المستهلك في يومه العالمي.. بين جشع الأسواق وعجز الحكومة

في ظل تصاعد أسعار المواد الأساسية وتفاقم معاناة المواطنين مع الغلاء، يعود الحديث مجددا عن ضعف آليات حماية المستهلك في المغرب وعجز الحكومة عن كبح جماح الاحتكار والمضاربة.
ويأتي احتفال المغرب باليوم العالمي للمستهلك، الذي يصادف 15 مارس، في سياق يتسم بتزايد الاحتقان الاجتماعي نتيجة الغلاء المستمر وغياب رقابة صارمة على الأسواق، مما يضعف ثقة المواطنين في قدرة الحكومة على التدخل الفعلي لحماية حقوقهم الاقتصادية.
بمناسبة هذا اليوم، دعت الجامعة المغربية لحقوق المستهلك، إلى اتخاذ إجراءات ملموسة لحماية المستهلك، تبدأ بضمان شفافية المعلومات المتعلقة بالسلع والخدمات، وفقا لمقتضيات القانون 31.08، مشددة في بيانها على ضرورة محاربة الاحتكار، والادخار السري، والممارسات غير المشروعة التي تتلاعب بالأسعار وتضر بالقدرة الشرائية للمواطنين. وأبرز البيان أهمية توسيع التعاون مع وزارة الصناعة والتجارة لتطوير آليات استقبال الشكاوى، المعروفة بـ»الشبابيك الاحترافية»، وتبني برامج تكوينية ترفع من كفاءة العاملين في قطاعي البيع والخدمات، لضمان احترام حقوق المستهلك. إلى جانب المشاكل الاقتصادية، سلطت الجامعة الضوء على ضرورة تعزيز الاستهلاك المستدام عبر حملات توعوية تستهدف الأطفال والشباب في المدارس والمخيمات الصيفية، لزرع ثقافة استهلاكية تراعي البعد البيئي.
ودعت الجامعة إلى فرض رسوم بيئية على الأنشطة الصناعية الملوثة، وتعويض المستهلكين عن الأضرار الناتجة عنها، مؤكدة أن حماية المستهلك لا تقتصر فقط على ضبط الأسعار، بل تشمل أيضا ضمان بيئة سليمة تحد من المخاطر الصحية والاقتصادية الناجمة عن الاستغلال المفرط للموارد الطبيعية.
ورغم الجهود التي تبذلها الجامعة المغربية لحقوق المستهلك بالتعاون مع الوزارة، والتي أسفرت عن إنشاء 29 شباكاً لتلقي الشكاوى ومعالجة نحو 9000 ملف خلال السنة الجارية، إلا أن ذلك يظل غير كافٍ أمام التحديات الكبيرة التي يواجهها المستهلك المغربي في ظل ارتفاع الأسعار وضعف المراقبة.
في الوقت الذي تتصاعد فيه شكاوى المواطنين بسبب غلاء المعيشة وتدهور القدرة الشرائية، تواصل الحكومة سياسة الصمت وعدم التدخل الفعلي لكبح جماح الأسعار أو التصدي للوبيات المضاربة. فبدلا من اتخاذ إجراءات عملية، تكتفي الجهات الرسمية بإطلاق تصريحات مطمئنة، دون أن تترجم إلى سياسات فعالة تردع الاحتكار وتحمي الفئات الهشة من تداعيات الأزمة الاقتصادية.
ويعكس هذا الوضع فشلا في معالجة أزمة الأسعار التي باتت تثقل كاهل المواطنين، إذ لم تفلح الإجراءات الحكومية السابقة، مثل تحديد سقف أرباح بعض المواد الأساسية أو دعم بعض الفئات، في الحد من تفشي المضاربة والجشع في الأسواق، ونتيجة لذلك، تنامت الاحتجاجات الشعبية المطالبة بوقف نزيف الأسعار، بينما لا تزال السلطات تتجاهل المطالب الملحة بوضع حد للوسطاء الذين يراكمون الأرباح على حساب المستهلك البسيط.
في ظل هذه الأوضاع، لم يعد الحديث عن ثقافة الاستهلاك كافيا، بل أصبح من الضروري تبني إصلاحات جذرية تشمل فرض رقابة صارمة على الأسواق، وإجبار الموردين والتجار على احترام القوانين، إلى جانب تسريع تفعيل سياسات تحمي القدرة الشرائية للمواطنين.  ويتطلب الوضع إحداث تغييرات جوهرية في منظومة المنافسة، وإقرار عقوبات رادعة على الممارسات الاحتكارية.
اليوم، لم يعد المواطن المغربي بحاجة إلى تصريحات رسمية تبرر غلاء الأسعار، بل ينتظر تدابير فعلية توقف استنزاف جيبه، وتضمن له الحق في الاستهلاك بأسعار عادلة، في إطار سوق منظم تحكمه قوانين صارمة تمنع التلاعب بمعيشته اليومية.


الكاتب : جلال كندالي 

  

بتاريخ : 18/03/2025