المركز الجامعي ابن رشد .. استشارة طبية كل دقيقتين ومليون و 600 ألف مريض يلجون مرافقه في السنة

«الاتحاد الاشتراكي» تنقل بالأرقام صورة عن حجم الخدمات الصحية المقدمة بمصالحه المختلفة

 

تعتبر مستشفيات المركز الاستشفائي الجامعي ابن رشد بالدارالبيضاء «حاضنة» مستقبلة لمرضى العاصمة الاقتصادية والمدن والمناطق التابعة لتراب جهة الدارالبيضاء سطات، بل وحتى البعيدة عن مدينة المال والأعمال ومحيطها، مما يرفع الطلب على الخدمات الصحية المختلفة على هذا المرفق الصحي بأقطابه الثلاثة، ويخلق الكثير من الضغط، الذي تحاول الأطقم الطبية والتمريضية والإدارية استيعابه والتخفيف من ثقله، وفقا للإمكانيات المتاحة، بشريا وتقنيا.

 

في الدارالبيضاء لوحدها، دون الحديث عن مناطق أخرى، يمكن للجميع الوقوف على العدد الكبير من الحالات التي يتم توجيهها يوميا من المستشفيات الإقليمية صوب المركز الاستشفائي الجامعي ابن رشد، التي قد تتوزع ما بين تلك التي تتعلق بنساء حوامل على مشارف الوضع، أو مرضى يحتاجون لتدخل جراحي، خاصة ما هو مستعجل، أو لحالات تتطلب الولوج إلى مصالح الإنعاش والعناية المركزة، أو لمواليد خدّج يحتاجون لحاضنة، إما غائبة ومفتقدة في مستشفيات أو أن عددها معدود على رؤوس الأصابع.
مستشفى، المفروض أن يستقبل حالات من المستوى الثالث، لكن في كثير من المرات، يتبين على أن عددا من الحالات التي ترد عليه، كان من الممكن التكفل بها في مؤسسات أخرى، لكن لسبب أو لآخر، ولرغبة المرضى وأسرهم كذلك في التعامل مع أساتذة ومختصين، يرون ويعتقدون بأنهم لايوجدون إلا في «موريزغو» أو باقي المرافق التابعة له، فإن الجميع يفضّل هذه الوجهة، خاصة بالنسبة للفئات الهشّة والمعوزة التي تنتظر إنقاذها والتخفيف من آلامها وعلاج أسقامها وعللها في هذا المركز، الذي تعود جذور تأسيس مرافقه المختلفة إلى سنة 1956، مرورا بمراحل مختلفة في مسار تطوره، التي توزعت ما بين تأسيس كلية الطب والصيدلة في 1975، فمستشفى الأطفال في 1979، ثم كلية طب الأسنان في 1981، وصولا إلى محطة 1983 التي شكّلت منعطفا إداريا في مسيرة هذا المرفق، فمحطتي 2011 و 2016.

«محجّ صحي»
لساكنة البيضاء ونواحيها

يضم المركز الاستشفائي الجامعي ابن رشد الممتد على مساحة 45 هكتارا، ثلاث مؤسسات استشفائية، ويتعلق الأمر بكل من مستشفى ابن رشد الذي يتوفر على طاقة سريرية تقدّر بـ 1023 سريرا، الأمر الذي جعل منه أكبر مستشفى على الصعيد الوطني، ثم مستشفى 20 غشت 1953 وعدد أسرّته 253 سريرا، فمستشفى الأم والطفل عبد الرحيم الهاروشي بـ 433 سريرا، بحيث تصل الطاقة الاستيعابية الإجمالية للمركز إلى 1709 سرير، إضافة إلى مركز فحص وعلاج الأسنان الذي يضم 106 كرسي لطب الأسنان، ومركز محمد السادس لعلاج السرطان بـ 82 كرسي للعلاج الكيميائي.
تشير الأرقام التي توصلت بها «الاتحاد الاشتراكي» وهي تنبش في واقع هذا المركز وعدد وطبيعة الخدمات التي يقدّمها لأجيال مختلفة، أن عدد المرضى المتوافدين سنويا على المركز يقدّر بحوالي مليون و 600 ألف مريضة ومريض، دون احتساب الأعداد الهائلة من الزوار والمرتفقين، مما جعل منه «محجّا صحّيا» بامتياز، نظرا لأن المركز الاستشفائي الجامعي ابن رشد يقدّم خدمات طبية من المستوى الثالث إلى جميع سكان جهة الدار البيضاء سطات، وإلى باقي المرضى الوافدين عليه من جميع جهات المملكة، وحتى من بعض الدول الإفريقية الصديقة في إطار الشراكة والتعاون، وذلك من خلال بعض أقطاب التميز ، كزرع الأعضاء والأنسجة، التكفل بالحروق، وسرطان الدم وغيرها…

