عبد الرحيم شهيد: الرهان المطروح هو إنتاج نص تشريعي متقدم وذي جودة عالية
يوسف إيذي: نتعامل مع المشروع بمنطق ضمان الأمن القانوني والقضائي ببلادنا
عبد اللطيف وهبي: الحكومة مقتنعة بالمشروع، وستعمل على إخراجه إلى الوجود
علال البصراوي: قطاع المحامين الاتحاديين أعد مذكرة تفصيلية حول المشروع
احتضن مجلس النواب، الجمعة 25 أبريل 2025، يوما دراسيا حول موضوع “قانون المسطرة الجنائية: ترصيد المكتسبات وتعزيز ضمانات المحاكمة العادلة”، ويأتي هذا اللقاء بمبادرة من الفريقين الاشتراكيين – المعارضة الاتحادية بمجلسي البرلمان، وبتنسيق مع قطاع المحامين الاتحاديين، في إطار مساهمتهم في ورش إصلاح العدالة وتعزيز ضمانات المحاكمة العادلة بالمغرب.
وشارك في أشغال هذا اليوم الدراسي عدد من الخبراء والفاعلين القانونيين والقضائيين، من قضاة، ومحامين، وأساتذة جامعيين، إضافة إلى مهتمين بالشأن الحقوقي، وذلك بهدف تعميق النقاش حول مشروع قانون المسطرة الجنائية، وتقييم مستجداته، وتقديم مقترحات عملية لتقويته بما يخدم مبادئ العدالة وحقوق المتقاضين.
وشكل هذا اللقاء مناسبة لطرح رؤى نقدية وبنّاءة حول التعديلات المقترحة، خصوصاً في ما يتعلق بتكريس الحق في المحاكمة العادلة، وضمانات الدفاع، واستقلالية القضاء، في سياق تطلعات المغاربة إلى عدالة أكثر نجاعة وإنصافا.
وفي هذا السياق، أكد عبد الرحيم شهيد رئيس الفريق الاشتراكي المعارضة الاتحادية بمجلس النواب، أن الرهان هو تجويد النصوص التشريعية المقدمة داخل البرلمان، والانتصار لروح الديمقراطية وحقوق الإنسان والعدالة وقيم ومبادئ المساواة والحرية.
وشدد شهيد في كلمته خلال افتتاح أشغال اليوم الدراسي، أن هذا المشروع يأتي في سياق وطني ما بعد دستور 2011 ودخول بلادنا في مسلسل التنمية والديمقراطية، وبالتالي فإن البرلمان يتدارس مشروع قانون المسطرة الجنائية ويناقشه بكثير من المسؤولية بما يخدم تجويده وتتميمه حتى يكون نصا متكاملا يخدم المجتمع ويحقق التنمية.
وذكر شهيد أن هذا اليوم الدراسي يهدف إلى إغناء النقاش حول المشروع المذكور، وذلك بمشاركة فاعلين ومهنيين وخبراء ومختصين، بما يعزز الخروج بتوصيات وملاحظات تروم تطوير العدالة الجنائية وترصيد المكتسبات وتعزيز ضمانات المحاكمة العادلة وقرينة البراءة واستقلالية القضاء.
وخلص شهيد إلى أن هذا اليوم الدراسي الذي ينظمه الفريقان الاشتراكيان بالبرلمان بتنسيق مع قطاع المحامين الاتحاديين، يأتي لتعميق النقاش حول مشروع قانون المسطرة الجنائية، واقتراح الأفكار والتعديلات التي ستسهم في إنتاج نص تشريعي متقدم وذي جودة عالية.
وبدوره أكد يوسف ايذي، رئيس الفريق الاشتراكي المعارضة الاتحادية بمجلس المستشارين، أن هذا اليوم الدراسي يندرج في إطار انفتاحنا في الفريق الاشتراكي بالبرلمان، على جميع فعاليات المجتمع النشيطة في مجالات مختلفة، من أجل إغناء النقاش معها حول أهم ومختلف القضايا المطروحة على بلادنا والمتصلة بمجال اهتمام هذه الفعاليات.
وأضاف إيذي، في كلمته، “لقد ارتأينا في المعارضة الاتحادية، وفي إطار التقليد الذي حرصنا عليه، والمتمثل في تعميق النقاش بخصوص جميع مشاريع القوانين المعروضة علينا، في إطار ندوات علمية وأيام دراسية يحضرها المهتمين والمختصين في القضايا والمجالات التي تندرج في إطارها هذه المشاريع، تنظيم هذا اليوم الدراسي حول مشروع قانون المسطرة الجنائية، ذلك لأهمية هذا القانون أولا لارتباطه الوثيق بمسألة حقوق الإنسان، ولأنه يشكل بدرجة كبيرة انعكاسا لتصور المجتمع لوظيفة السلطة، وثانيا لكونه لبنة أساسية من لبنات استكمال ورش إصلاح منظومة العدالة، الذي انخرطت فيه بلادنا تحت القيادة السامية لصاحب الجلالة منذ مطلع هذه الألفية.” موضحا أن هذا الورش الذي أراده جلالته ورشا استراتيجيا يروم تطوير وتحديث قطاع العدالة في كل أبعاده الحيوية، باعتباره ركيزة أساسية من ركائز دولة المؤسسات التي انخرطت بلادنا في تدعيم مرتكزاتها منذ السنوات الأولى على تحقيق الاستقلال.
