المصورون المحترفون يشتكون من العزوف والدخلاء : مختبرات التصوير… صراع من أجل البقاء في مواجهة تبعات الرقمنة والهواتف الذكية

 

يواجه أرباب مختبرات للتصوير وعدد كبير من المحترفين في مجال التصوير المهني ظاهرة تراجع الإقبال على التقاط الصور التي توثق لمختلف المناسبات في محلاّتهم، باستثناء لضرورات معيّنة، كما هو الحال بالنسبة للحصول على بطاقة التعريف الوطنية وجواز السفر أو عند الدخول المدرسي، أو في بعض المناسبات الاجتماعية المعدودة على رؤوس الأصابع، وذلك على عكس ما كان عليه الوضع قبل سنوات.
محلاّت للتصوير باتت تنقرض يوما عن يوم، وأصبح بعضها مجرد ذكرى، في الوقت الذي كانت تتواجد في كل حي، كما هو الشأن بالنسبة لمدينة الدارالبيضاء نموذجا، وباقي المدن الكبرى الأخرى، وهو التناقص الذي يعود بحسب مهنيين محترفين التقتهم «الاتحاد الاشتراكي» إلى التطور التكنولوجي واعتماد ما هو رقمي في ظل توفر تطبيقات وبرامج لتعديل الصور وما تقدمه الهواتف الذكية من حلول وإمكانيات واسعة في هذا الباب، وهو ما دفع عددا من المعنيين بالمجال إلى السعي من أجل تنظيم القطاع والدفاع عنه وعن المنتسبين إليه.
وضعية مختبرات التصوير اليوم، يؤكد أحد المصورين الذين زارتهم الجريدة في محلّ صغير اضطر لتقليص مساحته مع تطور الزمن وتعدد صعوبات الحياة اليومية، تختلف بشكل كبير عما كانت عليه منذ سنوات، حين ظهرت آلات التصوير الأولى وتطورت بتطور الزمان، والانتقال من مرحلة تحميض «الفيلم» في الغرفة السوداء، الذي كان يتوزع ما بين 12 و 24 و 36 صورة، إلى مرحلة الاعتماد على آلات التصوير ذات الاستعمال الوحيد، التي كان الإقبال عليها في الصفر والمناسبات المختلفة، لكن مع ضرورة العودة للمختبر من أجل استخراجها وطبعها، ما بين مرحلة الأبيض والأسود ومرحلة ظهور تقنية الطبع بالألوان والتي شكلت آنذاك طفرة نوعية في المجال.
وشدّد المتحدث في تصريحه لـ «الاتحاد الاشتراكي» على أن الواقع اليوم، يؤكد تراجع العائد المادي لعدد كبير من هذه المحلاّت، واقتصار الطلب على المصورين، على مواسم الدخول المدرسي وعطل الصيف حيت تكثر فيها الأعراس و المناسبات الترفيهية، التي هي بدورها عرفت وبكل أسف وفقا للمهني، تراجعا من حيت المردود، إذ أصبح الاعتماد على تحديد الثمن مسبقا للحرفي بتحديد عدد الصور الذي غالبا ما يتراوح ما بين 100 أو 200 صورة، ويدخل في إطار ما يسمى بـ (الباك) بالنسبة للحفل، والذي يشمل الموسيقيين وتزيين العروس (النگافة) والممون ، مع الاعتماد كذلك على ما يسمى بـ «فوطو بوك» وهو عبارة مونتاج (4 صور في صفحة واحدة)، بالمقابل لم يعد يسمح بالبيع داخل الحفل من خلال الاستخراج والطبع السريع، والذي كان متنفسا للمهني يدرّ عليه عائدا إضافيا. هذه الوضعية يقول مصدر الجريدة، جعلت أغلب المعنيين بهذه المهنة يلجؤون إلى بدائل للتكيف مع متطلبات الحياة اليومية، كما هو الحال بالنسبة لخدمات استخراج جوازات التلقيح، ملء استمارات جوازات السفر، التسجيل في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، والتي تعتبر خدمات مناسباتية لا تتسم بالاستمرارية، إلى جانب ترقب مناسبات دينية واجتماعية يتم خلالها تزيين الأطفال والتقاط صور لهم كمناسبة ليلة القدر وعيد الفطر، مع الاستعانة بأحصنة صغيرة أو خيول و «العمّارية» لتشجيع الأسر على اصطحاب أبنائها، أطفالا وفتيات، والتقاط صور لهم.
معاناة تبدو واضحة غير مستترة، يعاني منها أصحاب مختبرات التصوير الصغيرة خصوصا، مما جعل الكثير منها يغلق أبوابه، واتجّه غيرهم صوب أنشطة وحرف أخرى كبيع المواد الغذائية أو الوجبات السريعة أو اللجوء إلى تقسيم المحل التجاري واعتماد نشاطين مختلفين لمحاولة خلق توازن مادي. وجدير بالذكر أنه جرى في 2018 تأسيس جمعية أرباب مختبرات التصوير والمصورين المحترفين بالدارالبيضاء وكان من بين العمل الذي قامت به ضبط عدد المصورين والمختبرات على مستوى المدينة، بعدما أصبح كل من يمتلك آلات للتصوير على كتفيه يمنح نفسة صفة مصورا احترافيا دون تأطير أو دراسة مع اعتماد أثمنة بخسة، مما جعل الجمعية تقوم بوضع وتعميم تعريفة بالرغم من عدم احترامها من طرف البعض، كما أشرفت على الاستفادة من الدعم أيام الحجر الصحي بسبب كوفيد19.


الكاتب :   عزالدين زهير

  

بتاريخ : 03/07/2023