كشفت تفاصيل مساهمتها في مواجهة الجائحة الوبائية وتداعياتها الاقتصادية على القطاع
أكد خالد آيت الطالب أن وزارة الصحة ستنكب على إعداد خارطة صحية تحرص على استحضار الإمكانيات المتوفرة في القطاعين العام والخاص، حتى يتسنى تحقيق عدالة صحية مجالية فعلية على مستوى الخدمات والعلاجات، تمكّن المغاربة قاطبة من هذا الحق الدستوري، دون أن يتجشموا المشاق أو يعانوا الصعاب، وضرورة التنقل لمسافات طويلة طلبا للعلاج، مشيرا إلى أن هذه الخطوة سيتم إعدادها بمعية كل الشركاء والمتدخلين، وبأن الهدف منها هو تجويد عمل المنظومة الصحية، التي يجب أن يكون التطور الإيجابي سمتها ما بعد مرحلة «كوفيد 19» مقارنة بما قبلها، لأن الدرس الأساسي الذي يجب على الجميع النجاح في استخلاص عبره وأن يساهم كل من موقعه في بلورته، هو ضمان الإقلاع بهذا الورش الأساسي، للاعتناء بصحة كافة المواطنين المغاربة، الذين يحفهم الملك محمد السادس برعايته الخاصة، وهو الذي ما فتئ يدعو إلى تعبئة كل القدرات والإمكانيات لتطوير وتجويد المنظومة الصحية.
وأوضح وزير الصحة خلال مداخلة له أثناء مشاركته في ندوة افتراضية من تنظيم الجمعية الوطنية للمصحات الخاصة، زوال الأحد 21 يونيو 2020، حول مساهمة القطاع الخاص في مواجهة جائحة «كوفيد 19» وسبل تطوير الشراكة بين القطاعين العام والخاص من أجل تجويد المنظومة الصحية وتمكين المواطنين من الولوج السلس إلى العلاجات، أن أرباب المصحات الخاصة وكافة الأطباء والطبيبات، في كل القطاعات، وكل مهنيي الصحة بدون استثناء، أبانوا عن مواطنة خالصة وتعبئة قوية وتجند كبير، في مواجهة «كوفيد 19»، مشيدا بالتعليمات الملكية السامية التي مكنت من تجنيب بلادنا أسوأ السيناريوهات في علاقة بهذا الفيروس المستجد، مبرزا في نفس السياق، أن المصحات الخاصة أبلت بلاء حسنا، وانخرطت إلى جانب باقي القوى الحية في بلادنا من أجل مواجهة الجائحة، حيث ساهمت بمجموعة من التجهيزات والمعدات، وتكلفت باحتضان وعلاج عدد من المرضى، وانخرط أطرها إلى جانب زملائهم في القطاع العمومي والعسكري لمتابعة الوضع الصحي للمرضى بمصالح الإنعاش والعناية المركزة، مبرزا أن المصحات عبّرت وطنيا عن استعدادها للسير على نفس المنوال بالدارالبيضاء والرباط وطنجة ومراكش وفاس وغيرها، ووضعت نفسها رهن إشارة وزارة الصحة لخدمة المغاربة في هذه الأزمة الصحية.
واشاد آيت الطالب بالمجهودات التي تم بذلها والتي أكدت على أن المنظومة الصحية واحدة، وبأن القطاع الصحي كلّ لا يتجزأ، مدنيا كان أو عسكريا، عموميا أو خاصا، أساتذة وأطباء وغيرهم من المهنيين، وبأن الجميع في خندق واحد، داعيا إلى تعزيز هذا العمل المشترك ورصّ صفوف هذا البنيان وتقويته لمواجهة كل الإكراهات التي تعترض سبيل تطوير المنظومة الصحية، حتى تلبي كل الاحتياجات الصحية للمواطنين والمواطنات وتضمن لهم ولوجا سلسا إلى العلاج.
