المسرح والتربية أية علاقة ؟

محور ندوة فكرية بفاس

شكل موضوع – المسرح والتربية أية علاقة ؟ محور ندوة فكرية نظمتها المديرية الجهوية لوزارة الشباب والثقافة والتواصل – قطاع الثقافة- بفاس بشراكة مع جمعية مسرح الإمتاع للموسيقى والثقافة ماي 2024 وذلك بقاعة الندوات بالمديرية الجهوية للثقافة ساهم فيها كل من السادة الأساتذة : الدكتور عبدالفتاح أبطاني، الأستاذ حميد تشيش. الأستاذ عبداللطيف أبطاني. الدكتور أبخوش محمد.. وقد تخلل الندوة معزوفات موسيقية أمازيغية من أداء الأستاذ عبد اللطيف أبطاني بحضور طالبات و طلبة شعبة الأمازيغية ونخبة من رجالات المسرح والأدب وجمهور نوعي من عشاق أبي الفنون
وجاءت عروض الندوة متكاملة حيث تناول د محمد أبخوش – المسرح لعب – وتطرق ذ حميد تشيش إلى محور – المسرح المدرسي في دول الخليج العربي / الواقع والآفاق . وقارب ذ عبد اللطيف أبطاني – عندما يتحدث أبو الفنون تربويا. فيما تناول د عبد الفتاح آبطاني – واقع التربية في المسرح المغرب نموذجا وتميزت فترة مناقشة مضامين العروض المقدمة بتقديم أسئلة واستفسارات سواء من قبل أطر التربية والتكوين الممارسين للمسرح التربوي داخل المؤسسات التعليمية أو عشاق المسرح من الحضور قدم في شأنها المحاضرون أجوبة صريحة وموضوعية همت واقع المسرح المغربي طموحاته وإكراهاته والتربوي منه على نحو خاص برهاناته وتحدياته .
واعتبر الدكتور عبد الفتاح أبطاني في مداخلته سؤال التربية في علاقتها بالمسرح كابوسا ضاغطا ، كما أنه راهن في نفوس و وجدان المثقف العربي الراغب في تجاوز ذريعة الاندماج مع الاحتفاظ على المتعة بلحظات الغربة رغم تميزها بعدم الوعي وبنائها على الاندهاش فقط، علما أن المراد يضيف المتدخل مشاركة واعية متأسسة على السؤال،أي الارتقاء بالفعل المسرحي المتجاوز لما هو فطري ، والمرشد والموصل لما هو وعي وعطاء، وخلص أبطاني إلى دمغ المساهمة في خلق علاقة بين المسرح والتربية كمؤسسين لقيم ثقافية وحضارية أسُهَا إنسانية الإنسان. أسوأ ما يفكك العلاقة بين المسرح والتربية ( طرح المهمة لغير أهلها ) ويتابع أبطاني قوله موضحا أن المسرح ليس بخطاب ينطق والتربية ليست بخطاب يفهم ،وهما معا قول وفعل – علي المربي المبدع أن يعي جيداً دوره فيهما ويعمل على تبريره شعوراً لدى الناشئة عبر العاطفة، واستغناءاً عن مساعدة العقل .”
من جانبه عنون حميد تشيش المداخلة التي قدمها “المسرح المدرسي في الخليج العربي الواقع والآفاق” وفيها يتطرق إلى جاذبية المسرح المدرسي وارتقائه بالممارسة التربوية والإدراك عند المتمدرس. حيث تمت الإشارة إلى أهمية المسرح كوسيلة بيداغوجية فعالة في نقل المعرفة باستغلال جاذبيته وسحره بفعل مكوناته الفنية والجمالية من إخراج وسينوغرافيا وغيرهما، لأن دروسه لا تلقن عن طريق الكتب المدرسية بشكل ممل ومرهق ،بل يعلم عن طريق الحركة التي تشاهد والعبارة التي تنطق والحدث الذي يمثل، حيث انتبه الفنانون والتربويون إلى أهمية المسرح كوسيلة إيضاح فتعالت أصواتهم مطالبة بإدراجه ضمن المنهاج المدرسي.
