المجلس الوطني لحقوق الإنسان يعبر عن أسفه لضحايا احتجاجات القليعة ويشدد على ضمان الحق في التظاهر السلمي

وسيط المملكة يطلق منتديات الحكامة المرفقية نحو تجويد المرفق الصحي العمومي بمقاربة تشاركية

علامات استفهام ترافق الغاية من تعميم «إشاعة» إخلاء الإدارات والشركات في الدارالبيضاء؟

أجيال «زيد» تحتج برقيّ في مناطق وبعنف في جهات أخرى والتخريب يطال ممتلكات خاصة وعامة

 

 

خلافا لما كان يعتقده الكلّ مع بداية حراك الشباب في المغرب من أن الاحتجاجات التي انطلقت شراراتها يوم السبت الفارط في عدد من المناطق والتي اتسعت رقعتها ومداها، تدعو لها جهة واحدة تحمل اسم «جيل زيد»، والتي تقرر على منصة «ديسكورد» الشكل الاحتجاجي ومكانه وتوقيته بعد تصويت في المنصة يشارك فيه كل «روادها»، فقد تبيّن على أن هناك «أجيال زيد»، منهم من اختار الاحتجاج السلمي الراقي، ومنهم من يستغل الفرصة لتصريف أحقاد ومكبوتات ولممارسة كافة أشكال العنف والشغب والتخريب بهدف تعميم الفوضى.

الوجه الحضاري للاحتجاج

انتظر كثير من المتتبعين ألا يدعو شباب «جيل زيد» لأي شكل احتجاجي في اليوم السادس من الحراك، وذلك تفاعلا مع الأحداث التي تم تسجيلها يوم الأربعاء تحديدا، بعد أن خرجت الأمور عن السيطرة وبات منطق العنف هو السائد في الشارع العام، بل أن قصاصات تم تقاسمها صباح نفس اليوم ذهبت في نفس الاتجاه، لكن تبين مساء الخميس بأن الدعوة للاحتجاج لا تزال قائمة، وبالفعل خرج المحتجون في الدارالبيضاء والرباط وطنجة وخريبكة وغيرها من المناطق، التي عرفت احتجاجا نوعيا ذكّر المتابعين بالأيام الأولى التي نزل فيها هؤلاء الشباب إلى الشارع للمطالبة بإصلاح قطاعي التعليم والصحة وبتوفير فرص للشغل والسكن اللائق ومحاربة الفساد وغيرها من المطالب المشروعة الأخرى.
احتجاجات عرفت تنظيما محكما، بعيدا عن كل أشكال الفوضى، إذ تصدّى المشاركون فيها لكل من جاء ملثّما، وحرصوا على عدم إرباك حركة السير، وتحديد موقع احتجاجهم بعناية، حفاظا على النظام العام، وعملوا على ترديد شعاراتهم التي كانت موضوعية ويتمحور موضوعها حول المطالب التي تمت المناداة بتحقيقها بكل حرية، في حين حرصت القوات العمومية التي رافقتهم على المساعدة في التنظيم والاكتفاء بالمتابعة عن بعد والمرافقة في بعض الأماكن دون أي تدخّل يذكر.

تخريب وفوضى

إذا كانت الاحتجاجات الحضارية والراقية التي تمت أول أمس الخميس قد انتهت في جوّ هادئ، بتوجيه كلمات شكر للمصالح الأمنية والقوات العمومية، كما هو الحال في الرباط والدارالبيضاء، على سبيل المثال لا الحصر، بل وبإهداء باقات للورد كما وقع في خريبكة، فإنه في العاصمة الاقتصادية نموذجا، وبشكل غير منتظر خرجت أفواج من الملثّمين في تراب عمالة مقاطعات الحي الحسني وتحديدا بالألفة، الذين عاثوا في المنطقة خرابا وخلّفوا ورائهم خسائر في الممتلكات بالجملة، بعد أن قام المخرّبون برشق سيارات المواطنين المركونة في الشارع العام بالحجارة، بشكل غير مفهوم، وهي نفس الممارسة وإن بشكل أقلّ التي شهدتها منطقة مولاي رشيد، بعد أن انطلقت مسيرة من بن امسيك نحو حي السلامة وسيدي عثمان وصولا إلى مولاي رشيد.

