المشردون ينتشرون في شوارع الدارالبيضاء والموت يحيط بالكثير منهم بسبب المرض وتدني درجات الحرارة

الفضاءات المهجورة والعمومية المفتوحة في المدينة تتحول إلى «بيوت» لهم في غياب مآوى فعلية تحتضنهم

 

 

تعرف العديد من المناطق المغربية خلال الأيام الأخيرة، ومع دخول فصل الشتاء، تدنّيا في درجات الحرارة مصحوبا بتساقط الثلوج فوق قمم بعض الجبال ونزول الأمطار في بعض الأماكن، وهو ما يخلق مشاكل عديدة، ليس فقط في المناطق النائية والقرى والمداشر الجبلية، بل وحتى على مستوى المدن، كما هو الحال بالنسبة للعاصمة الاقتصادية الدارالبيضاء، التي تحتضن عددا مهما من المشردين الذين لا مأوى لهم، والذين يتخذون من الشارع ومن الفضاءات المهجورة، ومحيط المحطات الطرقية، وعلى امتداد خط السكة الحديدية، بيوتا لهم، يلتحفون الأرض ويتغطّون بالسماء.
هذه الوضعية تكون جدّ مقلقة بالنسبة لعدد من الفاعلين في المجال الاجتماعي، الذي ينبّهون كل سنة في مثل هذا التوقيت إلى العديد من المآسي التي تقع في الشارع العام، فالعديد من المشردين فارقوا الحياة إما بسبب الأمراض التي زحفت على أجسادهم لسنوات طويلة والتي فاقم من حدتها تراجع معدلات الحرارة، أو بفعل إيقادهم للنيران من أجل التدفئة داخل فضاءات مختلفة، بما في ذلك على مستوى حاويات مغلقة وأطلال منازل وهنكارات ومستودعات مهجورة، لكن في غفلة منهم وبسبب وضعية التخدير التي كانوا عليها نتيجة لاستعمالهم اللصاق و «الدوليو» اندلعت شرارة النيران أكثر فأكثر ثم اتسعت رقعتها، فتتسبب ذلك في وفاتهم حرقات
هذا الواقع يفرض على السلطات المختصة، كما هو الحال بالنسبة للمدينة المليونية الدارالبيضاء، التي يحضر فيها المشردون بقوة، لاسيما في تراب عمالات بعينها كعمالة مقاطعات الدار البيضاء آنفا، والفداء مرس السلطان، والحي الحسني، والذين ينضاف إليهم مهاجرون ينحدرون من دول جنوب الصحراء في وضعية غير قانونية، اتخاذ ما يلزم من تدابير لتفادي مآسي إنسانية واجتماعية، وذلك بالعمل على تفعيل الدور الحقيقي لوحدات لمساعدة الاجتماعية، والقيام بحملات تتسم بالاستمرارية من أجل جمع هذه الفئة من المواطنين من الشارع العام ونقلها إلى مراكز الحماية الاجتماعية، خاصة بالنسبة للأطفال واليافعين، الذين تنتشر صورهم المؤلمة في الشارع وتعبر عن أزمة مجتمعية تتصاعد تدريجيا؟
إن الحديث عن الأشخاص بدون مأوى لا يجب أن يكون «موسميا» يتم تداوله فقط خلال كل فترة برد، والذي يكون بكل أسف حديثا «محتشما» لا يتجاوز حدود «الهمس»، وحتى إن ارتفعت «حدّته» لعامل من العوامل، فالتعامل مع هذا الموضوع، الذي يمسّ الصغار والكبار، من الجنسين معا، الذين لم يجدوا حضنا يضمّهم، سوى الأرصفة؛ الجامدة جمود بعض القلوب أكثر من الإسفلت نفسه؛ الذين يفتقدون لدفء حقيقي، يكون مناسباتيا وظرفيا، مقترنا بفترة الشتاء، والحال أنه يجب توفير سرير لكل واحد منهم ورعاية متكاملة، صونا لكرامتهم وإنقاذا لهم، صحيا واجتماعيا.


الكاتب : وحيد مبارك

  

بتاريخ : 28/12/2024