المكتب السياسي ينعي الفقيد الكبير الدكتور عبد المجيد بوزوبع

وداعا‭ ‬أخانا‭ ‬عبد‭ ‬المجيد‭ ‬بوزوبع

 

بقلوب‭ ‬مكلومة‭ ‬وأفئدة‭ ‬يعتصرها‭ ‬الألم،‭ ‬مؤمنة‭ ‬بقضاء‭ ‬الله‭ ‬وقدره،‭ ‬ينعي‭ ‬المكتب‭ ‬السياسي‭ ‬للاتحاد‭ ‬الاشتراكي‭ ‬للقوات‭ ‬الشعبية،‭ ‬رحيل‭ ‬المناضل‭ ‬والقيادي‭ ‬الاتحادي‭ ‬الدكتور‭ ‬عبد‭ ‬المجيد‭ ‬بوزوبع،‭ ‬الذي‭ ‬لبى‭ ‬نداء‭ ‬ربه،‭ ‬أول‭ ‬أمس‭ ‬الاثنين‭.‬
إن‭ ‬الاتحاد،‭ ‬والحركة‭ ‬الاتحادية‭ ‬من‭ ‬ورائه‭ ‬والتقدمية‭ ‬النقابية،‭ ‬تفقد‭ ‬مناضلا‭ ‬وحدويا‭ ‬حين‭ ‬يقتنع،‭ ‬لطيفا‭ ‬وعمليا‭ ‬حين‭ ‬يختلف،‭ ‬اجتمعت‭ ‬فيه‭ ‬فضائل‭ ‬المناضلين‭ ‬الأقحاح،‭ ‬والمغاربة‭ ‬الأصلاء،‭ ‬والنقابيين‭ ‬المتجردين‭ ‬من‭ ‬الحسابات‭ ‬الشخصية‭ ‬والتفاني‭ ‬المهني،‭ ‬في‭ ‬أداء‭ ‬مهنة‭ ‬رعاية‭ ‬الروح‭.‬
الطبيب‭ ‬المتخصص‭ ‬في‭ ‬قراءة‭ ‬قلوب‭ ‬المرضى،‭ ‬كان‭ ‬يحسن‭ ‬أيضا‭ ‬قراءة‭ ‬الأوضاع‭ ‬السياسية‭ ‬والنقابية‭ ‬لبلاده،‭ ‬ويدرك‭ ‬أن‭ ‬الالتزام‭ ‬الصادق‭ ‬والانحياز‭ ‬المتعالي،‭ ‬خير‭ ‬دواء‭ ‬لأعطاب‭ ‬البلاد‭.‬
هكذا‭ ‬التحق‭ ‬بالحركة‭ ‬الطلابية،‭ ‬ثم‭ ‬بمجرد‭ ‬تخرجه‭ ‬من‭ ‬كلية‭ ‬الطب‭ ‬في‭ ‬بداية‭ ‬السبعينيات،‭ ‬بحزب‭ ‬القوات‭ ‬الشعبية،‭ ‬بُعيْد‭ ‬انعقاد‭ ‬المؤتمر‭ ‬الاستثنائي‭ ‬للاتحاد،‭ ‬الذي‭ ‬وضح‭ ‬الرؤى‭ ‬وحدد‭ ‬المسار‭ ‬ورسم‭ ‬الآفاق،‭ ‬لينخرط‭ ‬فيه‭ ‬في‭ ‬1976،‭ ‬ثم‭ ‬التحق‭ ‬بالبديل‭ ‬النقابي‭ ‬الذي‭ ‬صاغته‭ ‬الإرادة‭ ‬التقدمية‭ ‬والاتحادية‭ ‬في‭ ‬طليعتها،‭ ‬عند‭ ‬تأسيس‭ ‬الكونفدرالية‭ ‬الديموقراطية‭ ‬للشغل،‭ ‬في‭ ‬1978،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬ثلة‭ ‬من‭ ‬خيرة‭ ‬المناضلين‭ ‬والقادة‭ ‬الميدانيين‭ ‬في‭ ‬القطاعات‭ ‬المنتجة‭.‬
ومن‭ ‬تقدير‭ ‬المناضلين‭ ‬له،‭ ‬ظل‭ ‬ينتخب‭ ‬نائبا‭ ‬للكاتب‭ ‬العام‭ ‬للكدش‭ ‬منذ‭ ‬أول‭ ‬مؤتمر‭ ‬تأسيسي،‭ ‬هو‭ ‬الذي‭ ‬خبر‭ ‬الحركة‭ ‬النقابية‭ ‬طالبا‭ ‬ثم‭ ‬طبيبا‭ ‬عندما‭ ‬ترأس‭ ‬جمعية‭ ‬الأطباء‭ ‬الداخليين‭ ‬لكلية‭ ‬الطب‭ ‬والصيدلة‭..‬ثم‭ ‬كاتبا‭ ‬عاما‭ ‬للنقابة‭ ‬الوطنية‭ ‬للصحة‭ ‬العمومية،‭ ‬والتي‭ ‬وضعته‭ ‬في‭ ‬مواجهات‭ ‬شرسة‭ ‬وغيرمتكافئة‭ ‬كان‭ ‬سنده‭ ‬فيها‭ ‬هو‭ ‬عموم‭ ‬الشغيلة‭ ‬الصحية،‭ ‬ومن‭ ‬كل‭ ‬المستويات‭ ‬والتقدير،‭ ‬واللذين‭ ‬حظي‭ ‬بهما‭ ‬بلا‭ ‬قيد‭ ‬أو‭ ‬شرط‭.‬