مراكش .. عودة الاحتقان

عادت أعمال العنف إلى منطقة سيدي يوسف بن علي بمراكش ليلة الخميس، إثر نشوب مواجهات بين عدد من الأشخاص و القوات العمومية التي كانت مرابطة بالمنطقة. ورغم حملة الاعتقالات الواسعة التي استهدفت المشتبه بضلوعهم في ارتكاب أفعال التخريب التي شهدها الحي المذكور ليلة الأربعاء، إلا أن الاحتقان عاد مجددا بشكل أعنف، حيث أضرم المشاركون في هذه الممارسات النيران في الطريق، مستعملين حاويات الأزبال وإطارات السيارات، واستهدفوا قوات الأمن بالرشق بالحجارة، كما عمد بعضهم إلى تخريب وكالة بنكية وممتلكات خاصة.
وذكرت مصادر من عين المكان، أن القوات العمومية استعملت القنابل المسيلة للدموع وقاذفات المياه، لتفريق المجموعات المشاركة في هذه الأفعال، في الوقت الذي تم فيه توقيف العشرات من المشتبه فيهم. وبالموازاة مع هذه الأحداث، نفذت حركة جيل زيد بمراكش مسيرة احتجاجية سلمية، تحت مراقبة الأمن دون تسجيل أي حدث، وردد المشاركون في المسيرة التي وصلت إلى مدارة محطة القطار، شعارات تعبر عن مطالب اجتماعية تهم بالدرجة الأولى إصلاح التعليم وتجويد الخدمات الصحية ومحاربة الفساد، إضافة إلى المطالبة برحيل رئيس الحكومة وفريقه.
و في سياق الأحداث المؤسفة التي وقعت ليلة الأربعاء الماضي، كشف مصدر مطلع أن 18 شخصا قد جرى إيقافهم و التحقيق معهم على خلفية حادث مهاجمة مركز الدرك الملكي بتمنصورت وإضرام النار في عدد من المركبات التابعة لهذه المصلحة، مشيرا إلى تواجد اثنين من الموقوفين ينحدران من أحد الأقاليم الجنوبية، يشتبه في كونهما تزعما عملية الهجوم.

القليعة .. الوجه القاتم لحراك الشباب

تابع الجميع خلال الأيام الفارطة ما عرفته وجدة وايت ملول والقليعة تحديدا من أحداث شغب وتبعاتها، خاصة ما جرى في تراب هاته الأخيرة، حيث كشف الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بأكادير الأستاذ عبد الرزاق مفتاح، عن حصيلة هجوم 200 شخص من المتظاهرين على مركز الدرك الملكي بالقليعة، مشددا على أن المعنيين بالأمر اندفعوا في محاولة لاقتحام المركز بالقوة بهدف الاستيلاء على الذخيرة والعتاد والأسلحة الوظيفية الموضوعة رهن إشارة عناصر الدرك.
وأوضح الوكيل العام أن المهاجمين تحركوا بتنظيم لافت وإصرار واضح على الاختراق، حيث لم تثنهم الطلقات التحذيرية عن ذلك ولم تنفع في تفريقهم، بل واصلوا الاعتداء على عناصر الدرك، بمن فيهم موظفات يعملن داخل المقر. وأكد المسؤول القضائي بأنه وبناء على الضوابط القانونية الجاري بها العمل، اضطُرّت العناصر إلى استعمال أسلحتها دفاعا عن النفس وحماية للنظام العام، مشيرا إلى أن هذا الهجوم الخطير أسفر عن إصابة ثمانية من أفراد الدرك الملكي، ثلاثة منهم في حالة حرجة، فيما أصيب خمسة بجروح متفاوتة الخطورة، كما سُجِّلت ثلاث وفيات في صفوف المهاجمين ووقوع إصابات أخرى.
وأوضح الوكيل العام في مؤتمر صحفي تم عقده بأن السلطات القضائية والأمنية تتابع الملف عن كثب، وبأن الأبحاث متواصلة لتحديد هويات باقي المتورطين وتوقيفهم، مع التشديد على أن الدولة لن تتساهل مع أي فعل يمسّ بالنظام العام أو يهدد سلامة مؤسساتها.

