حصل على 57/100 في مؤشر السرية المصرفية و45/100 في مكافحة تبييض الأموال
احتل المغرب المرتبة 63 عالميا من بين 141 دولة في مؤشر السرية المالية لسنة 2025، الصادر عن منظمة «تاكس جاستيس نيتوورك»، بدرجة سرية بلغت 69 على 100، ما يعكس توازنا بين التقدم المحقق في بعض الجوانب والاختلالات التي لا تزال قائمة في أخرى. ويقيس هذا المؤشر درجة السرية في النظم المالية للدول، ومدى مساهمتها في تسهيل أو محاربة التهرب الضريبي وتبييض الأموال، بناء على أربعة محاور رئيسية: شفافية الملكية، الإفصاح عن البيانات، نزاهة التشريعات، والتعاون الدولي.
بالنظر إلى ترتيب المغرب، يمكن القول إنه لا يصنف ضمن الدول الأكثر انخراطا في شبكات السرية المالية، كما أنه لا يعد من بين الأكثر شفافية. فالحصول على معدل 69 من أصل 100 يضعه في المنطقة الرمادية، حيث تظهر جهود ملموسة، لكنها تظل غير كافية مقارنة بالمعايير الدولية المتقدمة. من بين النقاط الإيجابية التي رصدها التقرير، مشاركة المغرب في نظام التبادل التلقائي للمعلومات الضريبية المعتمد من طرف منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، وهو ما يعكس التزاما مبدئيا بالتعاون الدولي في مواجهة التهرب الضريبي العابر للحدود.
في المقابل، يسلط التقرير الضوء على بعض الثغرات، منها ضعف الإلزام القانوني بالإفصاح عن المستفيدين الفعليين من الشركات، وغياب قاعدة بيانات مركزية مفتوحة تتيح تعقب ملكية الأصول. كما أن مؤشر السرية المصرفية، الذي سجل فيه المغرب 57 من أصل 100، يشير إلى وجود هامش مهم لتحسين الشفافية في التعاملات البنكية، سواء من خلال إلزام المؤسسات المالية بجمع معلومات أكثر تفصيلا عن الزبناء، أو من خلال تسهيل ولوج السلطات المختصة إلى هذه المعلومات عند الحاجة.
على صعيد مكافحة تبييض الأموال، أحرز المغرب نتيجة 45 على 100، وهي نتيجة تضعه في مرتبة وسطى، وتعكس وجود إطار قانوني قائم لكنه يحتاج إلى تعزيز أكثر من حيث التنفيذ والرقابة. ويلاحظ التقرير أن بعض الفئات، مثل المهنيين في المحاسبة والخدمات القانونية، ما تزال تفتقر إلى المراقبة الكافية، رغم دورها المحوري في تسهيل أو تعطيل العمليات غير المشروعة.
من جهة أخرى، أشار التقرير إلى أن المغرب لا يتوفر على برنامج للإقامة أو الجنسية مقابل الاستثمار، ما منحه علامة صفر على 100 في مؤشر «الفيزا الذهبية»، لكن غياب هذا النوع من البرامج لا يعد بالضرورة مؤشرا سلبيا، بل يعفي البلاد من مخاطر معروفة في هذا المجال تتعلق بإساءة استخدام الإقامات لأغراض مالية مشبوهة.
التقرير أشار أيضا إلى أن المغرب لا يعد فاعلا أساسيا في السوق العالمية للخدمات المالية الخارجية، إذ لا يمثل سوى 0,02% من هذا السوق، وهو ما يقلل من تأثيره النسبي على المستوى العالمي، لكنه لا يعفي من أهمية تعزيز آليات الشفافية داخليا، خاصة في سياق الإصلاحات التي يشهدها النظام المالي المغربي خلال السنوات الأخيرة.
ويظهر التصنيف الجديد أن المغرب لا يزال في طور بناء منظومة مالية أكثر شفافية، وقد قطع خطوات في هذا الاتجاه، لكنه بحاجة إلى تطوير أدواته القانونية والرقابية، وزيادة التنسيق بين المؤسسات، وتوسيع نطاق الفئات الخاضعة للمراقبة، حتى يتمكن من تحسين ترتيبه في هذا النوع من المؤشرات التي باتت تحظى باهتمام متزايد من طرف المستثمرين والمؤسسات الدولية.