خدمات صحية وتكوين طبي

لاتقف مهام المركز الاستشفائي الجامعي ابن رشد بالدارالبيضاء عند تقديم الرعاية الصحية والتكفل باستشفاء المرضى فقط بل تشمل كذلك مجال التكوين والبحث العلمي والخبرة والابتكار والصحة العامة، وفقا لرؤية، تؤكد مصادر الجريدة، أنها تسعى إلى تعزيز انفتاحه على بيئته من خلال التميز في تقديم العلاجات، والتكوين والبحث العلمي…
وأوضحت مصادر «الاتحاد الاشتراكي»، أن المركز يقوم في مجال التكوين إلى جانب كلية الطب والصيدلة بالدار البيضاء، بدور أساسي في تكوين الأطباء في ميدان الطب العام والأطباء الأخصائيين في جميع التخصصات، كما أنه يفتح أبوابه لتدريب طلبة علوم الصحة من معاهد ومؤسسات مختلفة من القطاعين العام والخاص. وإلى جانب ذلك يستقبل الطلاب من بعض المؤسسات من داخل وخارج المغرب في ميادين أخرى. وتضيف ذات المصادر أن المركز يعمل على تنفيذ مقتضيات اتفاقيات الشراكة والتعاون المبرمة بين المملكة المغربية ومجموعة من الدول الإفريقية الخاصة بالتكوين، حيث يقوم سنويا بتكوين حوالي 160 طبيبا في جميع التخصصات، مبرزة أن من بين هذه الدول موريتانيا، الغابون، مالي، ساحل العاج، بوروندي، تشاد، جيبوتي، جمهورية الكونغو، جمهورية الكونغو الديموقراطية، بوركينا فاسو، الكاميرون، بنين…