مكناس .. مناوشات واعتقالات

شهدت مدينة مكناس، مساء الثلاثاء 30 شتنبر أحداث شغب أعقبت الوقفة الاحتجاجية التي دعت إليها حركة «جيل زيد»، حيث اندلعت مناوشات بين عدد من القاصرين وملثمين من جهة، ورجال الأمن والقوات المساعدة من جهة أخرى. المواجهات التي استمرت إلى ما بعد العاشرة ليلا، تميزت برشق عناصر الأمن بالحجارة، خصوصا قوات حفظ النظام، ما أدى إلى تدخل السلطات الأمنية لتفريق المحتجين والسيطرة على الوضع. وأسفرت هذه الأحداث عن توقيف أزيد من 100 شاب، أُفرج عن عدد كبير منهم، فيما تمت والجريدة ماثلة للطبع إحالة 43 شخصا من بينهم 14 حدثا على أنظار النيابة العامة أمس الجمعة 3 أكتوبر الجاري .
في المقابل، عرفت الوقفة التي نظمتها الحركة مساء الأربعاء فاتح أكتوبر أمام المدرسة الوطنية العليا للفنون والمهن، أجواء من الانضباط والمسؤولية، حيث رفع المشاركون شعارات تدعو إلى تجويد التعليم، وتحسين خدمات الصحة، ومحاربة الفساد، إلى جانب المطالبة بالحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية، قبل أن تنتهي في نظام وانتظام دون تسجيل أي حوادث.
في سياق مرتبط باحتجاجات الشباب، جرى يوم الأربعاء الأخير تقديم 12 شابا أمام أنظار النيابة العامة. وقد تقرر متابعتهم جميعا في حالة سراح، بعد تسجيل معطيات قضائية تخص عشرة منهم، فيما تم الإفراج عن اثنين بكفالة مالية عقب العثور بحوزتهما على أسلحة بيضاء.

«إشاعة» إخلاء الإدارات والشركات

تلقّى الموظفون والمستخدمون بعدد من الإدارات العمومية والشركات والمكاتب وغيرها معلومات تفيد بضرورة إخلاء مقرات العمل قبل الرابعة من زوال أول أمس في مدينة الدارالبيضاء، بدعوى أن احتجاجا كبيرا ستشهده منطقة وسط المدينة والذي سيتحول إلى مسيرات قد يكون لها ما بعدها. هذا «الخبر» خلق موجة من الذعر في صفوف الكثيرين الذين غادروا أماكن عملهم مما تسبب في اختناق مروري كبير، وأدى تقاسم «المعلومة» إلى تشي قلق كبير في أوساط الأباء والماهت الذين سارعوا نحو مؤسسات تعليمية لاصطحاب أبنائهم، هذا في الوقت الذي أغلقت فيه محلات تجارية ودكاكين للبقالة وغيرها أبوابها واعتماد مبدأ الحذر تفاديا لأي تخريب محتمل.
وتسببت هذه الوضعية المقلقة التي دفعت البعض إلى اقتناء مواد غذائية إضافية وغير ذلك، في خروج مصدر من ولاية جهة الدارالبيضاء سطات لنفس الإشاعة التي تم تداولها ولطمأنة المواطنين وحثهم على التعامل الهادئ بعيدا عن كل ارتباك لا أساس له من الصحة، وهو ما جعل الكثيرين يطرحون علامات استفهام عديدة حول مصدر «الإشاعة» والغايات منها، شأنها في ذلك شأن مظاهر الفوضى التي تندلع بين الفينة والأخرى في هاته المنطقة أو تلك، والتي تتناقض بشكل مطلق مع مظاهر الاحتجاج السلمي الذي يؤكد عليه الشباب الواعي من «جيل زيد»، وعمن يسعى للتحكم في هذه الخيوط وهندسة سيناريوهاتها؟

