المغاربة في مصر خلال القرن الثامن عشر  14 : عائلة جسوس عائلة يهودية أسلمت، وابنها عبدالرحمان كان من أكبر علماء الأزهر

 “المغاربة في مصر خلال القرن الثامن عشر» ،كتاب يتناول دراسة العائلات المغربية في مصر خلال هذه الفترة، وذلك من خلال إبراز دراسة هذه العائلات كخلية اجتماعية اقتصادية متحركة.
هذه الدراسة  سلطت الضوء على عائلات النخبة التجارية المغربية ودورها في الاقتصاد المصري إبان تلك الفترة التاريخية، و كذلك تطرقت إلى المدى الجغرافي الذي اتخذته معاملاتهم بمختلف أنواعها، والرخاء الاقتصادي الذي تمتعوا به.
 الكتاب أصدرته مكتبة الإسكندرية سنة 2015، وهو كما يقول مديرها الدكتور إسماعيل سراج الدين،  ترجمة للعلاقات بين مصر والمغرب العربي، التي هي من الصفحات المشرقة في تاريح الأمم، وأوضح الدكتور إسماعيل سراج الدين ، أن هذا التاريخ الممتد من العلاقات إلى العصور القديمة،  كان من نتيجتها ،العديد من الأسفار والرحلات من بلاد المغرب إلى مصر ومن مصر إلى المغرب، بل يكشف مدير مكتبة الإسكندرية، أن الروح المغربية موجودة في مدينة الإسكندرية في أوليائها الصالحين وأسماء أحيائها وشوارعها، بل امتد الوجود المغربي إلى مدن أخرى، وفي القاهرة عد ابن طولون مركزا للمغاربة، وما زلنا إلى اليوم نرى في هذا الحي أثرا في بقايا العائلات المغربية القاطنة .
كتاب «المغاربة في مصر خلال القرن الثامن عشر «،هو دراسة للمؤرخ الدكتور حسام محمد  عبدالمعطي، أنجزها بمناسبة اختيار المملكة المغربية ضيف شرف معرض مكتب الإسكندرية  الدولي للكتاب سنة 2012. ولأهمية هذه الكتاب/الدراسة، نسلط الضوء على ما جاءت به هذه الدراسة من معطيات التي استندت في إنجازها إلى  العديد من الوثائق التي تبرز حياة ودور المغاربة في مصر،  في العديد من المجالات خلال القرن الثامن عشر .

 

من بين العائلات المغربية التي استقرت في مصر خلال القرن الثامن عشر ،هناك عائلة جسوس، التي هي عائلة فاسية تعود أصولها إلى العائلات اليهودية التي اعتنقت الإسلام في فاس في القرن الخامس عشر الميلادي.
ويكشف الدكتور حسام محمد عبدالمعطي ،أن عائلة جسوس كانت من العائلات التي تعرضت لضغوط شديدة من قبل مولاي إسماعيل وأولاده في المغرب.
الدور الذي لعبته عائلة جسوس كان دورا مزدوجا في الحياتين الاقتصادية والعلمية في فاس وفي مصر، مثلها مثل عائلتي بناني والسقاط.
تكشف الوثائق التي استشهد بها الدكتور حسام محمد عبدالمعطي في تأليف كتابه «المغاربة في مصر خلال القرن الثامن عشر «،أن أول من جاء إلى مصر من آل جسوس، كان الخواجا أحمد بن عبدالخالق بن أحمد جسوس حوالي 1712م مع ولدي ابنته فاطمة وهما عربي ومحمد ابني الطيب بن مسعود بن أحمد جسوس،حيث يرى أنه منذ مجيئه إلى مصر، توطدت العلاقة بينه وبين آل الشرايبي،ويكشف المؤلف، أنه منذ الوصول إلى مصر، حرص آل جسوس على مد نشاطهم التجاري ليشمل جدة ،حيث كان الخواجا أحمد يسافر إلى الحجاز سنويا في صحبة قافلة الحج للتعاقد على شراء البن والأقمشة الهندية، ويضيف الكتاب، أن الأخ الأصغر لعربي استقر في جدة وكون مع أخيه شركة مناصفة، حيث بمقتضى ذلك، كان محمد يرسل لأخيه البن والتوابل والسلع الهندية الأخرى، كما دخل الجد مع حفيديه في صفقات وشركات عديدة، وكان الخواجا أحمد يتردد بصورة دورية بين جدة والقاهرة، إلى أن توفي سنة 1735بجدة.
ويوضح الدكتور حسام محمد عبد المعطي أن التركة التي خلفها الخواجا أحمد، توضح مدى الدور الكبير الذي كان يقوم به في تجارة البحر الأحمر، وانسجامه السريع في حركة التجارة المصرية، والذي يعود في جزء كبير منه إلى النشاط الذي تميز به الفاسيون، وعدم وجود الحواجز والفواصل الجنسية في مصر.
لم يقتصر أحمد بن عبدالخالق جسوس على مشاركة التجار الفاسيين، بل نجده يشارك عائلة الغرباني الطرابلسية في العديد من الشركات، زيادة على تواجد جالية مغربية قوية، مما ساعده وساعد غيره من المغاربة على التأقلم ،وحين توفي الخواجا أحمد، ترك ثروة كبيرة ومجموعة من العقارات الموزعة في أهم أحياء القاهرة،كما ترك محمد تركة كبيرة،وترك خمسة أولاد من زوجته رقية بنت أبي جيدة القباج وهم ،قاسم، عبدالرحمان، عبدالقادر، علي ونفيسة، وقد أصبح عبزالرحمان من كبار علماء الأزهر، حيث دفعته اتجاهاته كما جاء في هذا الكتاب، إلى الدراسة بالأزهر إلى أن ارتقى إلى مرتبة مدرس بالأزهر، ورغم ذلك كان شريكا لأخيه قاسم بحق الثلث.


الكاتب : إعداد  جلال كندالي

  

بتاريخ : 13/05/2021