تطور وتجديد لاستجابة أكبر

يعتبر المركز الاستشفائي الجامعي ابن رشد فاعلا رئيسيا في مجال التكفل الطبي على صعيد جهة الدار البيضاء سطات وكذا على الصعيد الوطني، وهو ما يدفع من أجل القيام بهذا الدور على أكمل وجه، وفقا لمصادر الجريدة، إلى انخراطه في مواصلة تحديث مؤسساته وتجهيزها بأحدث المعدات الطبية قصد تلبية حاجيات المرضى، من خلال تحسين الاستقبال وتقديم خدمات عالية الجودة، حيث يتوفر المركز الاستشفائي الجامعي ابن رشد على 54 غرفة عمليات تم تصميمها بعناية فائقة لتحسين سلامة المرضى والمساهمة في الوقاية من العدوى المرتبطة برعايتهم الصحية، إذ تم تجهيز هذه الغرف بأجهزة طبية عالية الجودة لإجراء العمليات الجراحية المعقدة.
كما يتوفر المركز على 9 مصالح للإنعاش والتخدير وكذا العناية المركزة، مجهزة بأحدث أجهزة التنفس المتطورة، ومراكز مراقبة عالية الأداء مزودة بشاشات تعمل باللمس، وأذرع تخدير، وما إلى ذلك. وفيما يخص التصوير بالأشعة فيتوفر المركز على خمس مصالح مجهزة بـمعدات التصوير من الجيل الجديد وذات التقنية العالية، تتوزع ما بين أربع أجهزة للرنين المغناطيسي، ثماني أجهزة سكانير، ثلاث وحدات تصوير الثدي بالأشعة السينية، أجهزة الفحص بالأشعة، وجهاز الفحص بالموجات فوق الصوتية المزدوجة… كما يتوفر على معدات الاستكشاف الوظيفي العالية الجودة، خاصة فيما يتعلق بتفتيت الحصوات بالليزر بواسطة المنظار، والتنظير التشخيصي والعلاجي بما في ذلك التنظير الهضمي، وتنظير القصبات الهوائية، وتنظير الصدر، وتنظير المثانة…
أما فيما يتعلق بالطب النووي، فتشير المعطيات التي تتوفر عليها «الاتحاد الاشتراكي» إلى أنه تم تجهيز قسم الطب النووي التابع لمستشفى ابن رشد بجهاز PET-ScanSPECT-CT، وجهاز التصوير الوميضي «سنتيغرافي، و كاميرا غاما»… وعلى مستوى قطب مختبرات الأحياء الطبية، فتجرى به مجموعة من التحاليل المخبرية التي تمثل العديد من التخصصات البيولوجية، إذ يتوفر على معدات مجهزة بأحدث أنظمة التشغيل الآلي من الجيل الجديد، ومعظمها عالي السرعة. وتساهم هذه المختبرات في تقديم الخدمات الصحية للمرضى بشكل عام بما يتماشى مع مهمتها وكذا المشاركة في البحث العلمي. ويضم هذا القطب وحدة لعلم التشريح المرضي، وعلم المناعة، وعلم الأحياء الدقيقة (علم الجراثيم، وعلم الفيروسات، وعلم الطفيليات، وعلم الفطريات) ومنصات علم الوراثة، وأمراض الدم، والكيمياء، والطب الشرعي.
وإلى جانب ما سبق فإن المركز يحتوي على وحدة بمصلحة أمراض الكلي تضم 33 جهازا لتصفية الدم، وأخرى لوحدات العناية المركزة. أما على مستوى مركز فحص وعلاج الأسنان فيضم هذا المرفق 106 كرسي لطب الأسنان، و6 وحدات أشعة سينية بانورامية، و1 مخروطي، ومجهر جراحة الأسنان CAD-CAM، ومعدات زراعة الأسنان.

موارد بشرية متعددة

تعتبر الموارد البشرية العمود الفقري لإنجاح أي منظومة صحية، فالعنصر البشري يقوم بدور مركزي ومحوري وأساسي، لأنه في غيابه وحتى في ظل توفر مختلف التقنيات اللوجستيكية فإن كل عمل سيطبعه التعثر، وهو ما جعل المركز الاستشفائي ابن رشد، وفقا لمصادر «الاتحاد الاشتراكي»، ينهج سياسة توظيف الأطر المؤهلة، ذات التكوين العالي في المجالات الطبية، شبه الطبية، التقنية وكذا الإدارية.
وبلغة الأرقام فقد شهد عدد موظفي المركز الاستشفائي الجامعي ابن رشد تطورا إيجابيا، ويرجع ذلك أساسا إلى زيادة الطاقم الطبي بنسبة 47.5 %، والطاقم شبه الطبي بنسبة 64 %، وذلك بين عامي 2012 و2023. كما أنه وللتركيز على مهامها الخاصة، فقد استعان المركز الاستشفائي ابن رشد بالعديد من خدمات الدعم، من خلال التعاقد مع عدد من شركات المناولة، وذلك بهدف تقديم خدمة عالية الجودة للمرضى، يقوم بها متخصصون مؤهلون، خاصة على مستوى تغذية المرضى، النظافة، الصيانة، الحراسة، البستنة، معالجة النفايات الطبية، الكتابة…

