المحطة الطرقية الرباط: معلمة حضارية واجتماعية تجمع بين الحداثة والاصالة

تشهد العاصمة السياسية للمغرب حركة عمرانية هائلة، تتمدد اخضرارا ،وتتنوع طرقيا، وتعلوا عماراتها خرسانيا ،باشكال وتيمات مستلهمة من انماط العمارة الاندلسية والمغربية والأوربية ، حتى اصبحت المدينة ملتقى الحضارات وفنونها، ولم يقتصر الامر على التوسع العمراني الجديد للمدينة بل أعيد تجديد المدينة القديمة، ومعالمها التاريخية، قصبة الوداية، شالة، السور الموحدي، صومعة حسان، دار السلطان، الحدائق الاندلسية..
فقد اعيد تجديدها واحياؤها على احدث اساليب تخطيط المدن وتقنياتها التي توجب توفير كل الخدمات التي تستلزمها حياة الانسان المعاصر ونشاطاته المختلفة.
اليوم الرباط متألقة متلئلئة بأحيائها المتكاملة، وساحاتها الخضراء وحدائقها وشوارعها الواسعة، ودور الثقافة، والترفيه والالعاب الرياضية والاسواق المتكاملة.
هذه النهضة العمرانية المتسعة والمتعددة من الصعوبة الاحاطة بها، بكافة مظاهرها، لكن نحن اليوم نرصد بعض من معالم التطور العمراني والخدماتي بها.
لقد اولى المسؤولون للعاصمة عناية فائقة لتخطيط المدينة، وحسبما يستدعيه التخطيط من دراسة لاحتياجات المواطنين الحالية والمستقبلية واحتمالات النمو في عدد السكان والزوار وفي النشاطات الاقتصادية المختلفة وكذا متطلبات المشاريع الانمائية من قبيل الطرق وشبكات الماء الصالح للشرب وشبكات المجاري الصحية والجسور ومواقف السيارات الحديثة التحت ارضية.
إن هناك مشاريع ضخمة ستغير من ملامح عاصمة المملكة ومن ضمنها المسرح الكبير الذي يعتبر ايقونة معمارية وثقافية وفنية، اضافة الى برج محمد السادس، لكننا سنتوقف اليوم عند اهم المشاريع الحضارية والاجتماعية التي ستحول الرباط الى عاصمة للسياحة الثقافية والفنية بفضل معلمة ستسهل الولوج والخروج من والى هاته المدينة المعلمة الحضارية الكبرى، إنها المحطة الطرقية الكبرى التي دشنها جلالة الملك محمد السادس في يونيو الماضي2022 ، هاته المحطة التي تتصف وتشتمل على تجهيزات حديثة وتجمع ما بين الاصالة والحداثة في هندستها وفي تصميمها الفريد بأنامل المهندس المغربي بن عبد الله فكري، في قوالب معمارية متطورة تقنيا وتكنولوجيا، بانظمة معلوماتية تسمح للمسافر الاطلاع على كافة المعطيات المرتبطة بالسفر عبر شاشات موزعة في كل ارجاء المحطة للتتبع والمواكبة والاطلاع على توقيت السفر نحو مختلف المدن المغربية، وكما ان المحطة تتوفر على 46 منصة للحافلات وحوالي100 مكان لوقوف السيارات، وحوالي 40 متجر لتقديم مختلف الخدمات،هاته المنشئات تم تشييدها على مساحة 08 هكتارات منها حوالي21 الف متر مربع كلها مبنية، هاته المحطة الكبيرة جاءت من اجل تعزيز صورة المدينة والارتقاء بجاذبيتها نحو مصاف العواصم العالمية الثقافية، ولتستقبل ازيد من 10 الاف مسافر يوميا نحو جميع مدن المملكة شرقا وغربا وشمالا وجنوبا،وفي احسن الظروف وبجودة عالية وفي امن وامان تحت اشراف ادارة المحطة غايتها ارضاء المسافر لتيسير سبل السفر والتنقل عبر مكاتب المحطة لاقتناء التذاكر عن طريق ادارة المحطة وموظفيها او عن طريق الشبابيك الاتوماتيكية.
ان هاته المحطة تتواجد بوسط ايكولوجي وبيئي ارضه مكسوة بعشب اخضر تجلل وتسر الناظرين، وبأشجار تنمو في تمايل هنا وهناك وكأنها تلقي التحية لتوديع مسافر او استقبال زائر، هذا المشهد الرائع يبين وبالملموس حضور هاته المقاربة المتكاملة سواء منها البيئية اوالمعمارية اوالفنية اوالايكولوجية، من اجل الرباط مدينة الانوار.


الكاتب : محمد طمطم

  

بتاريخ : 24/03/2023