وبخصوص الوضعية الوبائية التي تمر منها بلادنا اليوم، أكد وزير الصحة أنها جد مطمئنة، حيث استطاعت المنظومة الصحية تجاوز هذه المحنة بقوة وشجاعة، بفضل تعبئة وتظافر جهود جميع المتدخلين، مقارنة بأنظمة صحية في بلدان متقدمة وقوية اقتصاديا ولها إمكانيات كبرى في هذا الباب، إذ بلغت نسبة التعافي من الإصابة بالفيروس حوالي 90 في المئة، بينما تقدّر نسبة الوفيات بحوالي 2.1 في المئة، معربا عن تعازيه لكافة أسر الضحايا. وأشار آيت الطالب إلى أن وزارة الصحة تواصل عملها على قدم وساق وتشتغل بتنسيق تام مع وزارة الداخلية والاتحاد العام لمقاولات المغرب، من أجل مواصلة إجراء اختبارات الكشف عن فيروس «كوفيد 19» في أوساط الأجراء والمهنيين، مبرزا أن المعدل اليومي للاختبارات يقدر بـ 20 ألف اختبار، مؤكدا أن هذه العملية ستمكّن من تدارك العجز الاقتصادي الذي تم تسجيله خلال فترة الحجر الصحي، وستسمح بعودة الدورة الاقتصادية إلى ديناميتها وحياتها الطبيعية تدريجيا، بما يخوّل استئناف دورة الإنتاج لوضعها الاعتيادي، مع التشديد بالمقابل على ضرورة الحرص على احترام التدابير الحاجزية الوقائية للحيلولة دون انتشار العدوى، وعلى رأسها التباعد الجسدي ووضع الكمامات والحرص على النظافة والتعقيم، لكي تخرج بلادنا بإذن الله منتصرة صحيا واقتصاديا واجتماعيا.
وكان الدكتور مولاي سعيد عفيف قد افتتح الندوة الافتراضية بالتأكيد على أهميتها وسياقات تنظيمها، مبرزا أن الجائحة الوبائية لفيروس كورونا المستجد قد أبانت عن وجود نظام صحي استطاع مواجهتها بكل قوة وجدّية والتزام، مما مكّن من تحقيق النتائج التي وصل إليها المغرب بفضل التدابير الاستباقية التي سطّرتها المملكة تنفيذا للتعليمات الملكية السامية، مشيرا إلى أن العودة إلى الحياة الطبيعية تتم بشكل تدريجي معقلن، حتى يتم تدارك ما فات وتفادي أية منزلقات غير مرغوب فيها، مستدلا على ذلك بالاختبارات التي تم القيام بها على مستوى الوحدات المهنية المختلفة التي استفاد منها أجراء القطاع الخاص والتي بلغت 54 ألف اختبار، تم اكتشاف 6 حالات إصابة بالفيروس من بينها، وهي العملية التي تتواصل بتنسيق بين وزارة الداخلية ووزارة الصحة والاتحاد العام لمقاولات المغرب.
وأوضح رئيس الفدرالية الوطنية للصحة أن كل التدابير التي تم القيام بها تسمح اليوم باستئناف الحياة الاقتصادية والاجتماعية، مع ضرورة الحرص على تطبيق التدابير الوقائية، مشددا على أن الندوة المنظمة تهدف إلى جانب تسليط الضوء على حجم المساهمة المادية والمعنوية التي قدمتها المصحات الخاصة في مواجهة الجائحة، في ظل صعوبات اقتصادية بالنظر للتبعات المتعددة التي خلفتها، تدارس سبل تطوير الشراكة بين القطاعين العام والخاص، حيث أكدت الجائحة الحاجة إلى منظومة صحية موحدة قوية قادرة على مواجهة كل الأزمات، داعيا في نفس الوقت إلى تمكين مهنيي الصحة بالقطاع الخاص من الحق في التغطية الصحية، مبرزا أنه خلال هذه الأزمة فارق أطباء وصيادلة الحياة، وهو ما يجب تداركه من باب العدالة والإنصاف، مؤكدا أن قطاع الصحة هو قطاع منتج وليس استهلاكيا.
من جهته أوضح البروفسور رضوان السملالي أن للجائحة الوبائية التي عرفتها بلادنا العديد من الخلاصات، ومنها تلك التي تبعث على الفخر والاعتزاز، والتي تتمثل في كون المغرب استطاع أن يكون نموذجا ومرجعا أمام بلدان أخرى في مواجهة هذه الأزمة، وهو ما يدعو الجميع إلى الافتخار بمغربيته، مشددا على أن هذا الفخر يجب مشاطرته مع كل مهنيي الصحة والسلطات المحلية والأمنية والعسكرية ونساء ورجال الإعلام وكل المتدخلين وعموم المواطنات والمواطنين. وأكد البروفسور السملالي أن العديد من المغاربة، وطنيا ودوليا، برزوا بشكل لافت خلال هذه الجائحة واستطاعوا أن يقدموا الكثير من الإبداعات والاختراعات، وكان المجهود الوطني ككل عند مستوى اللحظة، منوها في نفس الوقت بالدور الكبير الذي قامت به المصحات الخاصة وطنيا، التي استطاعت حماية المهنيين والمواطنين والمساهمة الجادة والبناءة والمسؤولة، لوجستيكا وتقنيا وبشريا، وظلت أبوابها مفتوحة رغم التبعات الاقتصادية والإكراهات المالية التي تسببت فيها الجائحة، مشددا على أن مساهمة القطاع الخاص في مواجهة الجائحة تعتبر تجربة فريدة عالميا.