حصيلة 10 سنوات

تزامنت الدينامية المسجلة بالمركز الاستشفائي الجامعي ابن رشد في تحقيق المشاريع المهيكلة مع تحسن في مؤشرات إنتاجه خلال الفترة الممتدة ما بين 2012 و2023، وتشير المعطيات التي حصلت عليها «الاتحاد الاشتراكي»، إلى أن الطاقة الاستيعابية للمركز الاستشفائي الجامعي ابن رشد ارتفعت من 1619 سريرا سنة 2012 إلى 1709 سريرا في 2023، منها 203 سريرا مخصصة لمستشفى النهار، كما تم تسجيل ارتفاع في استقبال المرضى بنسبة 77٪، والاستشارات الطبية بـ 38٪، وأنشطة المختبرات بـ 36٪.
وعرفت الاستشارات الطبية بالمركز الاستشفائي الجامعي ابن رشد ارتفاعا ملحوظا خلال فترات تنفيذ مشاريع المؤسسة الاستشفائية 2018-2014 و2023-2019، إذ ارتفع إجمالي عدد الاستشارات من 469.895 سنة 2012 إلى 650.799 سنة 2023، أي بزيادة قدرها 38 %، وبمعدل 1600 استشارة طبية خارجية في اليوم، و684 استشارة طبية استعجالية يوميا سنة 2023، أي استشارة طبية لكل دقيقتين. أما بخصوص استقبال المرضى، فقد عرفت تزايدا مهما من سنة إلى أخرى، وتؤكد مصادر الجريدة أنها انتقلت من 105.695 سنة 2012 إلى 186.934 سنة 2023، أي بزيادة تبلغ حوالي 77٪، بمعدل 512 استقبال جديد يوميا. وبالنسبة للاستشفاء، فقد انعكس الاتجاه خلال العقد الماضي بين مستشفى النهار والاستشفاء التقليدي، حيث ارتفع معدل نشاط مستشفى النهار من 38٪ إلى 61٪، بينما انخفضت نسبة الاستشفاء التقليدي من 62٪ إلى 39٪.
وبخصوص التدخلات الجراحية، تبين الأرقام أن المركز يتوفر على 54 غرفة عمليات مخصصة لمختلف التخصصات التي تتوزع ما بين جراحة الأعصاب، جراحة المسالك البولية، جراحة العظام والمفاصل، الجراحة الباطنية، جراحة القلب والشرايين، جراحة الأنف والأذن والحنجرة، جراحة الوجه والفك، الحروق … بحيث سجل عدد التدخلات الجراحية ارتفاعا ملحوظا بنسبة 26٪ خلال الفترة ما بين 2012 و 2023، إذ انتقل من 37.303 إلى 47.163، وذلك بمعدل 187 تدخلا جراحيا في اليوم. وفي السياق ذاته، أكدت مصادر الجريدة أن المركز الاستشفائي الجامعي ابن رشد شرع في نهج مقاربة جديدة في طريقة الاستشفاء من أجل استغلال أمثل للموارد المتاحة، إذ عمل على تطوير طرق التكفل بالمرضى عن طريق مستشفى النهار كبديل للاستشفاء التقليدي، إذ أصبح نشاط مستشفى النهار في المركز الاستشفائي الجامعي ابن رشد ذو أهمية متزايدة، بحيث ارتفع عدد المتوافدين على مستشفى النهار من 39.889 إلى 114.314 بين سنتي 2012 و2023 ليصل إلى 61٪ من الاستقبالات الإجمالية للمركز الاستشفائي الجامعي ابن رشد2023. أما فيما يتعلق بأنشطة التصوير بالأشعة، فقد سجلت منحنى تصاعديا حيث انتقلت من 195.841 في 2012 إلى 286.225 في 2023، أي بزيادة قدرها 46٪وبمعدل 784 فحص يوميا.
وإلى جانب ما سبق فإن المركز يستعين بشركات المناولة في إطار التعاقد لتزويد مختبراته بأجهزة طبية مع توفير الكواشف والمستلزمات الطبية اللازمة لتحقيق نتائج موثوقة، مع تحمل الموردين مسؤولية الصيانة. هذه الخطوة، تبين مصادر الجريدة، أنها بدأت في عام 2007، ومكنت المركز من تكثيف عدد الخدمات المخبرية بنسبة 36٪ بين عامي 2012 و2023، حيث ارتفع العدد من 1.477.880 إلى 2.007.371 فحصا، بمعدل 5500 فحص مخبري يوميا سنة 2023، علما بأن مختبرات المركز الاستشفائي الجامعي ابن رشد تجري تحاليل بيولوجية من المستوى الثالث وتقدم خدمة مستمرة على مدار الساعة وطوال الأسبوع.

