الثروة الحيوانية الوطنية تواجه خطر الانهيار والحكومة فشلت في حمايتها
الغش في امتحانات البكالوريا ظاهرة مقلقة تُهدد مصداقية المدرسة العمومية
في تعقيب له خلال جلسة الأسئلة الشفوية بمجلس المستشارين يوم الثلاثاء 10 يونيو 2025، وجّه المستشار البرلماني أبو بكرأعبيد، عضو المعارضة الاتحادية، انتقادات شديدة اللهجة إلى الحكومة على خلفية ما وصفه بـ»الفشل الذريع» في حماية الثروة الحيوانية الوطنية. واعتبر أعبيد أن الأزمة الخطيرة التي تعيشها الثروة الحيوانية اليوم تعكس تقصيراً واضحاً من طرف الوزارة الوصية، مشيراً إلى أن القطيع الوطني الذي كان يشكل عماد الاقتصاد الرعوي وأساس النسيج القروي بات مهدداً بالانهيار الكامل في ظل غياب رؤية واضحة وسياسات ناجعة.
وأكد المتحدث أن تآكل القطيع الوطني لا يهدد فقط الأمن الغذائي للمغاربة، بل يقوض أيضاً السيادة الوطنية في قطاع حيوي واستراتيجي. ولفت إلى أن التدهور بلغ مستويات غير مسبوقة جعلت الحكومة عاجزة حتى عن توفير الأضاحي لعيد الأضحى، رغم الدعم المخصص للكسابة، الذي لم يؤت ثماره حسب تصريح الوزير المكلف بالميزانية.
وأشاد المستشار البرلماني بالتدخل الملكي السامي، المتمثل في الإهابة النبيلة إلى المغاربة بعدم ذبح الأضاحي هذه السنة، معتبراً أن هذا التوجيه أنقذ البلاد من كارثة محققة، وحفظ ماء وجه الحكومة التي فشلت في إدارة هذا الملف الحيوي. وأضاف أعبيد أن هذا التدخل الملكي يطرح تساؤلات جوهرية حول مدى جدوى وجود حكومة تعجز عن حماية الثروات الوطنية وضمان الأمن الغذائي للمواطنين، داعياً إلى مراجعة جذرية للسياسات المتبعة، ووضع استراتيجية وطنية طموحة لإعادة بناء القطيع الوطني، تقوم على أسس علمية وتراعي التحديات المناخية والاقتصادية.
وختم المستشار البرلماني تصريحه بالتأكيد على أن المغاربة يستحقون حكومة تضع مصالحهم فوق كل اعتبار، داعياً إلى اعتبار هذه الأزمة جرس إنذار يستوجب إعادة ترتيب الأولويات الوطنية، وفي مقدمتها حماية الثروات الطبيعية.
وفي موضوع آخر، حذّر المستشار البرلماني أبو بكر أعبيد، خلال نفس الجلسة، من خطورة الأجواء العامة التي رافقت الدورة العادية للامتحان الوطني الموحد لنيل شهادة البكالوريا، والتي طبعها – حسب تعبيره – «هاجس الغش وانعدام الثقة»، مشدداً على أن امتحان البكالوريا لم يعد مجرد اختبار دراسي، بل هو استحقاق وطني يعكس مصداقية المنظومة التعليمية برمتها.
وأكد أعبيد أن هذا الامتحان، الذي شارك فيه حوالي 495 ألف مترشح ومترشحة، من ضمنهم أزيد من 110 آلاف مترشح حر، عرف تسجيل 2.769 حالة غش رغم تراجع الرقم مقارنة بالسنة الماضية. واعتبر أن هذا الرقم لا يزال «مقلقاً»، ويطرح تساؤلات حول فعالية الإجراءات المعتمدة، بل يكشف – حسب قوله – عن «فشل المقاربة الزجرية وحدها في التصدي لسلوك أصبح أكثر تجذراً في الوسط المدرسي».
وتوقف المستشار البرلماني عند ما وصفه بـ»الثقافة الموازية» التي تهدد أحد أعمدة المدرسة المغربية، محذراً من أن استمرار ظاهرة الغش يُفرغ شهادة البكالوريا من مضمونها الأكاديمي، ويحولها إلى وثيقة شكلية لا تعكس الكفاءة الحقيقية، مما يضرب في العمق مبدأ تكافؤ الفرص ويزعزع ثقة المجتمع في المدرسة العمومية.
وفي ذات السياق، أثار أعبيد قضية الضغط النفسي الذي يعانيه التلاميذ بسبب ظروف الاستعداد للامتحانات، والإجراءات الصارمة للمراقبة، إضافة إلى بعض التغطيات الإعلامية التي اعتبرها «غير مسؤولة»، منتقداً تحويل التلاميذ إلى مادة للاستهلاك الرقمي في مشاهد لا تراعي لا السياق ولا هشاشة المرحلة العمرية التي يعيشها التلاميذ.
ودعا المستشار أعبيد في ختام مداخلته إلى إصلاح جذري يضمن مصداقية شهادة البكالوريا، ويُعيد الاعتبار لقيمة الاستحقاق، مشدداً على ضرورة مراجعة طرق التقييم التربوي، وتعزيز التنشئة على القيم داخل المدرسة العمومية، باعتبار ذلك شرطاً أساسياً لبناء ثقة حقيقية في النظام التعليمي الوطني.