وشدد ايذي على أنه من هذا المنطلق، حرصت المعارضة الاتحادية، خلال جميع المراحل التي بلغتها مسطرة اعتماد مشروع قانون المسطرة الجنائية، سواء خلال المناقشة العامة، أو خلال المناقشة التفصيلية، على عدم التعاطي مع هذا المشروع بطريقة ميكانيكية، وكأنه مجرد مشروع قانون مطروح علينا كنواب أمة، وجبت مناقشته من أجل اعتماده، بل حرصنا على التأكيد على أهميته باعتباره قانونا إجرائيا غايته الأولى والأخيرة ضمان الأمن القانوني والقضائي ببلادنا، باعتباره آلية فعلية تضمن تنفيذ القانون وتسعف في محاربة إشكالية الإفلات من العقاب.
وأكد ايذي أن الرهان على اعتماد قانون جديد للمسطرة الجنائية يتمثل بالأساس في تحديث منظومة العدالة الجنائية ببلادنا، حتى تصبح منظومة تتماشى مع التطورات والتحولات التي يعرفها العالم، لا سيما المرتبطة منها بتطور الجريمة، وحتى نتمكن من استثمار إيجابيات الثورة التكنولوجية، لا سيما في ما يتعلق بوسائل البحث في الجريمة. مشددا على أن اعتماد قانون جديد للمسطرة الجنائية يشكل تجسيدا فعليا للالتزامات الدولية للمغرب، في ما يتعلق بجميع تعهداته الدولية، حتى يتسنى له الاستمرار في ملاءمة قوانينه مع المعايير الدولية، كما يشكل تكريسا للمقتضيات الدستورية الواردة في دستور 2011، والمتعلقة بالأساس بشروط المحاكمة العادلة، قرينة البراءة، استقلالية القضاء، تجريم التعذيب والوقاية منه.
وأشار إيذي إلى أن جوهر هذا المشروع الجديد، تمحور حول نسخ وتعويض وتتميم مجموعة من مواد وفصول القانون الحالي، وعلى تطعيمه بمواد وفصول جديدة، تهدف بالأساس إلى ضمان تكريس التوازن بين حق المجتمع من خلال معاقبة مرتكبي الجريمة من أفراده، وبين حق الأفراد، من خلال ضمان حريتهم وحمايتها، حيث لا يجب تقويضها إلا بمحاكمة عادلة، بمعنى أنها تهدف إلى تعزيز الحماية القانونية لضحايا الجرائم، وكذا تعزيز حقوق الدفاع.
وأكد إيذي أن هذا الهدف الذي “يدفعنا في المعارضة الاتحادية، وباستحضار أغلب الدوافع التي فرضت مراجعة قانون المسطرة الجنائية ببلادنا إلى طرح مجموعة من التساؤلات التي نعتبرها تساؤلات مشروعة: فما الذي منع الحكومة من الإتيان بمشروع قانون جديد للمسطرة الجنائية عوض الاكتفاء بتعديل ما زاد عن نصف مقتضيات النص الحالي؟ ألن يؤثر تتميم وتعديل ونسخ وتعويض نصف مقتضيات هذا القانون، على مستوى انسجام وتكامل هذه المقتضيات الجديدة مع نظيرتها القديمة؟ ألم يكن من الأجدر أن تكون مراجعة قانون المسطرة الجنائية بشكل متواز مع مراجعة مجموعة القانون الجنائي؟ ألم يكن من الضروري والمفروض، لاسيما أن هذه المراجعة تندرج في إطار الحرص على ملاءمة القوانين الوطنية مع تعهدات المغرب الدولية، نسخ جميع المساطر المتعلقة ببعض العقوبات التي تعتبر ضربا لحقوق الإنسان؟ كخطوة أولى في أفق إلغائها، مراعاة للمسير الحقوقي ببلادنا.”