مركز مرجعي وطني وقاري

أصبح المركز الاستشفائي الجامعي ابن رشد مركزا مرجعيا وطنيا وقاريا من خلال أقطاب التميز في علاج بعض الأمراض الخطيرة والمعقدة مثل أمراض الدم والأورام، وجراحة القلب والشرايين، وجراحة الأعصاب والحروق وجراحة الوجه والفك وجراحة الصدر، الخ. وفيما يتعلق بزراعة نخاع العظام الخيفية أو زرع الخلايا الجذعية والذاتية، فإن المركز الاستشفائي الجامعي ابن رشد يعد رائدا في هذا المجال، إذ منذ سنة 2004، بدأ فريق مختص في أمراض الدم والأورام في مستشفى 20 غشت 1953 برنامج زراعة النخاع الذاتي، ومنذ سنة 2010 تم إجراء أول زراعة الخلايا الجذعية الخيفية، إذ أجرى هذا الفريق خلال السنوات العشر الأخيرة 51 عملية لزرع الخلايا الجذعية و375 تدخلا لزرع الخلايا الذاتية.
أما فيما يخص زرع الكلى، فمنذ 23 مارس 2016، قام فريق مغربي مختص بإجراء 126 عملية لزراعة الكلى للأطفال والبالغين، كما نجح المركز الاستشفائي الجامعي ابن رشد في إجراء أول عملية لزراعة الكبد في 16 نونبر 2014. وتعد المؤسسة مركزا مرجعيا وطنيا في زراعة قوقعة الأذن، مجهزا بأحدث تقنيات جراحة الأذن وكفاءات متعددة التخصصات، حيث يقدم المركز خدمات عالية الجودة تضمن أفضل النتائج للمرضى، إذ وصل عدد المرضى الذين أجريت لهم زراعة قوقعة الأذن إلى 414 خلال العشر سنوات الأخيرة. وفي سياق ذي صلة، أجرت مصلحة العيون 165 عملية زراعة قرنية و 2596 تدخلا لعلاج أورام الشبكية خلال نفس الفترة. وبالنسبة للمرضى الذين يعانون من مرض باركنسون، فقد بدأت جراحة الحركات غير الطبيعية في المركز في سنة 2007، حيث أجريت أول عملية في المغرب باستخدام تقنية التحفيز العميق للدماغ، وقد وصل عددها إلى حدود 2023 إلى 38 عملية.
وبالإضافة إلى خدماته في مجال علاج أمراض السرطان، يقدم مركز محمد السادس لعلاج السرطان الرعاية التلطيفية منذ عام 2014، بحيث بلغ عدد الزيارات إلى منازل المرضى 7584 زيارة، وتم تقديم 38656 استشارة للمرضى الذين يعانون من مرض السرطان في مراحله الأخيرة، كما يقدم حصصا تدريبية مستمرة للمستشفيات الأخرى.
ولضمان أفضل الخدمات للمرضى الوافدين عليه، يسعى المركز إلى مواكبة التقدم التكنولوجي في مجال التكوين الطبي وفي مجال التجهيزات والتقنيات الطبية والعلاجية، وذلك مع احترام قيم المركز التي تلتزم بها جميع الفرق والتي تشكل المرجع لجميع الأطر المهنية العاملة بمختلف المنشئات الاستشفائية والعلاجية التابعة له، والتي تتمثل في روح المسؤولية، والجودة، والأداء، والكفاءة وكذا التميز.
وفيما يخص التدبير، فقد شرع المركز، في السنوات العشر الأخيرة، في وضع مشروع المؤسسة الاستشفائي الخماسي وذلك منذ 2014، إذ تم إعداد مشروعين في السنوات الأخيرة (2014-2018) و (2019-2023)، وتنبثق عن هذه المشاريع مخططات عمل سنوية يتم تنفيذها وتتبعها وتقييمها وكذا مراقبتها من طرف الجهات المختصة.

