من تنظيم «ماستر دراسات مسرحية» بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالمحمدية، وضمن سلسلة لقاء مع مخرج، عرفت رحاب هذه الكلية يوم الخميس 07 نونبر 2024، استضافة المخرج السينمائي المغربي سعد الشرايبي، ويعتبر هذا اللقاء السابع من نوعه، حيث سيرت هذا اللقاء الدكتورة أمل بنويس.
وقد انطلقت أشغال هذا اللقاء بعرض شريط فيديو قصير عن حياة سعد الشرايبي.
بعد هذا تناول الكلمة الدكتور أحمد توبة وتحدث عن كتاب «شذرات من ذاكرة» للمحتفى به باعتباره كاتبا ومخرجا، كما أشار إلى أن كتابات سعد الشرايبي مرتبطة بالهوية المغربية، كنصوص نظرية حول حرية التعبير في فترة سنوات الرصاص، ينوه فيه بمخرجين تركوا بصمة في تجربته، حيث تضمن الكتاب أربعة أجزاء وخاتمة يتداخل فيها ما هو خاص وعام، مرورا على ذكر محطات أساسية من حياته منذ الطفولة إلى الآن ليصبح هذا الكتاب مرجعا للطلبة والدارسين، فهو أي الكتاب، يتضمن دفاعه عن قضية المرأة وحقوق الإنسان من خلال السينما، باعتباره مبدعا ملتزما بما هو وجودي، كما تحدث عنه كمؤرخ يوازي بين التنظير والتطبيق.
بعده تناول الكلمة الدكتور الحبيب الناصري، ليشير إلى أن سعد الشرايبي يحمل هما ثقافيا وفكريا، وله حلمه يمرره عبر رؤيته الفنية المرتبطة بالاختلاف والتعايش، لينتهي الحبيب الناصري إلى طرح سبعة أسئلة على المحتفى به، أراد منها أن يقبض على الكواليس والمسكوت عنه.
أولها تعلق ببدايات حياة سعد الشرايبي، الذي أجاب بكل أريحية، باعتبار أن ولادته كانت سنة 1955، والصورة التي بقيت راسخة في ذهنه كطفل، هي فرحة الشعب المغربي، بمعنى أنه تربى وترعرع في بداية الاستقلال وكان شاهدا على التحول الذي عرفه المغرب منذ استقلاله، ومن تلك الفترة حسب قوله تكونت لديه الأفكار التي ساعدته في حياته المهنية، كما أشار إلى أنه نشأ وكبر في عائلة تكونت من أحد عشرة فردا، متنقلا في دراسته بين الدار البيضاء وفاس وفرنسا.
أما السؤال الثاني الذي طرحه عليه الحبيب الناصري فتعلق بمسار دراسته، ليذكر المحتفى به أن بدايات دراسته كانت من أجمل اللحظات، حيث كان حلمه مغايرا لما تتطلبه العائلات المحافظة آنذاك، فاختار دراسة السينما.
أما السؤال الثالث، فقد انصب عن علاقته بمجموعة الدار البيضاء، فكان رده عن هذا السؤال مرتبطا بسنوات السبعينات وبالضبط خلال اجتماع الأندية السينمائية بمكناس، حيث كان يحمل قلقا مرتبطا بالإنتاج السينمائي، نتج عنه إمكانية إنجاز أفلام بدون أي إمكانيات سينمائية، حيث تطور هذا السؤال ليصبح حقيقة فعلية من خلال مساهمة سبعة سينمائيين تطوعوا لتحقيق هذا الحلم، فكانت النتيجة هي إنجاز فيلم «رماد الزريبة»، بميزانية 60.000 درهما وشاهده حسب قوله 250.000 متفرج. ومن هنا كانت الانطلاقة لإنجاز أفلام مع استقلالية كل مخرج على حدة، فكانت انطلاقة للتصالح مع الجمهور المغربي نظرا للمواضيع المطروحة اجتماعيا، فكان هذا هو فكر مجموعة الدار البيضاء.
بينما السؤال الرابع، فتمحور حول ارتباط المحتفى به بالجامعة المغربية للأندية السينمائية، فانصبت إجابته على فترة سنوات الرصاص، وما تلاها من نقاشات حادة حول الاحتجاجات والإضرابات في تلك الفترة، ليصبح السؤال مرتبطا بإمكانية انخراط المجموعة في العمل السياسي وطريقة تناول المواضيع من الناحية الثقافية كحل عوض الحل السياسي، فكانت بداية للانسلاخ عن التبعية الاستعمارية كالتزام بالقضايا الوطنية.
أما السؤال الخامس الذي طرحه الدكتور الحبيب الناصري، فقد تناول إمكانية وجود حلول لتجد أفلام المؤلف المرتبطة بالقضايا الفكرية مكانتها في المشهد السينمائي المغربي، فكان جواب المحتفى به صادقا عندما اعترف بخطئه نظرا لعدم وجود رؤية استباقية لما سيحدث من تحول مؤثر بشكل سلبي على تكوين الفرد، وتغذية ذوقه جراء تقديم أفلام رديئة لا ترقى بالذوق والأخلاق التي كان يصبو إليها مع زملائه السينمائيين الأحرار.
الأسئلة مست أيضا علاقته بالمدرسة والتربية على الصورة، كرهان مستقبلي، فأكد المحتفى به على أن الحل كان ولا يزال يوجد في المدرسة، وقد تم في فترة ما خلق أندية سينمائية في عهد ولاية الدكتور الساعف، لكن الفكرة كمشروع أجهضت بعد ذلك بسبب الظرف السياسي الذي تلى هذه المرحلة.
وأخيرا تطرق الشرايبي الى موقع السينما المغربية في السياق المغاربي والعربي، بنوع من التفاؤل باعتبار أن المغرب، حسب قوله، من في البلدان التي تنتج الكثير من الأفلام، غير أن هذه النتيجة اكتنفتها صراعات وأنانية في الكواليس بين بعض المخرجين المغاربة، فتكونت جراء هذا ثلاثة أجيال متناقضة. وبغض الطرف عن هذه المشاكل، فالسينما في رأيه، حاضرة بقوة في المهرجانات الدولية والعربية، وأحرزت جوائز مشرفة، غير أنه الآن هناك صراع حول نص قانوني سيرجعنا خمسين سنة إلى الوراء، لأنه لا يحمل ولو كلمة عن حرية التعبير ولا يحمل إلا ما تعلق بالترخيصات والعقوبات، وهذا ليس في صالح الإنتاج السينمائي المغربي.
وفي الأخير انتهى اللقاء بطرح أسئلة متعددة ومتنوعة من طرف الطلبة والحاضرين، على المخرج المحتفى به سعد الشرايبي.