المداخيل المالية لجماعة الدارالبيضاء .. تقاعس في الاستخلاص وانحناء للانتخابات

عقدت رئيسة جماعة الدار البيضاء، قبل أيام، اجتماعا موسعا لرؤساء المقاطعات ومعهم شركات التنمية المحلية وكبار موظفي الجماعة وبعض النواب المفوض لهم بعض المهام، لتضع أمامهم بعض الملفات والمشاريع التي تستوجب الحسم في أقرب الآجال، ومنها الأوراش الكبرى المتعثرة والتي تتطلب تبني مقاربة التدبير المشترك والمتابعة المستمرة، باعتبار ذلك مدخلا محوريا لتعزيز التنمية المحلية وتحسين جودة الحياة داخل تراب الجماعة، خاصة ونحن على مشارف تنظيم كأس إفريقيا للأمم والذي يليه الإعداد الكامل لتنظيم كأس العالم.
ومعلوم أن بعض الأوراش الكبرى عرفت تعثرا في الإنجاز، كما هو الحال بالنسبة لحديقة الحيوانات عين السبع وكورنيش زناتة، وإعادة تهيئة بعض المرافق والأسواق وغيرها من المشاريع التي تضمنها البرنامج التنموي للدار البيضاء 2015/2020.
لكن أهم نقطة وقف عندها الاجتماع، هي تلك المتعلقة بالمداخيل المالية لخزينة الجماعة، وهي التي تعرف تعثرات كبيرة في عملية الاستخلاص، وإن كانت رئيسة المجلس قد وطأت لهذا الموضوع كون مجلسها استطاع رفع ميزانية الدار البيضاء من 340 مليار سنتيم إلى 500 مليار سنتيم، إلا أن الطموح الذي تنتظره الإدارة المغربية أكبر من ذلك بكثير، لذلك ركزت على تحفيز الرؤساء في المساعدة في استخلاص مستحقات الجماعة المالية.
هذا التحفيز له دوافعه، فمن المعلوم أن عملية استخلاص المستحقات الجماعية تعرف تقاعسا كبيرا، إذ إن الكثير من المسؤولين في التسيير يفضلون عدم إغضاب المرتفقين، حتى لا يفقدوا كتلتهم الانتخابية، وهو ما يفوت على الجماعة مداخيل مالية جدا مهمة، حتى إن بعض المختصين في مجال التدبير الجماعي يرون بأن أقل رقم يمكن الوصول إليه هو 800 مليار سنتيم، مع احتساب الإكراهات والعراقيل والتقاعس وما إلى ذلك، ولعل تقارير الشرطة الإدارية تفيد بذلك إذ هناك الآلاف من التقارير أنجزتها، ودونت فيها ما تضيع فيه المدينة من أموال، إلا أن بعض الرؤساء يحجمون عن تطبيق ما هو مدون مخافة خسران الناخبين.
من بين ما أكدته تقارير الشرطة الإدارية، هو أن أكثر من 75 في المئة من المحلات الخدماتية والمطعمية والتجارية تقوم بنشاطها بدون ترخيص، منها مطاعم مصنفة ومؤسسات خاصة لها شهرة واسعة، لكن جهود الجماعة ضعيفة إزاءهم، لأن إدارتها الجبائية لم تتجند لوضع الوثائق الضرورية لمطالبتهم بمستحقاتها، ويكفي هنا ذكر مثال بسيط يتعلق بالأسواق البلدية، فالجماعة تنفق عليها ما يزيد عن 100 مليون سنتيم سنويا كمقابل لاستهلاك الماء والكهرباء، ولا تستخلص من أصحاب المحلات ولا درهم واحد، لأنها لم تسوّ العملية الكرائية معهم، إذ أن أغلبية المستفيدين من هذه المحلات إما ماتوا أو تنازلوا عن محلاتهم لفائدة الغير بمقابل إتاوة مهمة، قد تتعدى 200 مليون سنتيم أحيانا، بحسب موقع السوق والمحل، وبما أن الجماعة يمنع عليها استخلاص الكراء ممن لا عقدة له معها فإن المستفيدين الجدد أصبحوا يستغلونها بالمجان، وعوض أن تقوم الجماعة بإصدار مقرر جماعي جديد بعد إعادة التعاقد مع هؤلاء فإنها اختارت جانب المتفرج في هدر أموالها.


الكاتب : العربي رياض

  

بتاريخ : 25/07/2025