المغرب يعطي الضوء الأخضر لاستيراد الغاز الطبيعي المسال عبر إسبانيا

عقب عودة المياه إلى مجاريها بالنسبة للعلاقات الدبلوماسية والمباشرة بين الحليفين الإقليميين المغرب وإسبانيا، برزت مؤخرا أخبار تؤكد عزم المملكة المغربية استيراد الغاز الطبيعي المسال (GNL) عبر إسبانيا، من خلال اتفاقية تجارية مع الحكومة الإسبانية (وقعت في مارس الماضي)، وعبر خط أنبوب الغاز المغاربي-الأوروبي (GME) لاستيراد هذا المورد الطاقي المهم للمملكة، على أن تستمر هذه العملية طيلة شهر رمضان، بحسب مقال للصحفي الإسباني «خورخي أورتيز».
ويهدف هذا الاتفاق، المطروح على طاولة النقاش منذ فترة لا بأس بها، إلى العمل على توطيد العلاقات الدبلوماسية خاصة بين البلدين، والروابط التاريخية وحسن الجوار التي تجمعهما على العموم، إذ علقت «وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة»ليلى بنعلي على الاتفاق بالقول : «لقد استجابت إسبانيا، من جهتها، بشكل إيجابي لطلب المغرب للحصول على الدعم الكافي لضمان أمنه الطاقي. وبالتالي، سيتمكن المغرب، من جهته وبكل شفافية ممكنة، من شراء الغاز الطبيعي المسال من لدن الأسواق الدولية، ثم تحويله في محطة لـ»إعادة التغويز» في إسبانيا، ونقله إلى أراضيه عبر خط أنبوب الغاز المغاربي-الأوروبي (GME)».
بالإضافة إلى ما سبق، سيكون من آثار هذا الاتفاق، تنشيط شطر خط أنبوب الغاز المغاربي – الأوروبي من المغرب، إذ وللتذكير، قامت الجزائر بالإغلاق النهائي للجزء الخاص بها من هذا الخط، نتيجة لقطع العلاقات الدبلوماسية بينها وبين المغرب في 31 من أكتوبر من السنة الماضية، ما اضطر المغرب إلى التوقف عن الاعتماد على الغاز الجزائري، هذا بخلاف إسبانيا التي استمرت في الاستفادة منه عبر شحنه إليها في سفن مخصصة لذلك.
وينبع هذا التحول الجديد في العلاقات المباشرة بين البلدين، من رد إسبانيا التاريخي واعترافها المسجل رسميا بسيادة المملكة المغربية على أراضيها الصحراوية، ما أدى (أي الاعتراف) إلى إنهاء الأزمة الدبلوماسية بين البلدين، حيث يأتي هذا القرار بعد 47 سنة من الصمت الإسباني في ما يخص موقفها من هذا الصراع، إذ أحاط «بيدرو سانشيز» رئيس الحكومة الإسبانية علما بأن مقترح المملكة المغربية ليس إلا «الأساس الأكثر جدية وواقعية ومصداقية لحل النزاع «.
مما لا شك فيه، فإن تغيير إسبانيا لموقفها ووجهة نظرها حول قضية الصحراء، بما يصب بطبيعة الحال لصالح مقترح الحكم الذاتي المغربي، لن يؤدي سوى لتحسين العلاقات الدبلوماسية خاصة بين البلدين، على غرار ما أعلنت عنه الحكومة الإسبانية مؤخرا، من زيارة مرتقبة ل»بيدرو سانشيز» صوب المغرب، بدعوة من الملك محمد السادس بغية لقائه، و تماشيا مع ما صرح به رئيس الحكومة الإسبانية مسبقا بالقول : «إن المغرب يسعى للاعتماد على الإطار الأممي من أجل التوصل لحل مقبول يخص المنطقة».
ينضاف إلى الوضع الطاقي الحالي، العواقب القريبة وبعيدة المدى للغزو الروسي لأوكرانيا، فسيؤدي الحصار الدولي للمنطقة والتدابير المختلفة المتخذة لوضع حد لطموحات بوتين التوسعية، إلى إرتفاع قوي ومحسوس جدا في أسعار المواد الهيدروكربونية، نتيجة لكون روسيا واحدة من الدول الرائدة في العالم في ما يخص إنتاج وتصدير الغاز والنفط، وهذه المواد الطاقية بالذات تستجيب بحساسية كبيرة لكل التقلبات في أسواق تداولها المحلية والدولية، مما سيكون له أثر مباشر على زيادة أو تصاعد أسعارها بشكل صاروخي في تلك الأسواق، وما سيعرض الموراد الأساسية لبلدان العالم (لاسيما المستهلكة غير المنتجة لها) لخطر إقتصادي كبير.
في نفس السياق، أعلنت العديد من دول العالم بالفعل، أنها ستتوقف عن الاعتماد على الواردات الروسية من النفط والغاز وباقي الموارد الطاقية، غير أنها ستحتاج وفيما لا يترك مكانا للشك، للبحث عن حلول ثانوية للتزود ولتوفير حاجيات ساكنتها من الطاقة. من جهتها، وفي هذا السياق، سيلعب المغرب دورا محوريا في تزويد إسبانيا وتلقيها لحصتها من الغاز الطبيعي المسال، وذلك من أجل تحويل اعتمادها على الغاز الروسي إلى موردين جدد ولخفض أسعاره أيضا، التي لم تصل لهذا الحد الجنوني من ذي قبل.
في الختام، فإن هذا التغيير في التوجهات والمواقف الإسبانية، قد أزعج قادة وحكومة الجزائر، باعتبارها الطرف الرئيسي في الصراع الدبلوماسي مع المملكة المغربية، بالرغم من تأكيد الحكومة الإسبانية على رغبتها وحفاظها على علاقات جيدة مع الجزائر، باعتبارها «شريكا موثوقا به لإسبانيا»، على لسان نائبة رئيس الحكومة الإسبانية…


الكاتب : المهدي المقدمي

  

بتاريخ : 07/04/2022