أكد المجلس الاقتصادي والاجتماعي أن تحديد مدونة الأسرة التي جرى اعتمادها سنة 2004، لسن أهلية الزواج في 18 سنة، الذي يوافق سن الرشد، لم ينجح في القضاء على ظاهرة تزويج الأطفال، نظرا لنص المدونة على »استثناء» يخول للقاضي خفض سن الزواج في بعض الحالات المعزولة، لكنه استثناء سرعان ما تحول إلى قاعدة، وهو ما يعكسه عدد عقود الزواج المتعلقة بقاصر المبرمة سنة 2022، والذي بلغ 12.940 عقدا، علما أن حجم الظاهرة يظل أكبر لكون الإحصائيات الرسمية لا تأخذ بعين الاعتبار حالات الزواج غير الموثق،على غرار زواج الفاتحة وغيره.
وأوضح المجلس جوابا عن توصله بإحالة من رئيس مجلس النواب، بتاريخ 13 نونبر 2023، من أجل إعداد رأي حول موضوع « إشكال زواج القاصر وأثره على الوضع الاقتصادي والاجتماعي للفتيات»، التي تأتي في سياق النقاش العمومي والمشاورات التشاركية المؤسساتية والموسعة التي تشرف عليها الهيئة المكلفة بمراجعة مدونة الأسرة، تبعا للتعليمات الملكية، أوضح أن الزواج المبكر، إلى جانب تأثيره السلبي الكبير على الوضعية الاقتصادية والاجتماعية للفتيات بوصفهن نساء المستقبل، فإن له تأثيرا سلبيا أشمل على التنمية الاقتصادية والاجتماعية لبلادنا، ويؤدي إلى تضييق الآفاق المستقبلية للفتاة، من خلال إقصائها من منظومة التربية والتكوين ومن ثم حرمانها من فرص المشاركة الاقتصادية.
كما يؤدي الزواج المبكر إلى ارتفاع مستوى الخصوبة وتكريس وضعية الفقر، ويُعَرِّضُ الصحة الجسدية والنفسية للفتيات وأطفالهن لمخاطر كبيرة.
ويؤكد المجلس الاقتصادي والاجتماعي رأيه الذي عبر عنه في تقريره الذي يحمل عنوان »ما العمل أمامَ اسْتمرار تزويج الطّفْلات بالمغرب؟»، الصادر سنة 2019، والذي يوصي من خلاله، إعمالا للمصلحة الفضلى للطفل ونهوضا بالتنمية الاجتماعية والاقتصادية للبلاد، بالإسراع بوضع حد لتزويج الأطفال بمختلف أشكاله، وذلك من خلال اعتماد استراتيجية شاملة ترتكز على ثلاثة محاور، يرتبط الأول بملاءمة الإطار القانوني مع الدستور والاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب، لا سيما من خلال نسخ المواد 20 و21 و22 من مدوّنة الأسرة التي تفتح الباب أمام الاستثناء في تطبيق قاعدة سن أهلية الزواج (18 سنة)، وتخصيص مقتضى في مدونة الأسرة متعلق بمبدأ »مصلحة الطفل الفضلى»، مع تعريف هذا المبدأ وتحديد كيفيات تطبيقه.
المحور الثاني يتعلق بمحاربة المُمارسات الضّارة بالأطفال، من خلال التنفيذ المستدام والمندمج لمختلف السياسات والإجراءات العمومية على الصعيد الوطني والترابي، لا سيما عبر تسريع تنزيل السياسة المندمجة لحماية الطفولة (البرنامج الوطني التنفيذي الثاني)، ووضع سياسة أُسَرِية تأخذ في الاعتبار التربية على تحمل المسؤولية المُناطَة بالوالدين، وتحسيس الأسر بالممارسات الضّارة بالأطفال.
أما المحور الثالث فيتجسد في وضع نظام معلوماتي من أجل تتبّع وتقييم التقدم المحرز في مجال القضاء على الممارسة المتعلّقة بتزويج الطفلات، حيث يرى المجلس أنه يجب أن يرتكز هذا النظام على مجموعة من المؤشرات الملائمة، في انسجام مع حقوق الطفل ومصلحته الفضلى وأهداف التنمية المستدامة، وعلى المعطيات المتعلقة بالحالات المحتملة لزواج وطلاق الطفلات، وحالات الزوجات القاصرات المهجورات، والعنف الزوجي والأسري ضد الزوجات القاصرات. بالموازاة مع ذلك، يوصى ببلورة تقرير سنوي، تقدمه السلطة الحكومية المكلفة بالطفولة أمام اللجان المعنية بمجلسي البرلمان، حول تطور وتيرة تزويج الطفلات والتدابير المتخذة في إطار السياسات العمومية ذات الصلة للحد من أسباب اللجوء إلى هذه الممارسة.
المجلس الاقتصادي والاجتماعي يؤكد أن تزويج الأطفال له تأثير سلبي أشمل على التنمية الاقتصادية والاجتماعية
الكاتب : جلال كندالي
بتاريخ : 21/02/2024