المخرج أمين ناسور ليس مجرد إسم في عالم الإخراج المسرحي والدرامي. فهو قبل كل شيء أحد المثقفين من ذوي الرؤية الدقيقة والوعي الحاد بالمسألة الثقافية في المغرب.
المخرج أمين ناسور لا يتوقف عند الصعوبات التي تعترضه، بل يزيح جانباً كل ما من شأن أن يؤدي إلى عرقلة العمل وتواصل رسالته واستمرارها، كما يدفعه إصراره على إنجاز العمل أحياناً إلى التخلّي عما يعتبره آخرون من الضروريات.
عن عرض الفيشطة يقول المخرج أمين ناسور، هو عمل مختبري مسرحي لفرقة آرتيليلي اجتمع حوله مجموعة من الفنانين من مختلف التخصصات الفنية و اشتغلنا فيه على فن العيطة كتراث لا مادي مغربي أصيل، لنخرج للخشبة عرضا ينتمي لمسرح المنوعات (ميوزيك هول ) بسمات مغربية معاصرة.
وعنالرسالة التي تريد إيصالها عبر الفيشطة ،يجيب، أنه ليست هناك رسالة معينة في مسرحية الفيشطة بقدر ما هي إشارات متعددة فيها ماهو فني من خلال الإشتغال على فن العيطة بطريقة جديدة و مزجه بفنون أخرى و خلق فرجة مسرحية متنوعة و بطرح جمالي مختلف، و ماهو سياسي إجتماعي، لأترك للجمهور هامش التعرف عليه خلال مشاهدته للعرض.
وبخصوص مساحة الإبداع في هذه المسرحية وما إن كانت كانت مكبلة ،يرى المخرج أمين ناسور، عكس ذلك تماما ، مضيفا، لم تكن هناك أية قيود مفروضة في مساحة إبداع عرض الفيشطة، إلا التزامنا بالنمط التراثي الذي قررنا الإشتغال عليه و كذلك حرصنا على نسج حبكة درامية وفية للطرح الجمالي و الأسلوب الفني المختار للعرض، و شخصيا كمخرج لدي إيمان راسخ أن المسرح عمل جماعي يجب أن يساهم كل ذي تخصص من موقعه في الإقتراح و تطوير و تجويد العمل وفق رؤية إخراجية واضحة و تترك الحيز اللازم للمصممين المسرحيين.
لقد ناقش العديد من الأدباء والنقاد فكرة الهدف الذي يصبو إليه الأدب الشعبي، هل هي للمتعة فقط ،أم المتعة والفائدة معا وهل يمكن للأدب أن يكون غاية في نفسه وأيهما يجب أن يكون الأعلى قيمة في النص الأدبي أو العرض المسرحي ؟،عن هذا السؤال المركب، يقول، إن الأدب أدب و العرض و الفرجة شئ آخر لكل مقوماته و أسسه التي يجب أن نعرف حدودها و نقط الإلتقاء بينها أيضا، أحيانا نجد عروضا موغلة في الطرح الأدبي و تفقد عنصر الفرجة التي هي أساس مهم في المسرح و العكس أيضا مهم، لا يمكننا أن نخلق فرجة مسرحية من دون سند أدبي و فكري متين … بمعنى آخر يجب خلق توازن بين الفكري و الفرجوي لكي يكون العرض وفيا لفن المسرح.
طرح آخر يرى أنه عندما نقارن المسرحيات التاريخية والتراثية بغيرها نجد أن للمسرحية التاريخية وقع كبير على النفوس، ويلاحظ بشكل واضح رضى الجمهور عن ذلك ، ما يجعل المرء يتساءل حول السر وراء تفاعل جمهور المسرح مع كل ماهو كلاسيكي أكثر من ماهو معاصر ،هذه النظرة يعارضها المخرج أمين ناسور، ويصرح قائلا، « لا أتفق مع هذا الرأي، الجمهور بالنسبة لي يتفاعل مع العروض التي يستمتع فيها بصريا، فكريا و حسيا كيفما كان أسلوبها أو توجهها الفني أو حتى طريقة كتابتها … فرادة الطرح الجمالي و المسرحي هي المحدد الأساسي لإقبال الجمهور و المهتمين على عرض من عدمه».
للإشارة ،العرض المسرحي الجديد الفيشطة، هو ميوزيك هول مغربي فرقة آرتيليلي للفنون، تم إنتاجه بشراكة مع المسرح الوطني محمد الخامس. انطلاقا من نص يعتبر نتاج إقامة فنية مختبرية اشتغلت فيها الفرقة على فن العيطة المغربي بطريقة جديدة ومعاصرة، تمزج بين أصالة هذا الفن وجماليات مسرحية متنوعة.
يؤدي أدوار المسرحية كل من الفنانة مريم الزعيمي، والفنانة السعدية لاديب، والفنان كمال الكاضمي، والفنان فريد الركراكي، وعهد بتصميم الموسيقى للفنان ياسر الترجماني، مع عزف وأداء عبد الكريم شبوبا،وقد صمم رقصات العرض الكوريغراف زكريا بنان رفقة شرف الناجي، وشارك في أداء الرقصات كل من هاجر الزهري وزينب بوزوبع ،وصممت الملابس الفنانة أسماء هموش، وقام بتصميم الإضاءة عبد الرزاق أيت باها، كما تكلف بتصميم السينوغرافيا الفنان طارق الربح، أما الدراماتورجيا والإخراج فهما من توقيع الفنان أمين ناسور.