وتابع إيذي، “إن ملاحظاتنا هذه لا تمنعنا من التأكيد أن مشروع قانون المسطرة الجنائية قد تضمن مجموعة من المقتضيات الهامة، خاصة في ما يتعلق بتعزيز شروط وضمانات المحاكمة العادلة، تعزيز المراقبة القضائية على عمل الشرطة القضائية، بتعديل معايير الوضع تحت الحراسة النظرية، ترشيد الاعتقال الاحتياطي، وضع آليات للوقاية من التعذيب، وغيرها من المقتضيات المهمة المرتبطة بتكريس الحقوق والحريات.”
وذكر إيذي على أن المناسبة شرط للتأكيد على أن أهمية هذه المقتضيات تفرض الحرص على جودة صياغة هذا النص، من أجل تقويض سلطة تكييفه من أي طرف كان غير المشرع، ذلك أن أكبر الإشكاليات التي تعرفها السياسة الجنائية ببلادنا من حيث التطبيق تعود إلى كيفية تكييف النصوص القانونية المرتبطة بالموضوع.
وخلص المتحدث إلى أن بعض الملاحظات والأسئلة، وغيرها كثير، مرتبط بالأساس بفعالية هذا المشروع وبقدرته على إدراك غاية وعلة اعتماده، والتي نراهن على هذا اليوم الدراسي أن يشكل محاولة للإجابة عنها، حتى تسعفنا كأعضاء الفريق الاشتراكي المعارضة الاتحادية، في مبادراتنا وتدخلاتنا المستقبلية المتعلقة بهذا القانون.
وبدوره أكد وزير العدل عبد اللطيف وهبي، أنه لا يمكن التعامل مع هذا النص بمنطق الانتقائية، كون هذا النص تحكمه سياقات معينة وبالتالي يجب أخذها بعين الاعتبار. موضحا أن مشروع قانون المسطرة الجنائية يعتبر مشروعا للمجتمع وأن أكثر ما يهدد حقوق الإنسان هو الاجتهاد القضائي بدل التقيد بالنصوص القانونية.
وأشار وزير العدل إلى أن القضاة محافظين والديمقراطية تفرض الحرية، مؤكدا أن التشريع هو اختصاص حصري للبرلمان وليس لغيره من المؤسسات الدستورية الأخرى.
وذكر وهبي أن هناك مزايدات من بعض الجهات بشأن مشروع قانون المسطرة الجنائية خاصة في بعض البنود والمقتضيات ومن بينها المادة 3 التي أثارت الجدل والنقاش. مضيفا أن المغرب بلد مؤسسات وقوانين وليس بلد جمعيات.
وخلص وهبي إلى أن الحكومة مقتنعة بمشروع قانون المسطرة الجنائية، وأن أكبر عملية سياسية معقدة هي التشريع، وأننا مقتنعون بهذا النص وسنعمل على إخراجه، وبالتالي فإن النقاش حول المشروع هو الحد الأقصى للحوار و النقاش مع المؤسسات وأجهزة الدولة بتنوعها.
ومن جانبه أوضح علال البصراوي، منسق قطاع المحامين الاتحاديين، أن المنظومة الاتحادية التشريعية كانت حاضرة دائما بالاقتراح والمبادرة ومناقشة العديد من النصوص القانونية التي تهم قضايا أساسية داخل المجتمع، ومن بين هذه النصوص اليوم مشروع قانون المسطرة الجنائية.
وشدد البصراوي على أن مشروع قانون المسطرة الجنائية يجب أن يضمن حماية الحقوق والحريات ويكرس حقوق الدفاع ويجعل قرينة البراءة في قلب كل المقتضيات.
وأكد البصراوي أن هناك أمرين مهمين هما: الأول يتعلق بأزمة العدالة الجنائية وإشكالية الاعتقال الاحتياطي وظاهرة الاكتظاظ في المؤسسات السجنية، وارتفاع نسبة العود، والأمر الثاني هو أن المسطرة الجنائية هي التي كانت في السابق، قد سهلت لانتهاكات حقوق الإنسان، خلال سنوات الرصاص، وكانت هناك توصيات لتعديل هذه المسطرة من قبل هيئة الإنصاف والمصالحة.
وأكد البصراوي في كلمته على أن المسطرة الجنائية التي يجب أن تليق بالمغرب في ظل دستور 2011، هي مسطرة يجب أن تضمن المساواة في الدعوى العمومية وقرار الاعتقال واعتماد المحكمة على قناعتها، وضمان شروط المحاكمة العادلة وترصيد المكتسبات الحقوقية، مشيرا إلى أن المسطرة الجنائية يجب أن تضمن حضور الدفاع في كل المراحل من الاعتقال إلى غاية النطق بالحكم، مذكرا أن قطاع المحامين الاتحاديين أعد مذكرة تفصيلية حول المشروع تضمنت ملاحظات وتوصيات بخصوص تجويد هذا النص وفق مبادئ العدالة والمحاكمة العادلة وحقوق الإنسان.