واستعرض البروفسور السملالي تفاصيل مساهمة القطاع الخاص بشكل عام، سواء بتجهيز مصالح للإنعاش أو توفير معدات طبية وبيوطبية أو بالموارد البشرية أو التكفل بمرضى مصابين ب»كوفيد 19» أو آخرين في إطار التخفيف عن المستشفيات العمومية، مستعرضا في نفس الوقت الصعوبات التي أرخت بظلالها على المصحات الخاصة حيث انخفض رقم معاملاتها ما بين 60 و 85 في المئة، وفقدت في ظرف شهرين مليار درهم بحسب أرقام الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي و»كنوبس» و»كميم»، مشيدا بالتقنيات الحديثة التي يتم تسخيرها ووضعها رهن إشارة المواطنين، حيث يتم التكفل بنسبة 50 في المئة من المواطنات والمواطنين وبنسبة 90 في المئة من المؤمّنين. ونبّه السملالي إلى الإشكالات الداخلية والخارجية التي طفت على السطح خلال فترة الجائحة المتعلقة بالخصاص في التجهيزات والمواد الطبية وشبه الطبية وتوقف قطاعات اقتصادية منتجة وتبعات ذلك كالسياحة، والهشاشة وبعض الضعف في التنظيم والرؤية الاستشرافية للمستقبل، وحجر الأمراض وليس فقط المرضى وصعوبات التنقل بسبب حالة الطوارئ الصحية وغيرها من الأعطاب الأخرى.
وأكد رئيس الجمعية الوطنية للمصحات الخاصة على أنه يجب احتضان الكفاءات والخبرات المغربية، وأن يتم اعتماد آليات متطورة للعمل قادرة على مواجهة التحديات وتبني خيار الرقمنة، داعيا إلى إعمال حكامة جديدة في قطاع الصحة، وتمويل متطور، ومراجعة القانون 131.13، وتقوية الشراكة بين القطاعين العام والخاص بناء على الخصوصيات الجهوية، مشددا على أن ورش الجهوية يعتبر خيارا أساسيا لتطوير المنظومة الصحية.
وبخصوص المساهمات المتعددة التي قدمتها المصحات الخاصة، أبرز الدكتور الحسن التازي أن مصحة أنوال التي يديرها قد استقبلت منذ بداية الجائحة بعد وضعها رهن إشارة وزارة الصحة 90 مريضا ومريضة من مختلف الأعمار، الذين تلقوا العلاج جميعهم بها بشكل مجاني وغادروها كلهم بصحة جيدة دون تسجيل أية حالة وفاة أو مضاعفات، مبرزا أن أعمار المرضى الذين استقبلتهم المصحة تراوحت ما بين 6 أشهر و 74 سنة، 27 في المئة منهم من الذكور و 73 في المئة من الإناث، توزعوا ما بين 22 مريضا من تراب آنفا، 16 من منطقة الحي المحمدي عين السبع، ونفس العدد من المرضى من المحمدية، 15 من منطقة البرنوصي سيدي مومن، 5 من كل من عين الشق وسيدي معروف والفداء مرس السلطان، إلى جانب 4 مرضى من اسباتة سيدي عثمان و 2 من مديونة الكارة، مؤكدا أنه تم الاهتمام بكافة المرضى من مختلف الفئات والشرائح الذين كانت تحيلهم مصالح وزارة الصحة على المصحة على قدم المساواة.
وأوضح الدكتور التازي أن معدل استشفاء المرضى بلغ في المتوسط 15.3 يوما، وقُدّر مجموع الليالي باحتساب كل مريض على حدة في 1377 ليلة، إلى جانب 4131 وجبة أكل، مبرزا أن مهنيي الصحة الذين أشرفوا على متابعة المرضى في هذه المؤسسة الصحية سجلوا أعراضا متوسطة عند 8 حالات في حين أن 81 مريضا ومريضة كانت أعراض الإصابة عندهم خفيفة.
