يأمل المنتخب الوطني المغربي حسم أول بطاقة إفريقية مؤهلة لكأس العالم 2026 في كرة القدم، عندما يستضيف النيجر يومه الجمعة، بداية من الثامنة ليلا، في افتتاح ملعب الأمير مولاي عبد الله الجديد في الرباط.
فبعد توقف ستة أشهر، تعود عجلة التصفيات الإفريقية للدوران مع تأهل أبطال المجموعات التسع مباشرة إلى النهائيات المقررة في الولايات المتحدة وكندا والمكسيك وخوض أفضل أربعة منتخبات تحتل المركز الثاني ملحقا مؤهلا. وفي حال فوز “أسود الأطلس” وتعثر تنزانيا في أرض الكونغو ضمن المجموعة الخامسة، سيضمنون المشاركة للمرة الثالثة تواليا والسابعة في تاريخهم. وفي حالة فوز تنزانيا والفريق الوطني، سيكون مصير الأخير بين يديه عندما يحل الأسبوع المقبل ضيفا على زامبيا، حيث سيكون بحاجة إلى نقطة ليضمن المشاركة في الحدث الموسع إلى 48 منتخبا.
ويتصدر أبناء المدرب وليد الركراكي المجموعة بـ15 نقطة كاملة، بفارق ست عن تنزانيا في مجموعة انسحبت منها إريتريا قبل انطلاق منافساتها. أما الكونغو الموقوفة في آخر مبارتين بسبب تدخل حكومي، فلا تملك أية نقطة من خمس مباريات.
ويمتلك الفريق كتيبة مدججة بالنجوم والمواهب التي تمارس على أعلى مستوى، يتقدمهم العميد، أشرف حكيمي، المرشح لنيل الكرة الذهبية، إلى جانب إلياس بن الصغير وبلال الخنوس المنتقلين حديثا إلى الدوري الألماني، وأمين عدلي، الذي غير وجهته صوب الدوري الإنجليزي، ونايف أكرد الذي عاد إلى الدوري الفرنسي من بوابة مرسيليا، وكذا أوناحي الذي التحق بالدوري الإسباني، شأنه شأن سفيان أمرابط، الذي فاجأ الجميع بالانتقال إلى بيتيس، والوافد الجديد نائل العيناوي، لاعب روما، الذي حسم تردده باختيار القميص المغربي. ولعل هذه الحركية الكبيرة للاعبين المغاربة كانت بهدف تأمين مكان داخل الفريق الوطني، من خلال انتزاع مكان رسمي ولعب أكبر عدد من المباريات، قبل انطلاق مونديال 2026.
وقال أشرف حكيمي في تصريحات صحافية “حلمي الآن أن أحرز لقبا مع المغرب: كأس العالم أو كأس أمم إفريقيا”. وسيكون الفريق الوطني اليوم أمام مواجهة قوية مع منتخب النيجر، الذي كان ندا قويا في شهر مارس، ولم ينهزم إلا بصعوبة، تحت قيادة مدرب يعرف جيدا خبايا كرة القدم، بل إنه على معرفة كبيرة بأجواء المنتخب الوطني، الذي سبق له أن قاده إلى نهائي أمم إفريقيا 2004 بتونس، إنه الإطار الوطني بادو الزاكي. وقال الركراكي عن مواجهة مدربه السابق الزاكي، علما أنهما تواجها في مباراة الذهاب، التي بوجدة بهدفين مقابل هدف واحد، لصالح المجموعة الوطنية، في الوقت البدل عن ضائع “حلم جميل أن أكون رفقة مدربي الأول الزاكي كطرفين في افتتاح ملعب المجمع الرياضي الأمير مولاي عبد الله.. الجماهير المغربية تتوق لمشاهدة هذه التحفة، وهذه لحظة تاريخية في مشواري التدريبي”.
ويعد المركب الرياضي الأمير مولاي عبد الله في حلته الجديدة واحدا من أبرز المشاريع الرياضية التي أنجزت في السنوات الأخيرة بالمغرب وإفريقيا على حد سواء. فقد جرى تشييده من الصفر على أنقاض الملعب القديم، واستغرقت الأشغال ما يقارب سنتين من العمل المتواصل بمشاركة مئات المهندسين والتقنيين والعمال، ليخرج في صورة معمارية عصرية تحاكي كبريات الملاعب العالمية. وتبلغ طاقته الاستيعابية 68 ألف متفرج، جرى توزيعهم على مدرجات مغطاة بالكامل بسقف معدني خفيف يوفر الرؤية المثلى من مختلف الزوايا ويحمي الجماهير من تقلبات الطقس، في الوقت الذي روعي فيه البعد الجمالي من خلال تصميم واجهات بانورامية مضاءة بأنظمة “LED” حديثة. أما أرضية الملعب فقد اختير لها عشب طبيعي هجين من الجيل الجديد، يتمتع بمرونة عالية ومقاومة قوية للاستخدام المكثف، مدعوم بنظام صرف وري أوتوماتيكي يضمن جاهزية البساط الأخضر طيلة الموسم. كما يتوفر المركب على أربع شاشات عملاقة فائقة الدقة تتيح متابعة أدق تفاصيل المباريات، مع نظام صوتي محيطي عالي الجودة يوزع الأصداء بشكل متوازن في كافة أرجاء المدرجات.
ولم تقتصر الأشغال على الملعب الرئيسي فقط، بل شملت أيضا تجهيز مرافق موازية بمواصفات عالمية، من بينها قاعات حديثة للياقة البدنية والتأهيل البدني، وغرف خاصة بالفيديو لتحليل الأداء، ومركز طبي متكامل مجهز بأحدث الوسائل التشخيصية والإسعافية. وفي جانب آخر، تم إحداث فضاءات مهيأة للصحافة والإعلام تتسع لما يقارب 300 مقعد، مع منصة للبث المباشر وقاعات للندوات والمؤتمرات، بما يجعل الملعب فضاء مثاليا لتغطية كبريات الأحداث الرياضية. كما تمت مراعاة معايير الاستدامة من خلال اعتماد أنظمة إضاءة موفرة للطاقة، ومرافق صديقة للبيئة، إضافة إلى مساحات خضراء محيطة بالمركب تعزز الطابع الجمالي والإيكولوجي للمكان.
بهذه المواصفات التقنية والهندسية، يرتقي ملعب الأمير مولاي عبد الله إلى مصاف التحف الرياضية الكبرى، ويشكل إضافة نوعية للبنيات التحتية الرياضية بالمغرب، فضلا عن كونه ورقة قوية في ملف المملكة لاحتضان التظاهرات القارية والدولية المقبلة، وفي مقدمتها نهائيات كأس إفريقيا للأمم وكأس العالم للأندية.
وتحضر الجامعة لافتتاح باهر لهذه المعلمة الرياضية، وسيكون الجمهور أمام فرصة مواتية للوقوف على عبقرية الكفاء المغربية. وللإشارة فإن هذه المواجهة ستجري بشبابيك مغلقة، بعد نفاذ التذاكر قبل يومين فقط من طرحها للبيع.