المغاربة العالقون خارج الحدود.. رهائن يقرعون الأجراس !

يستمر العالقون  المغاربة بدول العالم  في توجيه تساؤلات  كثيرة الى الحكومة المغربية بسبب التأخر في ترحيلهم إلى بلدهم. ويأملون في أن تقوم السلطات بالتحرك في أقرب وقت ممكن من أجل إنهاء الأزمة، خاصة أن العديد منهم يوجد في وضعية اجتماعية ومادية جد صعبة جدا، ومنهم من هم تركوا أسرا وأطفالا بالمغرب، دون رعاية أو معيل في هذه الظروف  المؤلمة مع استمرار انتشار الفيروس، والإجراءات الاحترازية والوقائية التي أقرتها السلطات.

 

تزداد وضعية المغاربة العالقين ببلدان العالم تأزما، سواء من الناحية النفسية أو المادية أو الصحية أو الاجتماعية، بعد طول انتظار ترحيلهم إلى بلدهم، على غرار ما قامت به معظم بلدان العالم، بحسب ما جاء في بيان موجه إلى الرأي العام.
ونبه البيان إلى أن من بين العالقين «مرضى ومسنون ونساء وأطفال، وان الموارد المالية لجميع العالقين قد نفذت أو في طريقها إلى النفاذ».

شهادات مؤلمة

وتختلف قصص العالقين من شخص إلى آخر، ومن بلد إلى آخر، ولا يشتركون إلا قي شيء واحد: السؤال عن موعد الترحيل، خاصة أن أغلبهم ترك الأبناء بالمغرب. كما أن بعضهم انتهت تأشيرته.
تقول كناني سليمة (موظفة بالقطاع الخاص)، القادمة من الرباط منذ 12 مارس الماضي لزيارة ابنتها المقيمة بباريس، إنها توصلت يوم وصولها إلى باريس برسالة من زملائها بالمغرب، يخبرونها أن المغرب سوف يقفل جميع الحدود، لهذا ذهبت إلى مطار أورلي يوم 14 مارس، لكنها فوجئت بإلغاء جميع الرحلات، بل علمت أن هناك من اشترى تذكرة سفر مرة أو مرتين، وبثمن مرتفع، لكن دون التمكن من السفر، ذلك أن كل الرحلات ألغيت نحو المغرب.
وتضيف: «على الحكومة المغربية أن تهتم بوضعيتنا، وتبعث بطائرات إلى فرنسا، كما فعلت اغلب دول العال. إننا جميعا مستعدون للحجر الصحي 14 يوما حتى يتم التأكد من سلامتنا».
وتابعت: « قنصلية باريس اتصلت بنا مرة واحدة، من أجل تسجيلنا في اللائحة. بالنسبة لي أنا أقيم في بيت ابنتي، ولا ينقصني أي شيء، لكنني لا بد أن أعود لأسباب عائلية ومهنية، فقد أجرى زوجي عملية جراحية في غيابي، ولم أتمكن الاعتناء به في هذه الظرفية الصعبة، كما ان ابني يعيش بمفرده بالمنزل، وهو في حاجة إلى الرعاية».
وواصلت: «العديد من العالقين مثلي لهم نفس المشاكل المهنية والعائلية. فيما يخص عملي، فأنا اشتغل بالقطاع الخاص، وحتى الساعة أعمل عن بعد، ولكن علي العودة إلى البلد في أسرع وقت. لهذا على الحكومة المغربية أن تأخذ وضعيتنا الإنسانية والمهنية بعين الاعتبار».
ومن جهته، أكد أيوب صفوان (موظف بالقطاع الخاص) الذي سافر إلى جنيف مع زوجته وابنته في رحلة سياسية لمدة 4 أيام، أنه ما زال لا يفهم ما وقع له، فهو منذ شهر وهو لدى عائلته بجنيف، مع زوجته وابنته، بينما ترك ابنه بالمغرب لوحده. وقال: «أشعر وكأنني معتقل، وكل ما أريده هو معرفة تاريخ العودة إلى المغرب، وفي أسرع وقت».
وأضاف: «من حسن حظنا، كانت السفارة المغربية في المستوى. يتصلون بنا باستمرار، ويوفرون لنا وجبتي الغذاء والعشاء يوميا، ويطمئنون علينا، ويسألون عن حاجتنا إلى الدواء. نحن حوالي 130 شخصا عالقين بسويسرا، نطالب حكومتنا بأن تحدد لنا وقتا للعودة، وأنا مستعد للحجر الصحي حتى مدة شهر رفقة عائلتي، فقط أريد العودة إلى بلدي لأنني تركت ابني وحيدا».
بدورها، تقول نجاة (ربة بيت وأم لطفلين)، إنها جاءت إلى فرنسا لتقديم العزاء في أختها التي توفيت ودفنت بفرنسا، لكنها تجد نفسها مدة شهرين عالقة بفرنسا.
وأفادت بأنه من حسن حظها أن عائلتها تسكن في نوازي لوسيك بالضاحية الباريسية، وهي التي تتكفل بحاجياتها، لكنها تجهل موعد عودتها إلى الدار البيضاء، خاصة أنها تركت شابين (16سنة) و(20 سنة) لوحدهما بالمغرب، وبدون أي معيل. كما أن التأشيرة التي تتوفر عليها انتهت صلاحيتها، ولا تعرف ماذا تفعل في مثل هذه الظروف.
وأضافت نجاة أنها اتصلت بالمصالح القنصلية بباريس، لكنها لم تتلق أي جواب. «أريد فقط العودة إلى بلدي وإلى أبنائي. أنا خائفة عليهم من طول غيابي، فأنا بعيدة عنهم مدة شهرين»، تقول.
أما يوسف العلوي، القادم من مدينة مراكش إلى باريس، فيقول: «جئت رفقة والدي وزوجتي إلى باريس في رحلى سياسية لمدة أسبوع. لقد كان من المتوقع أن تقفل الحدود يوم الاثنين 16 مارس، لكننا حصلنا على تذاكر العودة في رحلة يوم الأحد 15 مارس. غير أنهم أخبرونا بأن المغرب أقفل حدوده. بقينا في الفندق يومين، ليتم إغلاقه بشكل نهائي. اتصلنا بالقنصلية العامة بباريس، فقاموا بتسجيلنا في قائمة. تحدثنا مع القنصل العام الذي قال لنا «لا يمكننا فعل أي شيء. نحن في انتظار الأوامر من الرباط». طلبنا منه الفندق أو أي سكن آخر، لكن دون أي تجاوب. وما زلنا حتى الساعة نؤدي ثمن الفندق الذي يكلفني 100 يورو يوميا، ولا اعرف كيف سوف أسدد المستحقات».
وأضاف: «اتصلوا بنا في القنصلية، وطلبوا منا صورة التأشيرة والجواز ولم يقدموا لي اية مساعدة حتى الآن. فقط نعتمد على أنفسنا. نسمع في الأخبار أن جلالة الملك طلب منهم العناية بنا، لكن القنصلية العامة بباريس لم تساعدنا في أي شيء. أخذت منا المعلومات واختفت. لو عولنا عليهم لكنا الآن مشردين. إن ما نطلبه الآن هو يجعلنا المسؤولون نحس بأننا مغاربة، وبأن هناك مسؤولين يهتمون بنا ويسألون عنا. لقد تركت 5 أبناء بالمغرب وأنا خائف عليهم، كما لا يمكنني أن اطلب من أي شخص أن يساعدهم في عين المكان، فكل واحد يخشى الخروج اليوم حتى لا يصاب بعدوى الفيروس. نحن لا نعرف كم من الوقت سنظل هنا قبل أن نعود إلى البلد».

