بناء على أبحاث ميدانية أجريت في مناطق مختلفة ومع أطفال جنود سابقين من مخيمات تندوف
قدم المركز الدولي للأبحاث حول الوقاية من تجنيد الأطفال، الذي يتخذ من الداخلة مقرا له، الثلاثاء، إطاره للحماية ضد تجنيد الأطفال في النزاعات، وذلك خلال الدورة الرابعة والثلاثين للجنة الدولية للصليب الأحمر في جنيف.
وأشار رئيس المركز، عبد القادر فيلالي، في مداخلة له بعنوان «تحقيق التناسق: استراتيجية موحدة لإنهاء تجنيد الأطفال»، خلال حدث جانبي، إلى أن تجنيد الأطفال في النزاعات المسلحة قد وصل إلى «مستويات مثيرة للقلق»، وغالبا ما يفلت المجندون من العدالة، حتى في أوروبا وأمريكا الشمالية.
وأكد فيلالي أنه «في مواجهة أزمة إنسانية عالمية متزايدة، قام المركز الدولي للأبحاث حول الوقاية من تجنيد الأطفال بتطوير إطار الحماية ضد تجنيد الأطفال، وهو استراتيجية متعددة الأبعاد تهدف إلى سد الفجوات بين القانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان ومبادرات إعادة التأهيل».
ويتعلق الأمر، بحسب المتحدث، «بمجهود جماعي لضمان ألا ي ترك أي طفل عرضة للتجنيد أو الاستغلال، ولبناء مستقبل تشكله الحماية وليس العنف، وذلك من خلال تحويل الأوامر القانونية إلى إجراءات واقعية لحماية الطفولة».
وبناء على أبحاث ميدانية أجريت في مناطق مثل الساحل وكولومبيا وكازاخستان، فضلا عن مقابلات مع أطفال جنود سابقين من مخيمات تندوف، يتمحور تقرير المركز الدولي للأبحاث بشأن الوقاية من تجنيد الأطفال المنجز بعنوان «النموذج العالمي لتجنيد الأطفال: تقييم معمق» حول ثلاث أسئلة رئيسية، وهي «لماذا يستمر تجنيد الأطفال في بعض المناطق من أمريكا اللاتينية وإفريقيا وآسيا؟»، و»لماذا تستخدم الجماعات المسلحة، بغض النظر عن أيديولوجيتها، تكتيكات مماثلة لتجنيد الأطفال؟ و» لماذا يظل خطر إعادة التجنيد مرتفعا جدا بالنسبة للأطفال الجنود السابقين؟».
وعن العوامل الهيكلية لتجنيد الأطفال، أشارت الوثيقة إلى أنه على «مستوى العرض، يؤدي نقص التعليم وفرص العمل، مع وجود النزاعات وعدم الاستقرار، إلى دفع الأطفال نحو المجندين»، بينما «على جانب الطلب، تستغل الجماعات المسلحة الأطفال بسبب ولائهم الم توقع، وسهولة التأثير عليهم، وقدرتهم على أداء أدوار متعددة، مثل الجنود والجواسيس والدروع البشرية».
وضمن نهجه الشامل، يعمل إطار الحماية ضد تجنيد الأطفال على تنسيق الأطر القانونية الدولية مع استراتيجيات إعادة تأهيل ملائمة، ودمج القوانين الدولية وآلية نزع السلاح والتسريح وإعادة الإدماج التابعة للأمم المتحدة. كما يعتمد على «ممارسات المصالحة المجتمعية التقليدية لتعبئة القادة المحليين والمعالجين بهدف تسهيل إعادة إدماج الأطفال الجنود السابقين».
وفي هذا السياق، لفت فيلالي إلى أن مبادرة الأطلسي لمنطقة الساحل، التي اقترحتها المغرب، تشكل ركيزة أساسية لهذا النهج، مما يعزز الاستراتيجيات الإقليمية للوقاية وإعادة الإدماج.
وبحسبه، فإن «النهج المبتكر لإطار الحماية ضد تجنيد الأطفال يتجاوز التنسيق القانوني، حيث يعمل على سد الفجوة بين تنفيذ القوانين وإعادة التأهيل الإنساني»، مضيفا أن هذه «الرؤية الشاملة تتطلع إلى عالم يتم فيه القضاء على تجنيد الأطفال، حيث تستطيع المجتمعات حماية وتربية كل طفل».
و يهدف المركز الدولي للأبحاث حول الوقاية من تجنيد الأطفال، الذي تم إحداثه سنة 2022 بالداخلة، إلى المساهمة في مكافحة تجنيد الأطفال، لا سيما من خلال التحسيس بمصيرهم وعمليات تجنيدهم، بالإضافة إلى الأسباب الكامنة وراء هذه الآفة.
وقد تمت دعوة المركز الدولي للأبحاث حول الوقاية من تجنيد الأطفال، مؤخرا، من قبل قسم الصحة العالمية بجامعة أوسلو لتقديم خلاصاته وتعزيز هذه المقاربة الشاملة، مما يوسع من إمكانيات التعاون حول إطار الحماية ضد تجنيد الأطفال.