خطوة تنظيمية لافتة أعلنت عنها مجموعة اتصالات المغرب يوم 19 يونيو 2025، تجلت في اعتماد تغيير هيكلي في نظام الحكامة، من خلال الانتقال من نموذج ثنائي يجمع بين مجلس للرقابة ومجلس للإدارة الجماعية، إلى نموذج موحد بمجلس إدارة واحد، في تطابق تام مع المقتضيات القانونية الجاري بها العمل، وسعيا نحو تعزيز نجاعة اتخاذ القرار داخل واحدة من كبرى المجموعات المدرجة في بورصة الدار البيضاء.
هذا التحول تمت المصادقة عليه في إطار الجمعية العامة غير العادية المنعقدة يوم 18 يونيو الجاري، قبل أن يُفعَّل رسميا خلال اجتماع مجلس الإدارة في اليوم الموالي، وهو ما يشكل بداية مرحلة جديدة في حكامة المجموعة، عنوانها تبسيط الهيكل التنظيمي وتيسير التناسق الاستراتيجي بين مختلف أجهزة التدبير والتوجيه.
وفي إطار هذا النظام الموحد، جرى تجديد عضوية جميع أعضاء مجلس الرقابة بصفتهم أعضاء في مجلس الإدارة، ما يعزز من استمرارية الإشراف الاستراتيجي ويضمن الانتقال السلس في سياق دقيق يطبعه التسارع التكنولوجي وتنامي الرهانات المرتبطة بالتحول الرقمي وتنافسية السوق.
وقد أفضى الاجتماع ذاته إلى إعادة تعيين محمد بنشعبون مديرا عاما لمجموعة اتصالات المغرب، وهو المنصب الذي كان يشغله سابقا بصفته رئيسا لمجلس الإدارة الجماعية. ويمثل هذا التعيين تكريسا للثقة في مسار بنشعبون، الذي راكم خبرة واسعة في المالية العمومية والبنوك، ثم في تدبير المقاولات الكبرى، وكان تعيينه على رأس اتصالات المغرب في فبراير الماضي قد شكل انتقالا لافتا بعد مرحلة طويلة من إشراف عبد السلام أحيزون، الذي ارتبط اسمه لأزيد من عقدين بالتسيير العمودي الصارم للمجموعة.
وتؤكد اتصالات المغرب من خلال هذا التحول المؤسسي التزامها بتعزيز فعالية الحكامة الداخلية، وتكريس ثقافة النجاعة في اتخاذ القرار، بما يواكب تطورات السوق ويوفر بيئة أكثر مرونة للتفاعل مع التحولات التكنولوجية والتجارية المتسارعة، سواء على الصعيد الوطني أو في الأسواق الإفريقية التي تنشط فيها المجموعة عبر فروعها.
ويأتي هذا التغيير في سياق مرحلة دقيقة تعرفها المجموعة، تتسم بإعادة ترتيب المشهد التنافسي في قطاع الاتصالات، وتصاعد الضغوط التنظيمية والتجارية، فضلاً عن تحديات الاستثمار في البنية التحتية الرقمية ومواكبة التحول نحو خدمات الجيل الخامس والحوسبة السحابية.
فعلى المستوى المالي، لا تزال اتصالات المغرب تحقق أرباحاً صافية سنوية تتجاوز 6 ملايير درهم، مع هوامش ربحية قوية، خصوصا بفضل أداء فروعها الإفريقية التي تمثل أزيد من 45% من رقم معاملاتها الموحد. غير أن الإيرادات في السوق المغربية باتت تواجه تحديات حقيقية بفعل نضج السوق وثبات عدد المشتركين، إلى جانب الضغوط التنظيمية المتزايدة، ما يفرض على المجموعة البحث عن نماذج نمو جديدة قائمة على الابتكار والخدمات ذات القيمة المضافة.
وفي هذا الصدد، تبقى العلاقة مع الوكالة الوطنية لتقنين المواصلات عاملا بالغ الأهمية في تحديد هامش التحرك الاستراتيجي للمجموعة. فبعد سنوات من التوترات المعلنة بين اتصالات المغرب والهيئة التنظيمية، خصوصا في ملفات تتعلق بفك الارتباط وإتاحة البنية التحتية للمنافسين، شهدت المرحلة الأخيرة نوعا من الانفراج، تجلى في احترام قرارات الغرامات والتوجه نحو المزيد من الامتثال للضوابط التنظيمية، إلا أن التوازن لا يزال هشا، وقد يعاد اختباره في أية لحظة مع بروز ملفات جديدة مرتبطة بأسعار الجملة، وتوزيع الطيف الترددي، وشروط ولوج شبكات الجيل الخامس.
المجموعة تطوي صفحة التدبير العمودي لأحيزون اتصالات المغرب ..تختار نموذج الحكامة الموحدة وتعيد تعيين بنشعبون مديرا عاما

الكاتب : عماد عادل
بتاريخ : 21/06/2025