تم التصويت عليها بنصف عدد الأعضاء زائد واحد خلال دورة أكتوبر العادية
انتهت أشغال دورة أكتوبر العادية لمجلس جماعة مكناس بالتصويت على مشروع الميزانية في أول جلسة بنصف أعضاء المجلس زائد واحد (31 صوت)، أمام رفض من رفض، وامتناع من امتنع، ومغادرة من غادر دون المشاركة في عملية التصويت، كما صادق المجلس بمن حضر على باقي النقط التي بلغت الأربعين. وأهم ما ميز أشغال هذه الدورة، بعد مشاهد الاحتجاج والفوضى والغضب التي شهدتها القاعة التي احتضنت الدورة، وتهديد الرئيس لأحد أبناء جلدته من حزب الحمامة بالمتابعة القضائية، التدخلات القوية من المعارضة ومن محسوبين على الأغلبية ردا على التقرير الإخباري لرئيس الجماعة غير الواضح، والذي تم اعتباره، «مليئا بالمغالطات ومعتمدا على سياسة الهروب إلى الأمام».
وخلال مناقشة مشروع الميزانية عرّت تدخلات العديد من أعضاء المجلس، من الجانبين، حقيقة الأرقام غير الصحيحة والفضفاضة بشكل مبالغ فيه، وفقا لما تم التصريح به، وهو الأمر الذي استفاض فيه المستشار الاتحادي محمد قدوري، حيث أبرز بالتحليل الملموس وبالأرقام التي لا تقبل الجدل مدى انعدام الشفافية في مشروع الميزانية، واتسامها بالمغالطات والتعويم، وانتهاج سياسة الهروب إلى الأمام، مع إخفاء العديد من المعطيات عن المجلس، بحرمان بل بمنع المستشارين من الاطلاع على نوعية مصاريف بعض الفصول، ومنها مصاريف تدبير ميزانية الأنشطة الثقافية والفنية والرياضية التي صرف فيها أزيد من 60 مليون سنيتم في صوائر الإقامة والتغذية في وقت لم تشهد الجماعة أي تظاهرة تقتضي صرف هذا المبلغ، و نفس الشيء بالنسبة ل 20 مليون سنيتم المتعلقة بشراء « المطبوعات « التي أضحت حديث العام والخاص دون أن تجد ردا على الرغم من مرور أزيد من 10 أشهر على طرحها وإعادة طرحها خلال هذه الدورة…
وإجمالا كشف محمد قدوري عيوب مشروع الميزانية، وعاب منتقدا الرئيس على عدم بذل أي مجهود يذكر من أجل تحسين وتنمية مداخيل الجماعة، مشيرا إلى أن إعداد ميزانية 2024 لم يراع ما تعيشه المدينة من بؤس في شتى المجالات، واصفا إياها بكونها ميزانية غير واقعية، لا تلبي حاجيات ساكنة مكناس، ولا تستجيب لتطلعاتها، ولا لأولوياتها وبالتالي فإن التصويت عليها بالإيجاب اعتبره المتحدث مغالطة لنفسه، ولضميره، وتنقيص من ذكاء من وضع فيه ثقته، بدء من حزبه وصولا إلى ساكنة مكناس عموما ومرورا بالناخبين.
واعتمد المستشار الاتحادي في تحليله على مقارنة بين جماعة مكناس وجماعة تطوان، مبينا بالملموس وبما لا يدع مجالا للشك مدى الهوة الكبيرة التي تفصل بينهما في الرسوم على مداخيل وكلاء البيع بسوق الجملة للخضر والفواكه، حيث فاقت مداخيلها بجماعة تطوان أربعة أضعاف مداخيل جماعة مكناس خلال فترة الحجر الصحي، على الرغم من كون عدد سكان عمالة مكناس يفوق عدد سكان عمالة تطوان بما يقارب 300 ألف نسمة. واختتم تدخله قائلا بأنه فضل أن يضع المجلس، ومعه الرأي العام والتاريخ، من خلال هذه المقارنة دون الدخول في تفاصيلها، ليؤكد صحة مناقشته الموضوعية لمشروع الميزانية بعيدا عن المزايدات والإطناب، لعل وعسى توقظ هذه الحقيقة ضمير من لا زال فيه ذرة غيرة ومسؤولية.
وفي ذات السياق طالب نائبان للرئيس بإدخال تعديلات على عدد من فصول الميزانية وانتقدا فصولا أخرى، ما يؤكد عدم انسجام أعضاء مكتب المجلس فيما بينهم، ويظهر الارتباك الحاصل في تركيبته، وبأن أمور تسيير وتدبير شؤون المدينة ليست على ما يرام، ما يضفي الشرعية والتأكيد على تدخل المستشار الاتحادي انطلاقا من التعبير التأكيدي « وشهد شاهد من أهلها «. وبناء عليه وحسب العارفين والمتتبعين للشأن المحلي والخبراء في مجال الإعداد لمشروع الميزانية، واستنادا على تحليلاتهم، من المرجح جدا أن لا يتم التأشير على مقرر الميزانية لجماعة مكناس من لدن عامل عمالة مكناس لأنها غير واقعية، وأرقامها مضخمة، وفيها الكثير من الارتجال والعشوائية في الكثير من فصولها .
وجدير بالذكر أن مناقشة مشروع الميزانية سبقها توجيه اتهامات خطيرة على مواقع التواصل الاجتماعي بالصوت والصورة، التي من المفروض فتح تحقيق بشأنها، وتقديم الأجوبة المتعلقة بها، لأن الأمر يتعلق بتخليق الحياة السياسية والعملية الديمقراطية وتعزيز الثقة في المؤسسات المنتخبة، خاصة وأن ما تم تداوله كان مسيئا بشكل كبير وحظي بمتابعة الرأي العام على نطاق واسع.
وجدير بالذكر أنه، وأمام تهديدات الرئيس باللجوء إلى القضاء في حق بعض النشطاء من حزبه (الحمامة)، والاتهامات المختلفة خلال مناقشة النقط المدرجة في جدول أعمال الدورة، واستغراب الجميع عدم إعمال القانون الذي يخوله المشرع للسلطة المحلية، فقد لوحظ غياب رئيس المنطقة الحضرية المكلف بالتنسيق مع المجلس الجماعي على صعيد مكناس، في الجلسة الثانية من الدورة ما طرح العديد من التساؤلات وعلامات الاستفهام، وهو المنصب الذي أحدث لأول مرة لمواكبة عمل المجلس والمشاريع الكبرى التي تحتضنها المدينة.