المكتبة المدرسية مشتل لإعداد جيل مبدع ومحب للإطلاع 

تعتبر المكتبة المدرسية صمام العملية التعليمية وجزءا لايتحزأ من العملية التعليمية التربوية ومن المنهج التعليمي والدراسي على اختلاف مراحله. كما تعتبر المكتبة المدرسية القلب النابض في كل مؤسسة تربوية وفضاء للإطلاع والبحث والمراجعة والقراءة. فبدون القراءة الواسعة، لا يتحقق سوى تعليم هزيل لا يرقى إلى ما ننشده.  وللمكتبة المدرسية دور مهم في تعويد تلامذتنا على القراءة والمطالعة بشكل حر وزيادة الحصيلة المعرفية لديهم بما يعود بشكل إيجابي على العملية التعليمية نفسها وعلى التلاميذ والتلميذات وتمكينهم من ملكة التحليل والحوار والنقاش بعيدا عن الحفظ والتلقين.
إن المكتبة المدرسية ليست مكانا لقضاء بعض أوقات الفراغ أوفضاء للتزود ببعض الكتب والمجلدات والمراجع والبحوث، وإنما هي فضاء يعمل على بناء شخصية التلاميذ وإكسابهم الثقة بالنفس ومهارة التعلم الذاتي.
ولتحقيق هذه الأهداف، يفترض أن يكون لدينا إيمان كامل بأهمية المكتبة المدرسية ودورها المتميز في العملية التعليمية وذلك عبر توفير العدة الديداكتيكية من ٱليات وحواسب..والاهتمام بمظهر المكتبة المدرسية وجعلها في رؤية بصرية تجذب التلاميذ وتحسين مظهرها وجعلها فضاء مريحا وجاذبا لهم، وتوفير قيمين مؤهلين ومختصين لتدبير شؤون المكتبات المدرسية..كما يتحتم على الجهات المسؤولة من أكاديميات ومديريات إقليمية وجمعيات الآباء إمداد المكتبة المدرسية بالكتب المعرفية الحديثة في مختلف العلوم والإصدارات، وتنظيم فعاليات أسبوعية بين التلاميذ لتشجيعهم على القراءة وتنظيم مسابقات ثقافية بين التلاميذ وتخصيص جوائز تقديرية للمتميزين وتكريمهم وتخصيص فقرات من كتاب لمؤلف مغربي يتم اختياره وأن تتم قراءة تلك الفقرات من طرف التلاميذ تطبيقا لما سبق، إضافة إلى تنظيم مسرحيات ولقاءات تواصلية مع مختلف الكفاءات في مجالات متنوعة. ولكي تقوم المكتبة المدرسية بدور رائد في العملية التعليمية ينبغي تعيين قيم تتوفر فيه مواصفات الكفاءة في التدبير والتسيير وقادر على إعادة الروح للمكتبة المدرسية وإخراجها من غرفة الإنعاش واعتماد النظام الإلكتروني المتكامل لإدارتها وفق أحدث المعايير لتمكين التلاميذ والتلميذات من إثراء معلوماتهم وإكسابهم خبرات متعددة في مجالات البحث العلمي . فكفانا من الحلول الترقيعية غير المجدية، فمن خلال دراسة مستفيضة قمت بها في موضوع واقع المكتبات المدرسية، تبين لي بأن عديدا من المؤسسات التعليمية ببلادنا تفتقر إلى مكتبات حقيقية، وأن وجد بعضها فهو مغلق كما هو الحال بمكتبة ذات البابين بثانوية الخوارزمي الفداء مرس السلطان بالبيضاء، التي لازالت مغلقة في وجه التلاميذ بسبب إحالة الساهرين عليها على التقاعد وعدم تعيين من سيخلفهم…ولاتزال تنتظر من يفرج عنها علما بأنها نالت جائزة أحسن مكتبة مدرسية بالمغرب في عهد الوزير السابق الدكتور عبدالله ساعف.
ولو افترضنا أننا رغبنا في محاكاة بعض الدول الأوروبية مثل هولندا في إنشاء مكتبات في الأحياء السكنية، لربما أصبح لدينا مكتبات كثيرة، ولأصبحت المكتبة جزءا من مكونات الأحياء عندنا وبالتالي جزءا من ثقافتنا، فإنشاء مكتبة الحي بالتعاون مع الجماعات المحلية المنتخبة، يعتبر مشروعا يهدف إلى ترسيخ قيمة القراءة والحث عليها بعد انتشار التكنولوجيا التي شغلت الجميع عن القراءة، كما أن تفكير الجماعات المحلية في إنشاء مكتبات بالأحياء السكنية يعتبر في نظري مشروعا وطنيا ومحليا، يرتشف منها الكل، وفق اهتمامه وتخصصه، كما يستفيد منها من لا تتوفر لديه الأمكنة للإطلاع والمراجعة.
وصفوة القول، علينا أن نغير النظرة التقليدية للمكتبة المدرسية وأن نعمل على إعادة الروح لها، لكن ذلك لا يقع على عاتق المدرسة وإدارتها فقط، وإنما هو عمل مشترك تساهم فيه وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة والأكاديميات الجهوية والمديريات الإقليمية ووزارة الثقافة وكذا جمعيات أمهات وٱباء وأولياء التلاميذ، لنجعل من المكتبة المدرسية النافذة الأولى لثقافة التلاميذ والتلميذات في مختلف العلوم والمجالات، وصورة لضمان استراتيجية تهدف إلى القراءة والكتابة واكتساب المعلومات والتنمية الثقافية والسوسيو اقتصادية.

(*)باحث تربوي


الكاتب : n خليل البخاري(*)

  

بتاريخ : 10/02/2022