وعلى مستوى التبعات النفسية للإصابة بكوفيد 19، لاحظ المشرفون على صحة المصابين بالفيروس بمصحة أنوال أن نسبة 48.8 في المئة من المرضى الذين تم استشفاؤهم في المصحة ظهرت عليهم أعراض قلق خفيفة، و12.4 في المئة كانت أعراض هذا القلق عندهم متوسطة، في حين أن الحدّة كانت أشدّ عند 1.3 في المئة، بينما كانت الوضعية النفسية لنسبة 37.9 في المئة من المرضى عادية.
وعلى نفس المنوال سارت البروفسور ماجدة الزهراوي، التي قدمت عرضا عن مساهمة مصحة دافنسي، التي تكفّلت بعلاج ومتابعة الوضع الصحي لـ 125 مريضا، تراوحت أعمارهم ما بين 30 و 70 سنة، والذين تمت ملاحظة معاناتهم من الربو والتهابات تنفسية والضغط والسكري إلى جانب الإفراط في شرب الكحول والتدخين، بأشكال متفاوتة وباختلاف وضعية كل مريض عن الآخر، موضحة أن 8 في المئة من الحالات كانت صعبة وحادة، في حين سجلت 3 وفيات في صفوف الحالات الأولى التي تم استقبالها في بداية الجائحة، مبرزة أن المرضى جاؤوا إما من بؤر عائلية أو مهنية أو كانوا في سفر خارج أرض الوطن.
ونوّهت البروفسور الزهراوي بالمتابعة الطبية التي تم تخصيصها للمرضى، والحرص على أدق التفاصيل وأبسط الملاحظات المتعلقة بهم، مشيرة إلى أن عددا منهم كانوا بدون أعراض، مؤكدة في هذا الصدد أن المرضى الحاملين للفيروس بدون أعراض يعتبرون ناقلين للعدوى، مستدّلة بما وقع في بؤرة الغرب، وذلك خلافا لما ذهبت إليه بعض التحاليل الأخيرة التي اعتبرتها غير دقيقة، مشيدة في نفس الوقت بالبروتكول العلاجي الذي تم اعتماده والذي مكّن من تجنيب المغرب سيناريوهات قاتمة.
بدوره أكد الدكتور عمر المنزهي، المسؤول السابق والخبير في مجال الصحة والوبائيات، أن مصحة الياسمين ومصحة غاندي ساهمتا في تخفيف العبء عن مستشفى الحسني الذي تكفّل بمتابعة مرضى كوفيد، وتمت إحالة الحوامل على المصحتين من أجل متابعة حالتهن وتمكينهن من الوضع في ظروف صحية جيدة، حيث تم على مستوى مصحة الياسمين إجراء 362 ولادة، 315 عادية و 47 قيصرية، في حين أنه في مصحة غاندي تم إجراء 131 عملية ولادة، 65 قيصرية و 66 عادية، إلى جانب التكفل بـ 13 مولودا من المواليد الخدّج. ونوّه الدكتور المنزهي بهذه التجربة النموذجية التي يمكن لها أن تشكل مقدّمة لما بعدها، مبرزا المُدخلات التشريعية والقانونية والإطار القانوني الممهّد لذلك، كما هو الحال بالنسبة للقانون 34.09 المتعلق بالمنظومة الصحية وبعرض العلاجات، مشيدا في نفس الوقت بالمجهودات التي بذلتها بعض المختبرات في القطاع الخاص، لتحقيق تلك الحصيلة الإيجابية، التي مكّنت من تقديم خدمة بجودة واعتماد القرب وتعتبر مثالا نموذجيا لما يجب أن يسري على اختصاصات طبية أخرى، لخدمة المغاربة في الشق الصحي.
من جهته، أكد البروفسور مولاي أحمد بودرقة، الكاتب الجهوي للجمعية الوطنية للمصحات الخاصة بجهة الدارالبيضاء سطات، أن عدد سكان الجهة يبلغ أكثر من 7 ملايين مواطن ومواطنة، بنسبة تقدر بـ 21.4 من مجموع السكان وطنيا، مشيرا إلى أن عدد المصحات الخاصة بها هو 111 بنسبة 31 في المئة، وبأن عدد أسرّة الإنعاش هو 154 سريرا، مبرزا أن من بين مجموع المرضى المصابين بفيروس كورونا المستجد الذين عرفتهم الجهة الذي بلغ 3029 مريضا ومريضة، تطلبت الوضعية الصحية لـ 156 منهم، أي بنسبة 5.2 في المئة، الاستشفاء بمصالح الإنعاش والعناية المركزة، 102 منهم بمصالح المستشفى الجامعي ابن رشد، و 35.2 في المئة من بينهم كانوا في حاجة إلى دعم تنفسي اصطناعي.
