“المغاربة في مصر خلال القرن الثامن عشر» ،كتاب يتناول دراسة العائلات المغربية في مصر خلال هذه الفترة، وذلك من خلال إبراز دراسة هذه العائلات كخلية اجتماعية اقتصادية متحركة.
هذه الدراسة سلطت الضوء على عائلات النخبة التجارية المغربية ودورها في الاقتصاد المصري إبان تلك الفترة التاريخية، و كذلك تطرقت إلى المدى الجغرافي الذي اتخذته معاملاتهم بمختلف أنواعها، والرخاء الاقتصادي الذي تمتعوا به.
الكتاب أصدرته مكتبة الإسكندرية سنة 2015، وهو كما يقول مديرها الدكتور إسماعيل سراج الدين، ترجمة للعلاقات بين مصر والمغرب العربي، التي هي من الصفحات المشرقة في تاريح الأمم، وأوضح الدكتور إسماعيل سراج الدين ، أن هذا التاريخ الممتد من العلاقات إلى العصور القديمة، كان من نتيجتها ،العديد من الأسفار والرحلات من بلاد المغرب إلى مصر ومن مصر إلى المغرب، بل يكشف مدير مكتبة الإسكندرية، أن الروح المغربية موجودة في مدينة الإسكندرية في أوليائها الصالحين وأسماء أحيائها وشوارعها، بل امتد الوجود المغربي إلى مدن أخرى، وفي القاهرة عد ابن طولون مركزا للمغاربة، وما زلنا إلى اليوم نرى في هذا الحي أثرا في بقايا العائلات المغربية القاطنة .
كتاب «المغاربة في مصر خلال القرن الثامن عشر «،هو دراسة للمؤرخ الدكتور حسام محمد عبدالمعطي، أنجزها بمناسبة اختيار المملكة المغربية ضيف شرف معرض مكتب الإسكندرية الدولي للكتاب سنة 2012. ولأهمية هذه الكتاب/الدراسة، نسلط الضوء على ما جاءت به هذه الدراسة من معطيات التي استندت في إنجازها إلى العديد من الوثائق التي تبرز حياة ودور المغاربة في مصر، في العديد من المجالات خلال القرن الثامن عشر .
توضح ترجمات الجبرتي أن عائلة البناني كانت ذات دور مزدوج في الحياتين العلمية والاقتصادية، وكما جاء في كتاب «المغاربة في مصر خلال القرن الثامن عشر «لمؤلفه الدكتور حسام محمد عبدالمعطي ،فإن أول من هاحر من آل البناني إلى مصر هو الحاج العربي بن محمد البناني وابن عمه عبدالقادر بن عبدالقادر البناني حوالي سنة 1712م.
ومن مميزات هذه العائلة يقول الكتاب/الدراسة، أن أفرادها اعتمدوا على قدراتهم أكثر من اعتمادهم على الفاسيين المتواجدين في القاهرة، حيث لم يقطنوا في الغورية الذي هو المعقل الرئيسي للفاسيين، بل سكنوا في منطقة الأزهر، كما قاموا بشراء مجموعة كبيرة من الحوانيت في سوق الجملون.
وقد اشتغل أفراد هذه العائلة في التجارة وأنشأوا شركة تجارية، ورغم وصولهم إلى القاهرة، فقد ظلوا يحتفظون بعلاقات تجارية قوية مع مدن الذهب، وكان الحاج عربي بن أحمد بن الطيب البناني يتردد بصفة منتظمة بين القاهرة وتمبكتو، حيث يقول المؤلف، كون شركة مع عمه الحاج محمد بن الطيب البناني لجلب تراب الذهب وترويج وبيع المنسوجات المصرية والهندية في تمبكتو، التي توفي فيها سنة 1761م.
دور آل بناني تجاوز ماهو معهود ومألوف لدى العديد من العائلات المغربية التي هاجرت إلى مصر، بل نجد أنها لعبت دورا مهما في التجارة الدولية عبر البحر الأحمر.
تقول الوثائق إن آل البناني قد تولى عدد منهم مناصب تجارية مهما، ويذكر المؤلف في هذا الباب، أن الخواجا عبد رب النبي بن الطيب البناني، تقلد منصب شيخ التجار في الفترة من 1789م إلى 1792م وهو عام وفاته، وقد أصبح خلال هذه الفترة واحدا من أهم تجار القاهرة، وكدليل على ثروته الضخمة، نجد أنه كان لديه وكلاء وشركاء في كل من تونس وصفاقس واسطنبول وتمبكتو ومخا وجدة،كما كان له وكلاء في طنطا ودمنهور وشبين الكوم والمنصورة والاسكندرية، وكان يمتلك قصرين كبيرين في حي الأزبكية ذي الطابع الأرستقراطي بالقاهرة .
يرى الدكتور حسام محمد عبدالمعطي،أن المغاربة استطاعوا عن طريق الدخول في التجارة البعيدة الدولية عبر مصر تكوين ثروات كبيرة وأن يتحولوا إلى رسماليين كبار في المجتمع المصري، حيث هاجروا بصفتهم تجارا صغارا، لكن ذكاءهم وحبهم للمغامرة التي تمتعوا بها، كون الكثير منهم الثروات وأصبحوا من كبار الرأسماليين في مصرويرى الدكتور حسام محمد عبدالمعطي ،أن العائلات المغربية المشتعلة بالتجارة لم تكن تستمر طويلا في العمل التجاري، فربما يقول استمرت جيلا أو جايين أو ثلاثة أجيال أو حنى أربعة أجيال، ثم كانت تهجر التجارة لتحتل مواقع أقل تعرضا للمغامرة وأكثر اتساما بالتشريف،فكانت تشتري منصبا إداريا في أجهزة الأوقاف وفي الفرق العسكرية وتحوز بعض الالتزامات الزراعية، كما تزيد من أملاكها العقارية وتشيد مزيدا من المنشآت العقارية التي تدر دخلا ثابثا كالوكالات والحمامات وأفران الخبز….