ويكرس تشيش المسرح كأرقى وأنسب طريقة للتعلم باعتباره أداة تعلمية فعالة ،لذلك نجده يتقاطع مع بعض النظريات التربوية الحديثة التي تعتمد المشاركة الفعالة للمتمدرس والتعلم الذاتي والإسهام في بناء وإعداد الدرس أو العرض المسرحي بشكل جماعي،مما يفضي إلى تنمية قدرات المتعلم وقابليته التعليمية ،فضلا عن تطوير مداركه الفكرية وقدراته الإبداعية.
وبرأي ذ تشيش انطلقت إرهاصات الممارسة المسرحية المدرسية في الخليج العربي مع بداية القرن العشرين بطريقة خجولة، من خلال تقديم بعض المؤسسات التعليمية عروضا مسرحية بتشجيع ومبادرة من أساتذة قادمين من مصر وسوريا على وجه التحديد ،وهو ما شجع العديد من الدول على الانفتاح على المسرح واعتماده كوسيلة تربوية ووسيلة إيضاح فعالة لنقل المعارف والتجارب والخبرات ،بدءا من أمريكا وكندا و أوروبا فآسيا وإفريقيا ،
ويرى الناقد المسرحي من جهة ثانية أن تعدد واختلاف تجارب البلدان المنتمية لهذه القارات على مستوى التعاطي مع المسرح وإدراجه ضمن المنهاج الدراسي بحسب اختلاف الإمكانيات وطرق المقاربة والاعتمادات المرصودة والجهات المشرفة على المشروع ،وغيرها من أساليب الاختلاف،”
وتطرق حميد تشيش في مداخلته إلى التجربة بالنظر لغناها رغم اختلاف تجارب دول الخليج العربي حسب الإمكانيات والأهداف والغايات. حيث عرفت تطورا حثيثا مع الممارسة المسرحية في المجال التربوي مع توالي السنين، لتسجل طفرة على مستوى كم العروض والمؤسسات التي فتحت أبوابها لهذا اللون الفني التربوي خلال مرحلة السبعينيات من القرن الماضي خاصة بعد صدور توصيات مؤتمر المنظمة العربية للثقافة والتربية سنة 1970،التي نصت على ضرورة الاهتمام بالمسرح المدرسي كي يلعب دورا بارزا في العملية التربوية، وإحداث مسارح صغيرة وخزانات مسرحية بالمؤسسات التعليمية وغيرها من الوسائل الضرورية للممارسة المسرحية في تلك الفضاءات التربوية.
وسجل الناقد تشيش مميزات هذه المرحلة منها: تفاوت جودة العروض المقدمة من دولة لأخرى ففي الإمارات العربية المتحدة والبحرين ،نجد أن إدارة التربية الرياضية والكشفية هي التي تدير وتدبر قطاع المسرح المدرسي ،فيما أن إدارة النشاط المسرحي هي من تتولى الأمر في دولتي الكويت والمملكة العربية السعودية ،أما في قطر فقسم التوجيه المسرحي هو الجهة المشرفة والمدبرة.
ويخلص الباحث إلى أن حدوث تشابه في الأهداف المرجوة من المسرح المدرسي رغم اختلاف هياكل الإطارات المشرفة على المسرح المدرسي في دول الخليج العربي ،فهي تتشابه في عدة نقاط مركزية أهمها إشراف الدولة على القطاع وإضفاء الطابع الرسمي عليه كما يلي: قلة المسارح المجهزة تجهيزا مسرحيا كاملا في دول المنطقة ،رغم توفر القاعات المسرحية بوفرة. الافتقار إلى مخرجين متخصصين مبدعين الشيء الذي يؤثر على جودة العروض المسرحية من حيث شكلها الفني والجمالي.
وقد خلصت المداخلات إلى عدة توصيات أجملها الدكتور أبطاني في الدعوة إلى معالجة الخلل في المسرح والتربية الناتج عن غياب التخطيط كإنماء وطني . معالجة النقص في الروافد العلمية لإثراء الحركة المسرحية فكرا وفنا بموازاة مع إحداث قنوات جديدة تضاف إلى مهمة المسرح التربوي مع التشديد على ضرورة دعم انتشار المسرح التربوي بربوع الوطن عبر تسهيل السبل للتواصل و رفض المناسباتية في التواصل المسرحي وجعله على مر الأوقات.


الكاتب : عزيز باكوش

  

بتاريخ : 21/06/2024