وأشار بودرقة إلى الدور الذي قام به أطباء التخدير والإنعاش في القطاع الحر للمساهمة إلى جانب زملائهم في مصالح الإنعاش للتكفل بالمرضى، والخطوات التي تم قطعها في هذا الباب، إلى جانب تكفّل مصحات خاصة بحالات مختلفة للإنعاش بالنسبة لغير المصابين بفيروس كوفيد 19، وكذا إجراء عمليات جراحية لفائدة عدد منهم، والكلفة المالية لهذه المساهمة التي كانت تعبيرا عن مواطنة كاملة من أرباب المصحات وأطباء القطاع الخاص.
وبخصوص التدابير الصحية من أجل إنجاح المرحلة المقبلة، أكد البروفسور جعفر هيكل، الخبير في الأمراض التعفنية والأوبئة، أن كل الأرقام والمؤشرات الوبائية تؤكد على ضرورة تخفيف وضعية الطوارئ نتيجة لنجاح التدابير التي اعتمدتها بلادنا في مواجهة الجائحة، ومن بينها نسبة الإيجابية في الاختبارات التي تقدر بـ 1.10 في المئة، ونسبة التعافي التي تصل إلى حوالي 83 في المئة ونسبة الإماتة التي لا تتجاوز 2.1 في المئة، إذ أن الوفيات تقدر بنسبة 0.6 لكل ألف شخص، مشددا على أن 95 في المئة من المرضى تم التكفل بهم علاجيا بالبروتكول المعتمد مقارنة بدول أخرى، مستعرضا مراحل تطور الاختبارات في بلادنا منذ 31 مارس إلى غاية 20 يونيو، التي ارتفعت من 0.09 إلى 15.5 لكل 100 ألف نسمة، مؤكدا أن حضور الفيروس في بلادنا يعتبر جد ضعيف، رغم بعض البؤر التي تظهر بين الفينة والأخرى، مشيدا بدور التشخيص والكشف المخبري وبأهمية الحرص على التدابير الوقائية.
وأشار البروفسور هيكل إلى أنه قبل 40 يوما كانت نسبة الوفيات تصل إلى 3 في المئة، ثم انخفضت خلال 15 يوما الأخيرة إلى ما دون 2.5 في المئة، مبرزا أن نسبة الإماتة تراجعت إلى 2.1 بمجموع 214 وفاة، مقابل ارتفاع حالات التعافي بمعدل 35 مرة أكثر مقارنة بالوفيات، مما يؤكد عدم خطورة المرض، وهو ما أمكن تحقيقه بفضل التعبئة الجماعية والمجهود الكبير الذي تم بذله، مؤكدا على أن هذه الأرقام جاءت مخالفة لكل التوقعات والتقديرات الرقمية التي كانت موضوعة، موضحا أن معامل انتشار الفيروس المعروف بـ R0 تراجع هو الآخر من 2.75 إلى 0.76 وبأن الحالات الحرجة تمثل أقل من 1 في المئة، إلى جانب وجود أقل من 0.6 في المئة في مصالح الإنعاش والعناية المركزة، مما جعل المغرب ينجح في مواجهة الجائحة بفضل تجند كامل لكل المتدخلين والفاعلين والمواطنين، حيث نتوفر على قدرة للعلاج نسبها 95 في المئة، في متوسط عمري للمصابين يقدر بـ 45 سنة.
واختتم هيكل مداخلته بالتأكيد على 4 تحديات رئيسية تتمثل في إدماج القطاع الخاص في المراقبة الوبائية سواء تعلق الأمر بالكوفيد أو باقي الأمراض الأخرى، وعدم التركيز فقط على ما يقع داخل المؤسسات الصحية العمومية، وبلورة استراتيجية للاختبارات المرتبطة بالتشخيص الموسّع وكيفية ومسارات التكفل بالمرضى الحاملين للفيروس، والمصابين بدون أعراض، إلى جانب تدارك التأخر في التكفل بصحة الأم والطفل والمصابين بأمراض مزمنة والشيخوخة، بسبب الانشغال بمواجهة الجائحة، والتفكير في المنظومة الصحية برؤية مختلفة تسمح بالولوج للعلاج بشكل سلس وتمكين المغاربة من التغطية الصحية الشاملة، والعمل على تطوير المنظومة من خلال شراكة قوية بين القطاعين العام والخاص.