السعي الحكومي

هذا السؤال أثير في البرلمان، ليجيب رئيس الحكومة سعد الدين العثماني قائلا: «إن عدد العالقين المغاربة يصل إلى أكثر من 7000 شخص، وهم عالقون بسبب الظروف الاستثنائية التي يعرفها العالم مع تفشي وباء كورونا فيروس». مضيفا:»إننا نشاطرهم همومهم ومشاكلهم، ونسعى جاهدين لإيجاد حلول لها، ولن يهدأ لنا بال حتى يعودوا إلى أرض الوطن، وإلى ذويهم».
وقال رئيس الحكومة إن العديد من الوزارات قامت بتشكيل لجن لمتابعة هذه الوضعية من أجل إيجاد حلول ملائمة لهؤلاء العالقين، عبر العديد من دول العالم، سواء بفرنسا،اسبانيا، بريطانيا، الولايات المتحدة الأمريكية، كندا، ماليزيا، الفلبين، سريلانكا، جنوب افريقيا، رومانيا.
غير أنه بالنظر إلى استمرار إغلاق الحدود وغياب المحاورين، بدأ صبر هؤلاء العالقين ينفد، وذلك بسبب طول المدة بالخارج التي تجاوزت شهرا.
وحسب البيان الذي صاغه العالقون، فإنه رغم «الدعم الذي قامت به بعض المصالح القنصلية مشكورة، فإنها لم تستطع أن تشمل بهذا الدعم كل العالقين لأسباب متعددة، وبالتالي فان عددا كبيرا منهم معرض لتشرد والضياع»، يقول أصحاب البيان.
وينبه هؤلاء في بيانهم إلى أن موارد بعضهم بدأت تنفد، كما أن بعضهم أصبحت عائلاتهم بالمغرب معرضة لمشاكل اجتماعية ومادية بسبب طول الغياب.

الغبن والتخلي

عاتب العالقون الحكومة المغربية ووزارة الخارجية على عدم التواصل معهم، وهذا ما «يزيدهم إحباطا وإحساسا بالغبن، وبتخلي الوطن عنهم، خصوصا مع توالي ترحيل دول العالم لمواطنيها».
لقد تمكن هؤلاء العالقين من القدرة على التحمل بفضل التضامن الذي قدمته العديد من جمعيات الجالية المغربية بالخارج بعدد من البلدان، وكذلك تحرك بعض السفارات والقنصليات في العديد منها، لإيجاد حل لبعض الحالات، سواء فيما يخص السكن أو توفير حاجيات العيش اليومي، حسب الحالات.
ويتساءل العالقون لماذا لا يتم ترحيلهم إلى المغرب ووضعهم في الحجز الصحي، كما قامت بذلك عدد من الدول عبر العالم. ويستدلون على ذلك بفرنسا التي، مع اندلاع الأزمة الصحية العالمية وإقفال المجال الجوي بعدد كبير من بلدان العالم، استرجعت خلال عشرة أيام 120 الف من مواطنيها، من بين 130 ألف من مواطنيها كانوا عالقين بالخارح، من أجل السياحة أو في رحلة مهنية، عبر 140 بلدا، من بينها المغرب الذي كان يحتضن حوالي 20 ألف فرنسي، رُحِّل منهم حتى 14 الف منهم تقريبا.


الكاتب : باريس: يوسف لهلالي

  

بتاريخ : 16/04/2020