بات المواطن الحلقة الأضعف الذي يؤدي كلفة وتبعات كل الاحتجاجات التي عرفتها وتعرفها عدد من القطاعات الاجتماعية، فبعد التعليم والعدالة يتواصل الاحتقان في الجسم الصحي، بفعل الإضرابات التي لم تتوقف، وإن تم التوصل إلى اتفاق جزئي في وقت سابق مع مكونات تنسيق نقابي في انتظار أجرأة تفاصيله، في حين أن أطرافا أخرى تصر على مواصلة شلّ المرافق الصحية العمومية من مراكز ومستشفيات، بدعوى إغلاق الوزارة الوصية ومن خلالها الحكومة لأبواب الحوار وعدم الاستجابة للمطالب المرفوعة، كما هو الحال بالنسبة لأطباء القطاع العام وللأطباء الداخليين والمقيمين.
إضرابات تشهد فصولها المراكز الصحية الأولية والمستشفيات الإقليمية والجهوية وحتى الجامعية مرة أخرى خلال الأسبوع الجاري، إذ أكد الدكتور منتظر العلوي الكاتب العام لنقابة المستقلة لأطباء القطاع العام في تصريح لـ «الاتحاد الاشتراكي»، على أن «كل دوافع الاحتجاج لا تزال قائمة، وهو ما يدفع الأطباء لخوض إضراب آخر هذا الأسبوع، تنزيلا لخلاصات وتوصيات المجلس الوطني الأخير للنقابة، الذي قرر الدعوة لإضراب لمدة ثلاثة أيام انطلاقا من يومه الثلاثاء، بما أن وزارة الصحة والحماية الاجتماعية هي مصرة على إغلاق باب الحوار وعلى تجاهل مطالب هذه الفئة من مهنيي الصحة، الذي يقومون بواجبهم المهني في ظل العديد من الإكراهات والتحديات».
بدورهم يعود الأطباء الداخليون والمقيمون للاحتجاج بالمستشفيات الجامعية يومه الثلاثاء، وذلك بخوض إضراب جديد عن العمل داخل المصالح الاستشفائية الجامعية على امتداد تراب المملكة، باستثناء مصالح المستعجلات والإنعاش والعناية المركزة والحراسة، وهي الخطوة التي سيتلوها إضراب آخر يوم الخميس، لينفذ بذلك المحتجون خطوتهم الغاضبة التي تتمثل في يومي إضراب خلال أسبوع واحد. وجاء إضراب الأسبوع الجاري ليشكّل امتدادا للاحتجاجات السابقة، وآخرها خوض إضرابين وطنيين الأسبوع الفارط، هذا في الوقت الذي أعلنت اللجنة الوطنية للأطباء الداخليين والمقيمين عن استعدادها لتنظيم وقفة احتجاجية وطنية أمام البرلمان يوم الأربعاء 8 يناير المقبل، مشددة على أن هذه الخطوات الاحتجاجية التي تسطرها تأتي للتعبير عن رفض المعنيين للتجاهل المستمر لمطالبهم.
وعلاقة بالموضوع، أكد مصدر طبي لـ «الاتحاد الاشتراكي» أن «التعبير الحضاري الذي يعبر به الأطباء الداخليون والمقيمون عن مطالبهم العادلة يقابله عدم اهتمام وتجاهل كبيرين للوزارة الوصية الأمر الذي يعتبر مثيرا للاستغراب والقلق على حد سواء»، مشددا على أن هذا التعامل «يرفع من مستويات الاحتقان ويؤدي إلى تفشي حالة واسعة من السخط في صفوف المهنيين المتضررين وفي أوساط المرضى كذلك الذين تتعثر الخدمات الطبية المقدمة لهم جراء هذه الاحتجاجات المتكررة». وأوضح المصدر ذاته في تصريحه للجريدة بأن الملف المطلبي للأطباء الداخليين والمقيمين «يراوح مكانه رغم كل المراسلات والمناشدات والأشكال الاحتجاجية السلمية التي تم القيام بها»، مشددا على أن «إغلاق الوزارة الوصية على القطاع لباب الحوار يعتبر نهجا إقصائيا تتبناه الحكومة بشكل عام مع مطالب هذه الفئة»، ويؤكد على «غياب الإرادة الحقيقية للحوار وانعدام الاستجابة للمطالب المشروعة».
وكانت اللجنة الوطنية للأطباء الداخليين والمقيمين قد أدانت في بلاغ سابق لها ما وصفته بـ «التجاهل المستفز لكل من وزارة الصحة والحماية الاجتماعية ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار للملف المطلبي لهذه الفئة»، مشددة على أنه «في ظل استمرار نهج التجاهل الممنهج والتماطل غير المقبولين من طرف الجهات الوصية عن قطاع الصحة»، فقد تم تسطير مجموعة من الأشكال احتجاجية تشمل خوض إضرابات وطنية عن العمل بالمستشفيات الجامعية، وتنظيم وقفات احتجاجية. وأعلن مصدر طبي للجريدة بأن اللجنة ستستمر «في الدفاع عن مطالبها المشروعة بكل الأشكال السلمية المتوفرة، بما أن «أوضاع الأطباء والصيادلة وأطباء الأسنان الداخليين والمقيمين قد بلغت مستوى لا يمكن القبول به»، وأمام ما تم وصفه بـ «»تفاقم ظروف العمل القاسية دون أي التزام من الوزارة بإيجاد حلول جادة ومنصفة».