يفقر القطاعات الاجتماعية ويرهن مستقبل البلاد للديون
رفض الفريق الاشتراكي بالغرفة الثانية المصادقة والتصويت لصالح مشروع قانون المالية، طبقًا لموقف الفريق الاشتراكي الذي تدارس المشروع وتدخل باقتراحات جدية ثم قوبلت بالرفض من طرف الحكومة. ورغم ذلك، صادق مجلس المستشارين في جلسة عمومية عقدها مساء الخميس بالأغلبية على مشروع قانون المالية رقم 60.24 للسنة المالية 2025 برمته.
وحظي مشروع القانون بتأييد 46 مستشارًا برلمانيًا، فيما عارضه 13 مستشارًا وامتنع 4 مستشارين عن التصويت من أصل 120 من المستشارين والمستشارات المشكلين للغرفة.
وخلال جلسة تفسير التصويت على مشروع قانون المالية لسنة 2025 بمجلس المستشارين، قدم يوسف إيدي، رئيس الفريق الاشتراكي، مداخلة حاسمة لتوضيح أسباب رفض فريقه للمشروع، مشددًا على أن القانون المالي الجديد يعجز عن تلبية تطلعات المغاربة ويعاني من اختلالات جوهرية تهدد بتفاقم الأزمات الاقتصادية والاجتماعية في البلاد.
وأوضح إيدي أن المشروع يفتقر إلى تدابير عملية وقابلة للتطبيق لمعالجة التحديات الاقتصادية الكبرى، وفي مقدمتها مشكلة البطالة التي تضرب الشباب، خصوصًا حاملي الشهادات الجامعية. وأكد أن المشروع لا يقدم حلولًا مبتكرة لتحفيز النمو الاقتصادي أو خلق فرص عمل جديدة خارج إطار الوظائف العمومية.
كما انتقد إيدي بشدة غياب رؤية شاملة لدعم القطاعات الحيوية كالفلاحة والتعليم والصحة، مشيرًا إلى أن الميزانية المقترحة ستؤدي إلى تفاقم معاناة الفئات الهشة. وأضاف أن المشروع لم يراعِ الضرورة الملحة لتقديم خدمات عمومية جيدة وتحسين جودة التعليم، في وقت يعاني فيه المرفق العمومي من تدهور واضح.
وفي إطار مكافحة الفساد، استند إيدي إلى معطيات تقرير الهيئة الوطنية للنزاهة ومكافحة الرشوة، الذي كشف أن المغرب سجل تراجعًا في مؤشر مدركات الفساد، حيث انخفضت نقاطه من 43 في عام 2018 إلى 38 في 2023، مما أدى إلى تراجع ترتيبه من المرتبة 73 إلى المرتبة 97 عالميًا. وأبرز أن كلفة الفساد، التي تتراوح بين 4% و6% من الناتج المحلي الإجمالي، تثقل كاهل الاقتصاد الوطني وتتحملها الفئات الأكثر ضعفًا.
كما أشار إلى تقاعس الحكومة في عقد اجتماعات اللجنة الوطنية لمكافحة الفساد منذ تنصيبها في 2017، معتبرًا أن ذلك يعكس ضعف الالتزام بتنفيذ الوعود الانتخابية لمحاربة الفساد والريع الاقتصادي والإداري.
وتابع إيدي قائلًا إن مشروع قانون المالية 2025 يُرهن مستقبل المغرب بمزيد من الديون الخارجية، دون تقديم أي ضمانات لتحقيق نمو اقتصادي مستدام، مما سيزيد من أعباء الأجيال القادمة.
وأكد أن الفريق الاشتراكي صوت بالرفض لأن المشروع لا يتضمن تدابير كافية لدعم الطبقة الوسطى وحماية الطبقات الهشة، ولأنه يكرّس السياسات التي أدت إلى تآكل الخدمات العمومية وتفاقم الفوارق الاجتماعية. وفي ختام مداخلته، شدد يوسف إيدي على أن المغرب يحتاج إلى ميزانية جريئة ترتكز على رؤية واضحة وشجاعة سياسية لمعالجة القضايا المستعجلة وتحقيق تطلعات المواطنين.