تتعلقان بتدهور البنية التحتية للسوق البلدي وتدني الخدمات الصحية بالمدينة
في ظل التحولات العمرانية المتسارعة التي تشهدها مدينة المحمدية، تبرز الحاجة اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى إحداث متنفسات طبيعية تحفظ التوازن البيئي وتعيد للمدينة شيئا من طابعها الأخضر الذي عُرفت به سابقا .
كانت مدينة المحمدية أو فضالة كما يسميها أهلها تلقّب بـ «مدينة الزهور»، بفضل ما كانت تتوفر عليه من حدائق ومنتزهات طبيعية كالحَطْبة، وفضالة سبور وغيرها من المساحات الخضراء التي شكّلت على مدى عقود فضاء للراحة والاستجمام ومتنفسا حقيقيا لسكان المدينة. غير أن هذه الفضاءات اختفت تباعا، بعدما التهمها زحف العقار دون بدائل بيئية تواكب توسع المدينة وتزايد ساكنتها.
في خضم هذا المشهد يبرز وادي المالح كواحد من آخر المعالم الطبيعية التي لا تزال صامدة رغم الإهمال. ويمتد هذا الوادي بمحاذاة شارع الرياض وقنطرة المالح، مشكّلا شريطا طبيعيا غنيا بالنباتات البرية، ويتميّز بقربه من العديد من الأحياء السكنية، مما يجعله مرشحا مثاليا للتحول إلى منتزه حضري بيئي.
مطالب الساكنة
والمجتمع المدني
في الآونة الأخيرة، تعالت أصوات فعاليات مدنية وسكان محليون تطالب بتهيئة ضفاف وادي المالح وتحويلها إلى فضاء بيئي مفتوح يضم ممرات للمشي والرياضة، ومساحات للجلوس والاستجمام، مع الحفاظ على الطابع الإيكولوجي للمنطقة، وزرع أشجار محلية تعزز التنوع البيولوجي.
وترى هذه الأصوات أن الاستثمار في البيئة لا يقل أهمية عن الاستثمار في البنية التحتية، لما له من أثر مباشر على جودة الحياة، والصحة النفسية والجسدية للساكنة، كما أنه يعزز صورة المدينة كوجهة للعيش النظيف والمستدام.
بين الوعي البيئي
وطغيان الإسمنت
في الوقت الذي تراهن فيه عدة مدن مغربية على الاستدامة والتوازن البيئي، يبدو أن المحمدية تسير في اتجاه مغاير، مع تضييق الخناق على المساحات الخضراء وغياب رؤية واضحة لإدماج البيئة في مشاريع التنمية الحضرية.
نداء إلى الجهات المعنية
محليا ووطنيا
أمام هذا الوضع توجه الساكنة نداء إلى كل الجهات المعنية من أجل العمل على تهيئة ضفافي وادي المالح ونفيفيخ وتحويلها إلى متنفس بيئي طبيعي بمواصفات تحترم الخصوصيات الإيكولوجية، إضافة إلى إنشاء منتزهات ومسارات للمشي والرياضة تكون مفتوحة للساكنة، والحرص على حماية الغطاء النباتي الموجود وتعزيزه بأشجار محلية، مع ضرورة منع أي تدخل عمراني قد يهدد هذا الفضاء البيئي.
إنقاذ ما تبقى
من «روح مدينة الزهور»
إن تهيئة هذا المجال ستساهم في تحسين جودة الحياة، وفي الرفع من جاذبية المدينة، وتمكين الأطفال والعائلات من فضاء مفتوح وآمن للترفيه والراحة. فمدينة المحمدية تستحق الحفاظ على ما تبقى من طبيعتها، وهو ما يستدعي من الجميع الحفاظ على ما تبقى من فضاءاتنا الخضراء. فهل تتحرك الجهات المسؤولة لوقف هذا النزيف البيئي؟ وهل تُستثمر ضفافي وادي المالح ونفيفيخ بالشكل الذي يخدم المدينة وساكنتها؟ إنها أسئلة تظل معلقة في انتظار إرادة حقيقية تنقذ ما تبقى من «روح مدينة الزهور».