مشاريع هيكلية

عمل المركز الاستشفائي الجامعي ابن رشد على تطوير بنيته التحتية والتجهيزية على مدى العشر السنوات الأخيرة، وذلك من أجل تحسين خدماته وتلبية الطلب المتزايد للمرضى. وفي هذا الإطار، تم إطلاق العديد من المشاريع الرامية إلى تحسين البنيات التحتية الاستشفائية والإدارية، بتعاون مع مجموعة من الشركاء من وزارة الصحة والحماية الاجتماعية، ومؤسسة محمد الخامس للتضامن، وولاية جهة الدار البيضاء سطات، وعمالة مقاطعات الدار البيضاء أنفا، ومجلس عمالة الدار البيضاء… ومن أهم هذه المشاريع التي أشرف على انطلاق أشغالها وكذا تدشينها الملك محمد السادس مركز محمد السادس لعلاج السرطان الذي يتوفر على البنيات التحتية والمعدات اللازمة للكشف عن السرطان وتشخيصه وعلاجه. ويتوفر هذا المركز على وحدة الكشف عن سرطان الثدي وعنق الرحم، ووحدة الاستشارة، ووحدة الأورام النسائية ووحدة معالجة الألم ووحدات العلاج بالأشعة ومستشفى النهار، كما يضم مسرعين للجسيمات الخطية وماسح قياس الجرعات ومعدات العلاج الإشعاعي الموضعي.
وإلى جانب هذا المركز هناك مصلحة الولادة التي أسهمت، مند سنة 2016، في إحداث قطب الأم والطفل بمستشفى عبد الرحيم الهاروشي وأتاحت إمكانية الاستجابة لطلبات التكفل والعلاج في مجال صحة الأم والطفل على مستوى جهة الدار البيضاء-سطات، فضلا عن مستعجلات مستشفى 20 غشت 1953 التي تهتم بعلاج أمراض العيون والأنف والحنجرة والوجه والفكين ذات الطابع الاستعجالي، بالإضافة إلى مركز التأهيل النفسي والاجتماعي الذي يختص في تأهيل وإعادة تأهيل الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات نفسية مستقرة بهدف إعادة إدماجهم في المجتمع، والذي تم تم إنشاؤه وتجهيزه بشراكة مع مؤسسة محمد الخامس للتضامن وتقوم بتسييره عصبة الصحة النفسية تحت إشراف المركز الاستشفائي الجامعي ابن رشد.
وينضاف إلى ما سبق، دار الأم بمستشفى الأم والطفل عبد الرحيم الهاروشي، التي توفر الظروف الاجتماعية المناسبة لاستقبال أمهات الأطفال من المناطق النائية، الذين يلجأون للمستشفى ويتطلب استشفائهم والتكفل بهم مدة طويلة مما يحتم حضور أمهاتهم إلى جانبهم. وقد تم أنشاء وتجهيز «دار الأم» في إطار الشراكة بين المركز ومؤسسة محمد الخامس للتضامن، وتتولى جمعية نجوم تسييرها تحت إشراف المركز الاستشفائي الجامعي ابن رشد في إطار الشراكة.
ثم هناك دار الطفل التي تسعى إلى مواكبة الأطفال المرضى طيلة مدة استشفائهم بهدف السهر على صحتهم النفسية والبدنية، والتي تعمل كذلك على تمكين الأطفال نزلاء المستشفى من الحفاظ على روابط التواصل مع العالم الخارجي ومتابعة الدراسة بداخل المستشفى. وقد تم انشاء وتجهيز «دار الطفل» في إطار الشراكة بين المركز ومؤسسة محمد الخامس للتضامن، وتتولى جمعية نجوم تسييرها تحت إشراف المركز الاستشفائي الجامعي ابن رشد في إطار الشراكة.

