في خضم الجدل الدائر حول تكريمه، أثار منح جائزة «Love Brand 2025» للفنان المغربي سعد لمجرد موجة استنكار واسعة في الأوساط الحقوقية، خصوصا بين الناشطات الحقوقيات والجمعيات النسائية التي اعتبرت هذه الخطوة التكريمية بمثابة «تطبيع مع العنف الجنسي وإهدار لحقوق النساء»، و»اعتراف بأشخاص مدانين بجرائم الاعتداء الجنسي»، كما هي «مساهمة في تعزيز ثقافة الاغتصاب» عبر «تبرير العنف الجنسي والتقليل من خطورته، والتشكيك في مصداقية ضحاياه والناجيات منه».
الاحتجاجات جاءت في رسالة موجهة إلى رئيس جمعية «Les Impériales»، من طرف 25 جمعية نسائية مغربية وحوالي 100 من المدافعات والمدافعين عن حقوق الإنسان وحقوق المرأة، عبروا فيها عن «رفضهم القاطع لتكريم لمجرد»، مع اعتبار منح الجائزة لشخص مدان ابتدائيا بتهمة الاغتصاب في فرنسا، ولا يزال متابعا في انتظار محاكمته استئنافيا، «يسيء إلى الجهود المبذولة لمناهضة العنف ضد المرأة، وأن خطوة التكريم تعزز مناخ الإفلات من العقاب وتشجع على التساهل مع قضايا العنف الجنسي».
وأمام تكريمه بالجائزة في فئة المشاهير، عبرت المنظمات والفعاليات المحتجة عن استيائها من الطريقة التي تعاملت بها الجمعية المنظمة مع الانتقادات الشعبية، حيث «قامت بحذف التعليقات التي عبر فيها المواطنون والمواطنات عن رفضهم لهذا التكريم، بدلًا من الانخراط في نقاش مفتوح وشفاف حول القضية»، ورأت أن هذه الممارسات تعكس عدم تحمل المسؤولية وتكشف عن محاولات لتجاهل الغضب المجتمعي، فيما سجلت ذات المنظمات استياءها من مشاركة عدد من الشركاء المؤسساتيين ووسائل الإعلام في هذا الحدث.
وفي الوقت الذي دعت فيه الجمعية المنظمة إلى سحب الجائزة فورا، وإزالة المنشورات المروجة لذلك، طالبت الجمعيات النسائية أيضا ب «إعادة النظر في آليات منح التكريمات وضمان ألا تُمنح الجوائز إلا لمن يساهمون في نشر قيم العدالة والمساواة، وليس لأولئك الذين تحيط بهم شبهات أو إدانات في قضايا حساسة»، كما شددت على أهمية التزام المؤسسات والشركات الراعية لهذه الفعاليات بمبادئ حقوق الإنسان، مؤكدة أن دعم مثل هذه التكريمات يطرح تساؤلات جدية حول مصداقية التزاماتها تجاه قضايا النساء.
هذه القضية تأتي في سياق عام يشهد تزايد النقاش حول حماية النساء من العنف في المغرب، ووسط مطالب بتشديد القوانين وتعزيز الوعي المجتمعي بخطورة الجرائم الجنسية، مقابل السؤال المفتوح حول ما إذا كانت المؤسسة ستراجع قرارها أم ستستمر في منح الجائزة بغضها البصر عن الجهود القائمة لتحقيق المساواة وتوفير الحماية للنساء في مختلف المجالات، من بينها الفن والثقافة، علما أن جمعية “Les Impériales” هي منصة مهنية مغربية تأسست عام 2003، وتهتم بتعزيز قطاع التسويق والاتصال والإعلام الرقمي.
وفات لسعد لمجرد أن تعرض لحملة رقمية، تزامنا مع تنظيم مهرجان موازين في دورته 19، وذلك من جانب نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي تحت عبارة: «لا لحفلات سعد لمجرد بالمغرب»، حيث شددت الحملة على منع سعد لمجرد من الغناء على خلفية دخوله المحاكم بتهم الاغتصاب، حيث يذكر أن القضاء الفرنسي كان قد أصدر في فبراير 2023، حكما بسجنه لمدة 6 سنوات بتهمة اغتصاب شابة فرنسية، مع منعه من دخول الأراضي الفرنسية لمدة 5 سنوات، قبل أن يتم الإفراج عنه مؤقتا في أبريل 2023 في انتظار محاكمته الاستئنافية.
كما ليست هذه المرة الأولى التي يُتهم فيها سعد لمجرد بالاغتصاب، حيث وجهت له تهمة مماثلة في 2018، وتم الأمر حينها بوضعه تحت المراقبة القضائية، بناء على شكوى تقدمّت بها ضدّه شابة أخرى تبلغ من العمر 29 عاماً، قالت فيها إنه اعتدى عليها في مدينة «سان تروبيه»، مع التذكير بأن لمجرد بقي معتقلا بموجب تهمة الاغتصاب الأولى (2016)، إلى غاية أبريل 2017 حين وافق القضاء على منحه إطلاق سراح مشروط، وفي جل الأحيان كان ينفي المنسوب إليه ليقع في أخرى.