دفع تجاوز مقتضيات الدستور والعبث بالأعراف، المعارضة إلى الانسحاب من جلسة مجلس النواب أول أمس، احتجاجا على رفض الحكومة التفاعل مع طلبات الفرق البرلمانية لمناقشة أزمة كليات الطب ومقاطعة الطلبة للامتحانات، في إطار المادة 152 من النظام الداخلي للمجلس.
عقب ذلك، قال رئيس الفريق الاستقلالي، « من موقعنا في الأغلبية نريد أن نفهم أسباب عدم حضور الوزير، ربما هناك عائق ضروري، لأن الموضوع جد مهم، وبالتالي نطلب رفع الجلسة للاجتماع مع السيد رئيس المجلس لنفهم أسباب عدم حضور الحكومة، إن كانت أسباب موضوع سنواصل الجلسة، وإن كانت أسباب أخرى سنناقشها مع رئيس المجلس«.
في نفس الاتجاه، طلب رئيس فريق التجمع الوطني للأحرار برفع الجلسة للتشاور، وقال إنه يجب أن تتظافر جهود الجميع لإنجاح الجلسة الدستورية.
وانسحبت المعارضة، زوال أمس الاثنين، تعبيرا عن موقفها الرافض لهذه الممارسات وكذا رفض الحكومة التطرق لمناقشة وضع طارئ خطير يهم آلاف طلبة الطب والصيدلة ومعهم الأسر باعتبار الطب مهنة مرتبطة بصحة المواطنين في زمن الرعاية الصحية الني يرعاها جلالة الملك كخطوة جبارة في أفق الدولة الاجتماعية .
وانسحب الفريق الاشتراكي المعارضة الاتحادية بمعية كل من الفريقين الحركي والتقدم والاشتراكية والمجموعة النيابية للعدالة والتنمية، وأصدروا بيانا عبروا فيه عن رفضهم الجماعي لمثل هذه الممارسات .
وأكد رئيس الجلسة، أن مكتب مجلس النواب بعد أن تأكد أن موضوع مقاطعة الامتحانات في كليات الطب والصيدلة، عام وطارئ وله راهنية بالفعل، قرر إحالته على الحكومة، مشيرا إلى أن المكتب توصل بجواب الحكومة الذي عبرت فيه عن عدم استعدادها للتفاعل مع الطلبات المقدمة إليها.
إثر ذلك، اضطر رئيس الجلسة إلى رفعها بعد انسحاب المعارضة، ومطالبة الأغلبية برفع الجلسة من أجل التشاور مع رئيس المجلس.
وفي هذا الصدد، أعربت فرق ومجموعة المعارضة عن استيائها من عدم تفاعل الحكومة مع طلباتها لمناقشة هذه الأزمة التي عمرت طويلا، واصفة ذلك بأنه “استهتار بالبرلمان” وأن “الحكومة ممسوقاش”.
وفي هذا السياق، قال عبد الرحيم شهيد، رئيس فريق المعارضة الاتحادية، إن عدم تقديم الحكومة لتوضيحات أمام البرلمان حول أزمة طلبة الطب ليس له توصيف غير “العبث”.
وشدد المتحدث على أن الحكومة هربت من المسؤولية في معالجة ملف طلبة الطب، معتبرا أن الأمر هو استهتار بالمؤسسة التشريعية، وهو ما يفسر انسحاب المعارضة من الجلسة التشريعية.
وأضاف شهيد أن تفعيل البرلمان لآلياته الرقابية من أجل إثارة هذا الموضوع في جلسة اليوم، نابع من أهمية تحسيس المواطنين وطمأنتهم، كون مئات العائلات أيديها على قلوبها خوفا من سنة بيضاء.
وأكد رئيس الفريق أن الوزير المنتدب المكلف بالعلاقة مع البرلمان والمجتمع المدني كان حاضرا خلال حوار الحكومة مع الطلبة، وبإمكانه الحديث حول الموضوع أمام البرلمان وتقديم التوضيحات اللازمة فيه.
بقي أن نشير إلى أن أزمة طلبة الطب والصيدلة خيمت على المشهد المغربي بشكل عام، ولا تزال تداعياته مستمرة ولا يعلم مصيره بعد، وهو ما من شأنه أن يساهم في تداعي المنظومة الصحية بشكل عام مما سيؤثر سلبا على المواطنين والمواطنات الذين يرون في طلبة الطب والصيدلة مشاريع أطباء وطبيبات سيعملون على تقديم الخدمات الطبية لكل من يحتاجها.