وكان البروفسور محمد الدخيسي، أمين مال الجمعية الوطنية للمصحات الخاصة، قد استعرض في كلمة له الخطوات التي قطعتها الجمعية بإشراك كافة المصحات على الصعيد الوطني، وحثها على ربط الاتصال بالسلطات الصحية والترابية لتدارس أشكال المساهمة في مواجهة الجائحة الوبائية، بناء على تشخيص دقيق للوضعية الصحية بكل منطقة، مشيدا بمساهمة المصحات بناء على الخصوصيات الجهوية لكل جهة، مشددا على أن المستشفى العمومي يجب أن يكون قاطرة لقطاع الصحة وأن يقوم القطاع الخاص بدعمه، بما يخدم صحة المواطنين، موجها التحية والتنويه إلى كل مهنيي الصحة بالقطاعين العام والخاص، المدني والعسكري، على كل ما تم بذله من جهود لخدمة الوطن والمواطنين في ظرفية دقيقة ساهم الجميع في تحويلها إلى ملحمة وطنية خالصة.
وعلى نفس المنوال سار الدكتور حسن أفيلال رئيس الجمعية المغربية للأطفال ونائب رئيس الجمعية الوطنية للمصحات الخاصة، الذي نوّه بالدينامية الجماعية للمواطنين، وبالطريقة التي استقبلوا بها مساهمة الجسم الصحي في المغرب لمواجهة الجائحة، وتقديرهم للمجهودات التي تم بذلها، مؤكدا أن الجميع تسلّح بالوعي والمواطنة الكاملة لتجاوز هذه الأزمة الصحية، مبرزا أن القطاع الخاص بالرباط وضع 4 مصحات رهن إشارة الدولة، وكان جنبا إلى جنب مع باقي المتدخلين في القطاع، مدنيين أو عسكريين، مشيدا كذلك بدور السلطات العمومية في هذا الإطار. أفيلال أشار كذلك إلى المشاكل النفسية التي تم الوقوف عليها عند الأطفال والمراهقين بسبب الحجر الصحي، مبرزا أن وزارة الصحة تفاعلت بسرعة وإيجابية وتم تشكيل لجنة للتتبع والتطفل بالصحة النفسية عند هذه الفئة، يوم الجمعة الأخير، والتي ستعمل على تسطير برامج عمل وتدخل للرفع من القدرات النفسية للأطفال.
أما على المستوى الاقتصادي فقد استعرض المهدي فقير، تداعيات الجائحة اقتصاديا مستدلا على ذلك بأرقام المندوبية السامية للتخطيط، المرتبطة بمؤشرات تراجع نمو الاقتصاد والقدرة الشرائية للأسر، والبرامج التي أعدّتها الدولة في هذا الصدد للتخفيف من تبعاتها، سواء تعلّق الأمر بقرض أوكسجين وغيره من القروض وكيفية استفادة الأطباء والمصحات منها، أو بخصوص العلاقة بالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي وتفسير دوريته الأخيرة، أو مديرية الضرائب، وغيرها من المحاور الأخرى. وتناول الخبير الاقتصادي التفاصيل المرتبطة بالشق الضريبي ورفع الجزاءات المترتبة عن التأخير، وآجال استحقاق الأداء، ونسب الفائدة المرتبطة بالقروض البنكية وغيرها من العناوين المالية الأخرى. ويؤكد مهنيو الصحة بالقطاع الخاص على ضرورة سنّ تحفيزات ضريبية من أجل تشجيع الاستثمار في المجال الصحي، خاصة في المناطق النائية، لكي تكون جاهزة لتلبية الاحتياجات الصحية للمواطنين بها، ومواجهة كل التحديات التي لها صلة بالصحة العامة مستقبلا، كما كان الأمر خلال هذه الجائحة.
وجدير بالذكر أن عددا من المداخلات استعرضت مساهمة القطاع الخاص في جهة طنجة تطوان الحسيمة وجهة فاس مكناس، إلى جانب أخرى تخص الشق النفسي والتدابير التي قام بها القطاع الخاص في هذا الصدد.