المغاربة في مصر خلال القرن الثامن عشر  -39- المغاربة يفضلون الزواج من داخل طائفتهم حفاظا على الهوية

 “المغاربة في مصر خلال القرن الثامن عشر» ،كتاب يتناول دراسة العائلات المغربية في مصر خلال هذه الفترة، وذلك من خلال إبراز دراسة هذه العائلات كخلية اجتماعية اقتصادية متحركة.
هذه الدراسة  سلطت الضوء على عائلات النخبة التجارية المغربية ودورها في الاقتصاد المصري إبان تلك الفترة التاريخية، و كذلك تطرقت إلى المدى الجغرافي الذي اتخذته معاملاتهم بمختلف أنواعها، والرخاء الاقتصادي الذي تمتعوا به.
 الكتاب أصدرته مكتبة الإسكندرية سنة 2015، وهو كما يقول مديرها الدكتور إسماعيل سراج الدين،  ترجمة للعلاقات بين مصر والمغرب العربي، التي هي من الصفحات المشرقة في تاريح الأمم، وأوضح الدكتور إسماعيل سراج الدين ، أن هذا التاريخ الممتد من العلاقات إلى العصور القديمة،  كان من نتيجتها ،العديد من الأسفار والرحلات من بلاد المغرب إلى مصر ومن مصر إلى المغرب، بل يكشف مدير مكتبة الإسكندرية، أن الروح المغربية موجودة في مدينة الإسكندرية في أوليائها الصالحين وأسماء أحيائها وشوارعها، بل امتد الوجود المغربي إلى مدن أخرى، وفي القاهرة عد ابن طولون مركزا للمغاربة، وما زلنا إلى اليوم نرى في هذا الحي أثرا في بقايا العائلات المغربية القاطنة .
كتاب «المغاربة في مصر خلال القرن الثامن عشر، هو دراسة للمؤرخ الدكتور حسام محمد  عبدالمعطي، أنجزها بمناسبة اختيار المملكة المغربية ضيف شرف معرض مكتب الإسكندرية  الدولي للكتاب سنة 2012. ولأهمية هذه الكتاب/الدراسة، نسلط الضوء على ما جاءت به هذه الدراسة من معطيات التي استندت في إنجازها إلى  العديد من الوثائق التي تبرز حياة ودور المغاربة في مصر،  في العديد من المجالات خلال القرن الثامن عشر .

 

يكشف الدكتور  حسام محمد  عبدالمعطي في كتابه «المغاربة في مصر خلال القرن الثامن عشر ‘أن  عائلة الشرايبي  لم تكن هي العائلة المغربية الوحيدة التي تمتلك القصور الفخمة في الحي الأرستقراطي من العاصمة المصربة؛ بل كانت عائلات المنجور والبناني وغراب ومشيش وغيرها من العائلات التجارية الكبرى والتي يمكن أن يطلق عليهم الصفوة التجارية، تمتلك قصورا لا تقل فخامة عن آل الشرايبي. وعندما تحدث الجبرتي عن الحريق الكبير الذي التهم حي الأزبكية في سنة  1779،يقول الدكتور حسام محمد  عبدالمعطي،   ذكر أن أربعة من أعيان القاهرة قاموا بإعادة بناء قصورهم في مدة قصيرة حتى عادت أفضل مما كانت؛ وكان من هؤلاء الأربعة واحد من كبار الأمراء المماليك هو الأمير رضوان بك بلفيا واثنان من كبار التجار المغاربة وهما الخواجا أحمد بن عبد السلام مشيش شهبندر التجار والخواجا عمر بن عبد العزيز غراب ؛ وواحد من كبار التجار المصريين هو الخواجا محمود محرم شهبندر تجار مصر فيما بعد، كما أقام عدد كبير من التجار قصورا حقيقة لهم في منطقة الأزهر وغيره، فمثلا ،يقول المؤلف،  قام الخواجا عبد الرحمن بن عبد الخالق القباج الذي أصبح شيخا للغورية بإنشاء منزل ضخم في السبع قاعات؛ حيث اشترى أرض هذا المنزل من الأمير أحمد جوربجي اختيار الجراكسة ب 40,080 بارة وصرف عل إنشائه وعمارته بمبلغ كبير.
ويتطرق الكتاب أيضا إلى الزواج بين العائلات المغربية ،وربط الدكتور حسام محمد  عبدالمعطي الزواج وسط العائلات التجارية المغربية في مصر  بطبيعة البنية الاجتماعية والاقتصادية السائدة لدى العائلات المغربية؛ وقد سلطت الدراسة هاته الأضواء على دلالات الزواج من الناحية الاجتماعية والاقتصادية وهو ما يصطلح على تسميته بعبارة «حسب ونسب» وهو مأثور كان شائعا ولا يزال في كل المجتمعات العربية؛ ويستعمل بخاصة في عمليات الخطوبة والمراد منه الحديث عن رصيد المرأة المعنوي والعائلي ورصيدها المادي والاقتصادي.
هذا الترابط بين ما هو عائلي  من ناحية وبين ما هو اقتصادي من ناحية أخرى يقول الدكتور حسام محمد عبدالمعطي، هو الإشكالية التي أثر في العلاقات التصاهرية المغربية؛ وما هو أثر هذا الزواج على عمليات الحراك الاجتماعي لدى المغاربة.
ولشرح ذلك يقول المؤلف،إن  المجتمع  كان ينظر إلى الزواج على أنه قضية عائلية بالأساس؛ فكل زيجة كانت تمليها مكانة العائلة ومصالحها والمقاييس المعتمدة لاختيار شريك الحياة كانت مرتبطة بطبيعة البناء الاجتماعي والعائلي أكثر من أي اعتبار آخر،وككل الطوائف الوافدة إلى مصر عمل المغاربة على الزواج من داخل الطائفة بصورة كبيرة من أجل المحافظة على هويتهم وتميزهم الاجتماعي،وساعدهم عل ذلك كما يرى الباحث،  التركز السكاني المغربي في أحياء معينة بصورة كبيرة مثل
طولون والجودرية والأزهر والغورية.


الكاتب : إعداد:  جلال كندالي

  

بتاريخ : 14/06/2021