وكان البرلمان عرف سلوكا خطيرا وتجاوزا دستوريا بعدما قال عزيز أخنوش رئيس الحكومة، إنه يفضل الحديث مباشرة إلى المواطنين عوض المعارضة بالبرلمان، في تحد كبير للمؤسسات الدستورية للبلاد وضمنها البرلمان.
بلاغ المعارضة بمجلس النواب
تخبر فرق المعارضة بمجلس النواب، المكونة من الفريق الاشتراكي-المعارضة الاتحادية-، والفريق الحركي، وفريق التقدم والاشتراكية، والمجموعة النيابية للعدالة والتنمية، أنها اضطرت للانسحاب، من أشغال الجلسة الأسبوعية لمجلس النواب ليوم الاثنين 08 يوليوز 2024 المخصصة للأسئلة الشفهية، وذلك احتجاجا على رفض الحكومة التفاعل مع طلبات التحدث في موضوع طارئ وعام يتعلق بمستجدات امتحانات كليات الطب والصيدلة.
وتؤكد فرق ومجموعة المعارضة، أن قرارها بالانسحاب من الجلسة، أملته مواقفها المبدئية بشأن المكانة التي يجب أن تحظى بها المؤسسة التشريعية، وجعلها فضاء للنقاش العمومي البناء والمسؤول، بين السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية، وذلك في إطار مبدأ التعاون والتوازن المنصوص عليه في الدستور، ووفق مقتضيات النظام الداخلي لمجلس النواب.
كما تؤكد فرق ومجموعة المعارضة، بأنها سبق أن تقدمت في مناسبات كثيرة، بطلبات للتحدث في مواضيع عامة وطارئة، رأت المعارضة أهمية وفائدة في تسليط الضوء عليها وإخبار الرأي العام بشأنها، لكنها كانت تواجَه برفض مكتب المجلس إحالتها على الحكومة، مشيدة في السياق نفسه، بإحالة مكتب المجلس للطلبات التي تقدمت بها فرق من الأغلبية ومن المعارضة الأسبوع الماضي، وتتعلق بموضوع امتحانات كليات الطب والصيدلة، وبرمجتها في نهاية جلسة الأسئلة الشفهية يوم الاثنين 08 يوليوز 2024، غير أنها تفاجأت برد الحكومة، الذي تلاه رئيس الجلسة الذي عبرت فيه الحكومة على أنها «غير مستعدة» للتفاعل مع طلبات فرق الأغلبية والمعارضة، إلى جانب تفاجئها بكون وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، المعني بطلبات التحدث في موضوع امتحانات كليات الطب والصيدلة، لم يكن على علم ببرمجة هذه الطلبات في جلسة الاثنين 08 يوليوز 2024.
كما وجدت المعارضة نفسها في الجلسة المذكورة، أمام استمرار ظاهرة غياب الوزراء عن جلسات الأسئلة الشفوية، حيث حضر أربعة وزراء فقط، وتغيب خمسة أخرون من القطب المبرمج لهذه الجلسة.
إن فرق ومجموعة المعارضة، تجدد رفضها للعبث بالمقتضيات الدستورية، ومقتضيات النظام الداخلي، التي تحكم العلاقة بين البرلمان، وخاصة المعارضة، وبين الحكومة، في مجال الرقابة على وجه التحديد، كما هو عليه الحال، في تطبيق مقتضيات المادة 152 من النظام الداخلي لمجلس النواب، وتؤكد على ضرورة تمكينها من حقوقها في ممارسة الأدوار السياسية والمؤسساتية، المنوطة بها، وتدعو الحكومة إلى الانضباط للمقتضيات الدستورية والقانونية، والتعامل مع البرلمان ومع مكون المعارضة، بما يستلزمه الارتقاء بالخطاب والممارسة السياسيين، وبما يرفع من ثقة المواطنين في البرلمان وفي الحياة السياسية بشكل عام، وبما يعود بالنفع على الوطن والمواطنين.
كما تؤكد فرق ومجموعة المعارضة، بانها ستظل محتكمة للمقتضيات الدستورية والقانونية، في ممارستها لأدوارها، وإسماع صوت المواطنين، ونقل مشاكلهم إلى الفضاء المؤسساتي، للتداول بشأنها وتقديم المقترحات الكفيلة بمعالجتها، رافضة أساليب التهميش والتنقيص والتبخيس التي تلجأ إليها الحكومة للتغطية على عجزها عن الحوار المؤسساتي، وضعفها في مواجهة الحجة بالحجة والفكرة بالفكرة.