المعارضة الاتحادية تعبر لرئيس الحكومة عن تخوفها على مستقبل التجارة الخارجية المغربية

طلبت عضو الفريق الاشتراكي المعارضة الاتحادية مليكة الزخنيني من رئيس الحكومة عزيز أخنوش الافصاح عما ينوي اتخاذه من قرارات لأجل حماية السيادة الغذائية للوطن وكذا حماية سلاسل الإنتاج وحماية الدورة الاقتصادية، وشددت النائبة الاتحادية على ضرورة الوضوح مع المواطنين وعدم التهرب أو الاختباء وراء مبررات واهية.
وفي إطار نفس جلسة المساءلة الشهرية لرئيس الحكومة، ناقش الفريق الاشتراكي بمجلس النواب، ممثلاً بالنائبة حياة لعرايش والنائب عبد النور الحسناوي، واقع قطاع التجارة الخارجية ودوره في تطوير الاقتصاد الوطني.
يأتي هذا التعقيب من منطلق مسؤولية الفريق الاشتراكي كمعارضة بناءة، تسعى لتعميق النقاش الوطني حول التحديات والفرص المرتبطة بالتجارة الخارجية، ولإيجاد حلول عملية لتحسين الأداء الحكومي في هذا المجال الحيوي.
وأشاد الفريق الاشتراكي في بداية تعقيبه بالنجاحات الدبلوماسية التي حققتها المملكة في الساحة الدولية، وخصوصًا دعم الموقف الفرنسي الأخير لمغربية الصحراء، وكذلك التحول الإيجابي الذي شهدته العلاقات المغربية-الإسبانية. وأكد النائبان على أهمية هذه المكتسبات التي جاءت بفضل قيادة جلالة الملك محمد السادس، والتي أسهمت في إرساء نموذج شراكة استثنائية تشمل مجالات حيوية، من البنية التحتية إلى الطاقات المتجددة، مما يعزز من موقع المغرب كفاعل إقليمي ودولي.
وأعرب الفريق الاشتراكي عن قلقه تجاه الأداء الحكومي في مجال التجارة الخارجية، حيث دعا إلى ضرورة مراجعة شاملة لسياسات الحكومة بهذا الشأن، لضمان استدامة النمو الاقتصادي وتعزيز تنافسية المنتوج المغربي في الأسواق الدولية. وعلى الرغم من توقيع المغرب للعديد من اتفاقيات التبادل الحر، فإنها لم تحقق النمو المتوقع، بل أدت في بعض الحالات إلى منافسة غير متكافئة أضرت بالمقاولات الصغيرة والمتوسطة، التي أُجبرت على التركيز على الاستيراد بدلاً من التصدير.
كما أشار الفريق الاشتراكي إلى الأرقام الصادرة عن مكتب الصرف التي تعكس تزايد العجز التجاري، حيث بلغ 222.63 مليار درهم بنهاية شتنبر 2024، بارتفاع بنسبة 3.9% مقارنة بالعام السابق. كما أن المؤشرات المتعلقة بتوزيع الشركاء التجاريين لم تُظهر تنوعًا ملحوظًا، حيث لا تزال أوروبا تحتل النصيب الأكبر من معاملات المغرب التجارية بنسبة 63.2%. يعتقد الفريق الاشتراكي أن هذه المؤشرات تستوجب وقفة تقييمية جدية لمدى فعالية السياسات الحكومية الحالية، ومدى نجاح البرامج الموجهة لدعم التجارة الخارجية في تحقيق أهدافها المعلنة.
من جهة ثانية، أثار الفريق الاشتراكي العديد من التساؤلات حول مدى وفاء الحكومة بالتزاماتها تجاه تعزيز فرص العمل وتحقيق الاندماج في سلاسل القيمة العالمية. فمعدلات البطالة ما زالت مرتفعة، وقد تجاوزت 13%، في حين أن تحفيز الصناعة المحلية ورفع مستوى الاندماج في الصناعات المغربية لا يزال دون المستوى المطلوب. كما تساءل الفريق عن مدى فعالية الجهود الحكومية في توسيع نطاق التصدير للأسواق الجديدة، وتخفيف الاعتماد على الأسواق التقليدية، بهدف تحسين الميزان التجاري وتنويع الشركاء التجاريين.
كما ركز تعقيب الفريق الاشتراكي على أهمية إجراء تقييم شامل للبرامج الحكومية الموجهة لدعم التصدير، مثل برامج «تصديركم» و»GO TO MARKET»، وتساءل عن أثرها الفعلي على تعزيز تواجد المنتوجات المغربية في الأسواق الدولية. ويعتقد الفريق الاشتراكي أن الحكومة ملزمة بالكشف عن نتائج هذه البرامج ومدى نجاحها في استهداف أسواق جديدة وإيجاد حلول واقعية للصعوبات التي تواجه المقاولات المغربية، خصوصًا الصغيرة والمتوسطة، في التصدير.
من جهة أخرى دعا الفريق الاشتراكي الحكومة إلى اعتماد رؤية شاملة تستند إلى منهج تشاركي، يتضمن جميع الفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين، وذلك من أجل صياغة استراتيجية متكاملة تتناسب مع تطورات المشهد الدولي وتعزز قدرة المغرب التنافسية. كما شدد الفريق على أهمية وضع سياسات قطاعية متجانسة تصب في خدمة هدف مشترك يتمثل في تقوية منظومة التصدير الوطني، وحماية العلامات التجارية المغربية، وتشجيع الإنتاج المحلي ليصبح مؤهلاً للتنافس دوليًا. كما دعا الفريق إلى تفعيل التوجيهات الملكية الداعية لدعم المقاولات الصغرى والمتوسطة في تصدير منتجاتها نحو الأسواق الأفريقية، لتعزيز التكامل الاقتصادي مع القارة الأفريقية، وتطوير إمكانيات المغرب كمركز إقليمي للتجارة الخارجية.
ختامًا، أشار الفريق الاشتراكي إلى أن تطوير قطاع التجارة الخارجية يتطلب تضافر جهود الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المدني لتحقيق نموذج تجاري متوازن ومستدام، يستفيد فيه المواطن المغربي من الفرص الاقتصادية التي تتيحها العولمة، دون المساس بمصالح المقاولات المحلية الصغيرة والمتوسطة. ويأمل الفريق الاشتراكي أن تستجيب الحكومة لهذه المقترحات بجدية، وتعمل على إدماجها ضمن استراتيجيتها المقبلة بما يعود بالنفع على الاقتصاد الوطني والمواطن المغربي.


الكاتب : محمد الطالبي

  

بتاريخ : 06/11/2024