انخراط في تنزيل الأوراش الملكية

انخرط المركز الاستشفائي الجامعي ابن رشد في السنوات الأخيرة في تنزيل مشاريع الإصلاح الضخمة التي تعرفها بلادنا حاليا، وأهمها مشروع الإصلاح الجذري للمنظومة الصحية الوطنية وكذا تعميم التغطية الصحية. وتؤكد مصادر «الاتحاد الاشتراكي» أنه «تم الحرص على تنزيل هذا الورش الملكي المتعلق بتعميم التغطية الصحية « أمو تضامن» بنجاح في الموعد ‏المحدد قبل متم 2022، تنفيذا للأجندة الزمنية التي حددها صاحب الجلالة الملك ‏محمد السادس»، مضيفة بأنه فيما يتعلق بالمنظومة الصحية وتأهيلها لتكون في مستوى ورش تعميم الحماية الاجتماعية، «فقد خرجت مؤخرا إلى حيز الوجود عدة قوانين تتعلق بتنزيل هذا الورش الملكي الضخم».
وأوضحت مصادر الجريدة، أنه انطلاقا من أن من أهم ركائز هذا الإصلاح إعادة النظر في توزيع العرض الصحي بجهات المملكة مع مراعاة خصائص ومميزات كل جهة، وإعطاء أهمية متزايدة لدور الجهات في تطوير المنظومة الصحية على المستوى الجهوي، حيث يتجسد هذا النمط من الحكامة في مشروع إحداث المجموعات الصحية الترابية، الذي يهدف إلى تحسين إدارة الموارد وتوزيع الخدمات الصحية في جميع أنحاء الجهة، ويصبو كذلك إلى تحفيز التعاون وتحسين التنسيق بين مستويات العلاج وترشيد النفقات لتوفير خدمات صحية جيدة للمواطنين على مستوى الجهة، فإنه قد تم في هذا الإطار، ولتنزيل هذا الإصلاح، إسناد مهمة إعداد البرنامج الطبي الجهوي لجهة الدار البيضاء سطات، من طرف وزارة الصحة والحماية الاجتماعية، إلى إدارة المركز الاستشفائي الجامعي ابن رشد. وأبرزت مصادر الجريدة أنه تم بالفعل إعداد هذا البرنامج، في الموعد المحدد، في إطار تعاون وثيق بين المركز والمديرية الجهوية للصحة ووفقا لمقاربة تشاركية بين جميع مهنيي الصحة للقطاع العام بالجهة، مشيرة إلى أنه يضم جميع التخصصات الطبية والجراحية، كما يعد بمثابة المرجع الأساسي للتنسيق بين المؤسسات الصحية لأجل ضمان مسلك علاج للمريض مبني على التنسيق بين جميع الفرق الطبية المتدخلة على مستوى الجهة.
وبالموازاة مع ذلك، انخرط المركز في إحداث نظام معلوماتي جهوي مندمج لتجميع ومعالجة واستغلال كافة المعلومات الأساسية الخاصة بالمرضى وكذا الحرص على حفظ وسلامة هذه المعلومات حسب القوانين الجاري بها العمل. ويشمل هذا النظام الملف الطبي المشترك الذي سيسمح بالتنسيق الجهوي الوثيق والمنتظم والفوري بين المهنيين الصحيين كما سيمكنهم من مراقبة أفضل للحالة الصحية للمرضى.

خدمات وتحديات

تكشف الأرقام والمعطيات الإحصائية التي سقناها، العمل الكبير الذي يقوم به المركز الاستشفائي الجامعي ابن رشد في الدارالبيضاء في خدمة المنظومة الصحية وللنهوض بالصحة العامة والاستجابة للطلبات الصحية للمواطنين، من البيضاء وعلى مستوى الجهة ومن خارج نفوذها الترابي كذلك، وهو ما يمكن أن تبيّنه زيارة بسيطة لمرافق هذا المركز، التي تعرف إقبالا كبيرا مستمرا بشكل يومي، قد يؤدي في كثير من الحالات إلى ضغط كبير على مصالحه، وقد يتسبب في بعض الحالات في توترات وفي عدم استيعاب للإكراهات التي يواجهها المهنيون والتحديات التي تحول في بعض الحالات دون تحقيق متمنيات بعض المرضى وأسرهم المتمثلة في التكفل الآني، لأسباب مختلفة، والتي تبقى حالات معدودة وإن قد يسلّط عليها الضوء خلافا للكمّ الكبير من المنجزات التي يتم تحقيقها يوميا، التي تتوزع ما بين إنقاذ الأرواح وإصلاح الأعطاب وتفادي العاهات المستديمة، وغيرها من التدخلات، التي يحظر فيها الواجب المهني ويتم احترام قسم مهنة الطب بعيدا عن بعض الحالات المعزولة التي قد تكون هنا أو هناك، في كل مجال وقطاع من القطاعات.


الكاتب : وحيد مبارك

  

بتاريخ : 24/06/2024