتوقف أطباء الاختصاص، والمنتسبون للجمعية المغربية لأطباء الأمراض الصدرية بالقطاع الخاص، عن انتفاضتهم ضد المادة 12 من مشروع القانون الإطار التي تنص على أنه «ينظم عرض العلاجات على صعيد كل جهة وفق الخريطة الصحية الجهوية لعرض العلاجات، وذلك على أساس احترام مسلك العلاجات الذي يبتدئ وجوبا بالمرور بمؤسسات الرعاية الصحية الأولية بالنسبة إلى القطاع العام أو من طبيب الطب العام بالنسبة إلى القطاع الخاص»، ذلك في انتظار ما إذا ستتفاعل الجهات المعنية مع نداءات المحتجين أم ستتجاهل ما قد يضع الأمر في مواجهة كل الاحتمالات الممكنة.


الكاتب : أحمد بيضي

  

بتاريخ : 05/09/2022