المجلس الوطني لحقوق الإنسان يدخل على الخط

عبّر المجلس الوطني لحقوق الإنسان عن أسفه العميق لسقوط ثلاثة قتلى وإصابات في صفوف محتجين وعناصر من القوات العمومية خلال الاحتجاجات التي شهدتها منطقة القليعة بعمالة إنزكان وعدد من المدن المغربية، مؤكدا ضرورة فتح تحقيق شامل في كل الحالات التي مست الحق في الحياة أو السلامة الجسدية. وسجل المجلس، في خلاصات وتوصيات أولية أعقبت اجتماعا موسعا عقدته رئيسته آمنة بوعياش يوم فاتح أكتوبر 2025، أنه تم إطلاق سراح عدد كبير من المحتجين، مذكرا في الآن ذاته بإدانة محاولة اقتحام وإضرام النار بمركز الدرك الملكي بالقليعة، حيث تقطن عائلات بالطابق الأول من المبنى.
وأوضح المجلس أنه شكل منذ بداية الدعوات للاحتجاج فرق رصد ميدانية على ثلاثة مستويات، جهوية عبر لجانه الاثنتي عشرة، وطنية، ورقمية، من خلال تتبع التفاعلات في منصات التواصل الاجتماعي ومنصة «ديسكورد»، والتواصل المباشر مع السلطات المحلية ومع الشباب المحتجين. وأكد المجلس الوطني، على أهمية ضمان الحق في التجمع السلمي باعتباره مكسبا ديمقراطيا، مبرزا أن هذا الحق لا يمكن أن يقترن بممارسات عنيفة أو انحرافات خطيرة من قبيل الرشق بالحجارة، السرقة، إحراق السيارات، أو إتلاف الممتلكات العامة والخاصة. ودعا المجلس إلى إعمال التأويل الحقوقي في التعامل مع التظاهرات، سواء تم التصريح بها أو لا، مع التشديد على ربط هذا الحق بشرط السلمية وحماية المواطنات والمواطنين، بمن فيهم المحتجون ورجال الأمن، من أي انتهاك لسلامتهم الجسدية.
وفي ما يخص الفضاء الرقمي، رصد المجلس عددا من التعبيرات الرقمية التي تضمنت محتوى مضللا أو دعوات صريحة للعنف، بينها التهديد بإحراق مؤسسات عمومية واستهداف مسؤولين، فضلا عن حملات تشهير بكرامة مواطنين ومواطنات، خاصة النساء، ممن عبروا عن رفضهم للعنف أو عدم رغبتهم في المشاركة في المظاهرات، مشيرا إلى أن بعض الحسابات التي نشرت هذه الدعوات تعود لدول أجنبية أو أنشئت حديثا دون أي نشاط أو محتوى.
المجلس ذكر أيضا بالمبادئ الكونية المرتبطة بحرية التعبير والتجمع السلمي، باعتبارها حقوقا أساسية يكفلها الدستور المغربي والمواثيق الدولية، لكنه شدد في المقابل على أن التجمع السلمي لا يتعارض فقط مع العنف الخطير والواسع النطاق، بل لا يجوز ممارسته أصلا باستخدام العنف. وسجلت فرق المجلس الوطني لحقوق الإنسان استمرار الاحتجاجات في مدن عدة مثل سلا، الراشيدية، الداخلة، تارودانت (القليعة) والرباط، بعضها اتسم بالطابع السلمي، فيما عرف بعضها الآخر حضور أعداد كبيرة من القاصرين إلى جانب اندلاع أعمال عنف. كما قدم المجلس في بلاغه التعازي لأسر الضحايا الثلاثة، مؤكدا أن لجانه الجهوية ستبقى منفتحة على الحوار والتفاعل مع مختلف التعبيرات المدنية، وأن المؤسسة ستواصل عمليات الرصد والتتبع الميداني وملاحظة المحاكمات لضمان فعلية الحقوق والحريات.

