المغاربة في مصر خلال القرن الثامن عشر  37 : الطائفة المغربية تختار شيخها بالتراضي دون تدخل السلطات الحاكمة

 “المغاربة في مصر خلال القرن الثامن عشر» ،كتاب يتناول دراسة العائلات المغربية في مصر خلال هذه الفترة، وذلك من خلال إبراز دراسة هذه العائلات كخلية اجتماعية اقتصادية متحركة.
هذه الدراسة  سلطت الضوء على عائلات النخبة التجارية المغربية ودورها في الاقتصاد المصري إبان تلك الفترة التاريخية، و كذلك تطرقت إلى المدى الجغرافي الذي اتخذته معاملاتهم بمختلف أنواعها، والرخاء الاقتصادي الذي تمتعوا به.
 الكتاب أصدرته مكتبة الإسكندرية سنة 2015، وهو كما يقول مديرها الدكتور إسماعيل سراج الدين،  ترجمة للعلاقات بين مصر والمغرب العربي، التي هي من الصفحات المشرقة في تاريح الأمم، وأوضح الدكتور إسماعيل سراج الدين ، أن هذا التاريخ الممتد من العلاقات إلى العصور القديمة،  كان من نتيجتها ،العديد من الأسفار والرحلات من بلاد المغرب إلى مصر ومن مصر إلى المغرب، بل يكشف مدير مكتبة الإسكندرية، أن الروح المغربية موجودة في مدينة الإسكندرية في أوليائها الصالحين وأسماء أحيائها وشوارعها، بل امتد الوجود المغربي إلى مدن أخرى، وفي القاهرة عد ابن طولون مركزا للمغاربة، وما زلنا إلى اليوم نرى في هذا الحي أثرا في بقايا العائلات المغربية القاطنة .
كتاب «المغاربة في مصر خلال القرن الثامن عشر، هو دراسة للمؤرخ الدكتور حسام محمد  عبدالمعطي، أنجزها بمناسبة اختيار المملكة المغربية ضيف شرف معرض مكتب الإسكندرية  الدولي للكتاب سنة 2012. ولأهمية هذه الكتاب/الدراسة، نسلط الضوء على ما جاءت به هذه الدراسة من معطيات التي استندت في إنجازها إلى  العديد من الوثائق التي تبرز حياة ودور المغاربة في مصر،  في العديد من المجالات خلال القرن الثامن عشر .

 

يكشف كتاب المغاربة في مصر خلال القرن الثامن عشر، أن  الوجود المراكشي في طولون كان قليلاً. غير أنه في ظل عدم وجود طائفة للمراكشيين ،فقد كانوا يقعون تحت نفوذ شيخ طولون،وكانت تربطه بهم علاقات قوية.
ولم يشكل المراكشيون كما يرى المؤلف،  جماعة منتظمة التكوين إلا خلال القرن الثامن عشر،فعلى الرغم من الوجود المغربي الكثيف في الغورية فلم يستطع المغاربة تكوين طائفة بهذا الحي التجاري العريق؛ حيث كانت الغورية تحفل بعدد كبير من التجار المصريين والشوام والأتراك، لكن مع تزايد هجرة الفاسيين إلى مصر واستقرارهم في الفحامين وانتقال عدد كبير من أغنياء التجار التونسيين في طولون إلى الفحامين أيضا،أصبح للمغاربة طائفة تجارية مهمة منذ الربع الأخير من القرن الثامن عشر في الفحامين، وكان شيخ مغاربة الفحامين شيخا لسوق تجاري أكثر منه شيخا لطائفة؛ فكانت الوثائق تنعته بشيخ التجار المغاربةبالفحامين، وكان شيخ التجار المغاربة في الفحامين كما ترى الدراسة،  غالبا من التجار الفاسيين؛ حيث كان لهم الوجود الأقوى والأهم بين الطائفة المغربية في هذه المنطقة.
اختيار شيخ الطائفة يقول الباحث،  كان بالتراضي والاتفاق بين أفراد الطائفة أنفسهم ولم تكن السلطات الحاكمة تتدخل في هذا الاختيار،إلا لإقرار ما اتفق عليه بين أبناء الطائفة.
ويرى الكتاب، أن بعض العائلات توارثت هذا المنصب طالما كان لدى العائلة ابن قوي الشخصية يحل محل والده أو أخ قوي الشخصية يحل محل أخيه؛ ولم يكن شيخ الطائفة يتقاضى رواتب ثابتة؛ إلا أنه كان يستفيد بخلاف الوجاهة الاجتماعية؛ من خلال نظارته على مجموعة الأوقاف الخيرية للمغاربة في طولون ، وقد حرص مشايخ الطائفة وخاصة مشايخ طولون عل إنشاء الأوقاف والظهور بمظهر الخيرين على فقراء المغاربة
فأسهموا في إنشاء الكتاتيب، ورغم هذا الثراء العريض الذي حققه التجار المغارية، فلم يشكل المغاربة أقلية ثرية مختلفة عن باقي عناصر المجتمع المصري؛ بل عرفت الطائفة المغربية يقول المؤلف،  تفاوتا  اجتماعيا ملحوظا ،ففي الوقت الذي كان آل الشرايبي على قمة الهرم
الاجتماعي المصري، كان عدد ليس بالقليل من المغاربة من المتسولين يجمعون الصدقات
من الطرقات،وقد أنشاً التجار المغاربة زوايا للفقراء من بني وطنهم أو حتى من غيرهم
لتقديم الطعام، وأوصى عدد كبير منهم بشراء كميات كبيرة من القمح وتوزيعها على الفقراء؛ فمثلا  أوصى الخواجا مسعود بن مقلب الفاسي بشراء كمية كبيرة  من القمح  توزع عل الفقراء.


الكاتب : إعداد:  جلال كندالي

  

بتاريخ : 11/06/2021