وسيط المملكة يطلق منتديات الحكامة المرفقية

في خطوة جديدة تعكس دينامية مؤسسة وسيط المملكة في تكريس مبادئ الحكامة الجيدة وتعزيز الأداء الإداري، أعلنت المؤسسة عن إطلاق برنامجها الجديد تحت اسم «منتديات الحكامة المرفقية»، الذي سُيفتتح هذا العام بنسخته الأولى تحت شعار «الخدمات الصحية العمومية»، في سياق يتطلب إصلاحا عميقا وشاملا لقطاع الصحة العمومي في المغرب. ويأتي هذا البرنامج استنادا إلى الأدوار الدستورية التي يضطلع بها وسيط المملكة كمؤسسة وطنية مستقلة ومتخصصة في الدفاع عن الحقوق في إطار العلاقة بين الإدارة والمرتفقين، ووفقًا لمقتضيات القانون المنظم لها، لاسيما في شقه المتعلق بترسيخ مبادئ الحكامة وتحسين أداء الإدارة العمومية، كما ورد في الفصل الثالث والمادة 46 من القانون المؤطر.
ويهدف البرنامج، الذي يقوم على مقاربة تشاركية، إلى فتح حوار وطني موسع حول جودة الخدمات الصحية، بمشاركة واسعة من الشباب وفعاليات المجتمع المدني والخبراء والمهنيين في القطاع الإداري والصحي. وسيتم تنظيم سلسلة من اللقاءات المفتوحة، وجلسات الإنصات، وورشات الحوار على المستويات الوطنية والجهوية والإقليمية، بغرض بلورة توصيات ومقترحات عملية يمكن أن تسهم في إصلاح المنظومة الصحية العمومية وتعزيز علاقتها بالمواطنين. كما ستُخصص قنوات رقمية موازية لاستقبال الأفكار والمقترحات والتجارب، بما يتيح للمواطنين من مختلف مناطق المملكة فرصة التفاعل والمشاركة في هذا الحوار المؤسساتي.
ويأتي هذا البرنامج في امتداد لنهج مؤسسة الوسيط في تفعيل برنامجها «إدارة المساواة»، الذي انفتح على مكونات المجتمع المدني والحركات الحقوقية والنسائية من خلال ورشة تشاور مدني نظمت يوم 17 شتنبر الماضي، وشكلت سابقة في إشراك المجتمع المدني في قضايا الحكامة. وتعول المؤسسة على انخراط واسع من الشباب والفاعلين المدنيين في هذا الورش، ليشكل خطوة متقدمة في إرساء ممارسة ديمقراطية تشاركية، تعكس إرادة حقيقية في تدبير الحوار العمومي حول السياسات العمومية، وترسيخ ثقافة المواطنة الفاعلة والمبادرة في قضايا المرفق العمومي. ويُنتظر أن تسفر هذه المنتديات عن توصيات ملموسة ترفعها المؤسسة للجهات المعنية، في إطار دورها كقوة اقتراحية تهدف إلى تجويد أداء الإدارة، والارتقاء بالخدمات العمومية لتستجيب لتطلعات المواطنين، خاصة في قطاع حيوي وحساس كالصحة.

الشعلة تدعو لتغليب
صوت الحكمة

بدورها أكدت جمعية الشعلة للتربية والثقافة متابعتها بوعي مسؤول واهتمام بالغ، خروج عدد من شباب المغرب إلى الشارع للتعبير السلمي عن مطالب اجتماعية واقتصادية ملحّة، مشيرة إلى أن هذه اللحظة تكشف من جديد عمق الأزمة التي يواجهها هذا الجيل، وما يحمله من أسئلة مشروعة حول المستقبل ومكانته في المشروع الوطني. وشددت الجمعية في بيان لها على أن هذه الاحتجاجات ليست خروجا عن روح المواطنة، بل هي ممارسة راقية لحق أصيل يكفله الدستور، وتجسيد لمفهوم المواطنة الفاعلة، مبرزة بأن الاحتجاج السلمي هو رسالة سياسية واجتماعية مفتوحة، تدعو إلى إعادة صياغة عقد اجتماعي جديد يقوم على العدالة والكرامة والحرية، ويعيد بناء الثقة بين الدولة ومواطنيها.
وعبّرت الشعلة عن تضامنها الكامل مع المطالب الشبابية المشروعة، مدينة في نفس الوقت وبكل وضوح كل أشكال العنف والتخريب للممتلكات العامة والخاصة، باعتبارها ممارسات تسيء إلى سلمية الحركات الاحتجاجية وتفقدها مشروعيتها الأخلاقية والقانونية، داعية جميع القوى الحية، دولة ومجتمعا، إلى تغليب صوت الحكمة، وتحكيم العقل، وتجنب كل ما من شأنه أن يزج ببلادنا في دوامات التوتر أو يهدد استقرارها وأمنها الجماعي، محذرة في المقابل من الخطر الأكبر الذي يتهدد مجتمعنا اليوم المتمثل في تآكل الأمل وفقدان الثقة لدى الأجيال الصاعدة، حينما يشعر الشباب بأن مستقبلهم ضبابي وأن أصواتهم لا تجد صدى في السياسات العمومية، معتبرة أن قتل الحلم داخل النفوس أخطر من أي أزمة اقتصادية.


الكاتب : وحيد مبارك ـ كندالي، الريحاني، الكباص، الكامل، بلحوجي

  

بتاريخ : 04/10/2025