وقد‭ ‬سبق‭ ‬للأخ‭ ‬الفقيد‭ ‬أن‭ ‬تحمل‭ ‬مسؤوليات‭ ‬عديدة،‭ ‬كانت‭ ‬كلها‭ ‬تبرز‭ ‬المعدن‭ ‬الأصيل‭ ‬لصاحبها‭ ‬وقدرته‭ ‬على‭ ‬تحقيق‭ ‬الانسجام‭ ‬ولباقته‭ ‬في‭ ‬التعامل‭ ‬والحفاظ‭ ‬على‭ ‬جسور‭ ‬التواصل،‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬اللجن‭ ‬الإدارية‭ ‬للاتحاد‭ ‬الاشتراكي‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬مكتبه‭ ‬السياسي‭ ‬بعد‭ ‬المؤتمر‭ ‬الخامس‭ ‬للاتحاد‭ ‬في‭ ‬1989،‭ ‬ولم‭ ‬يتخل‭ ‬الفقيد‭ ‬عن‭ ‬أخلاق‭ ‬المروءة‭ ‬النضالية‭ ‬والطيبوبة‭ ‬في‭ ‬العلاقات‭ ‬النضالية،‭ ‬حتى‭ ‬وهو‭ ‬يختار‭ ‬طريقا‭ ‬تنظيميا‭ ‬آخر‭ ‬لممارسة‭ ‬قناعاته‭ ‬السياسية‭ ‬وتنزيل‭ ‬رؤيته‭ ‬للواقع‭ ‬السياسي‭ ‬بالبلاد،‭ ‬في‭ ‬تجربتين‭ ‬سياسيتين‭ ‬متباينتين‭.‬
ولعل‭ ‬رصيده‭ ‬من‭ ‬المودة‭ ‬والتقدير،‭ ‬وأيضا‭ ‬قدرته‭ ‬على‭ ‬تغليب‭ ‬القيم‭ ‬الوحدوية،‭ ‬ساعدا‭ ‬على‭ ‬عودة‭ ‬المناضل‭ ‬والقيادي‭ ‬والطبيب‭ ‬المحبوب‭ ‬إلى‭ ‬صفوف‭ ‬حزبه‭ ‬القوات‭ ‬الشعبية،‭ ‬عند‭ ‬حصول‭ ‬القناعة‭ ‬بذلك،‭ ‬في‭ ‬حركة‭ ‬إيجابية‭ ‬وتاريخية‭ ‬عادت‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬أطر‭ ‬اتحادية‭ ‬عديدة‭ ‬إلى‭ ‬البيت‭ ‬الكبير،‭ ‬البيت‭ ‬الاتحادي‭ ‬المشترك‭…‬
وسيبقى‭ ‬يوما‭ ‬مشهودا‭ ‬ومسجلا‭ ‬في‭ ‬التاريخ‭ ‬السياسي‭ ‬المغربي،‭ ‬ذلك‭ ‬اليوم‭ ‬الذي‭ ‬شارك‭ ‬فيه‭ ‬الفقيد‭ ‬في‭ ‬صناعة‭ ‬الحدث‭ ‬التاريخي‭ ‬لثلاث‭ ‬قيادات‭ ‬الحركة‭ ‬الاتحادية،‭ ‬إدريس‭ ‬لشكر،‭ ‬الكاتب‭ ‬الأول‭ ‬لحزب‭ ‬الاتحاد‭ ‬الاشتراكي‭ ‬للقوات‭ ‬الشعبية،‭ ‬وعبد‭ ‬الكريم‭ ‬بنعتيق،‭ ‬الأمين‭ ‬العام‭ ‬للحزب‭ ‬العمالي،‭ ‬وعبد‭ ‬المجيد‭ ‬بوزوبع،‭ ‬الأمين‭ ‬العام‭ ‬للحزب‭ ‬الاشتراكي،‭ ‬بإقدامهم‭ ‬على‭ ‬خطوة‭ ‬وحدوية‭ ‬للم‭ ‬شمل‭ ‬العائلة‭ ‬الاتحادية،‭ ‬وذلك‭ ‬بالتوقيع،‭ ‬في‭ ‬ماي‭ ‬2013،‭ ‬على‭ ‬وثيقة‭ ‬‮«‬بيان‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الوحدة‮»‬‭ ‬بالمقر‭ ‬المركزي‭ ‬للاتحاد‭ ‬الاشتراكي‭ ‬بالرباط‭. ‬وهي‭ ‬الخطوة‭ ‬التاريخية‭ ‬التي‭ ‬قادت‭ ‬إلى‭ ‬اندماج‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬الحزب‭ ‬العمالي‭ ‬والحزب‭ ‬الاشتراكي‭ ‬كأحزاب‭ ‬انبثقت‭ ‬من‭ ‬رحم‭ ‬الحركة‭ ‬الاتحادية،‭ ‬في‭ ‬حزب‭ ‬الاتحاد‭ ‬الاشتراكي‭ ‬للقوات‭ ‬الشعبية‭. ‬
‭ ‬رحم‭ ‬الله‭ ‬الطبيب،‭ ‬المناضل‭ ‬والقيادي‭ ‬والمهني‭ ‬والإنسان،‭ ‬وعزاؤنا‭ ‬لأسرته‭ ‬الصغيرة‭ ‬والكبيرة،‭ ‬ولكافة‭ ‬المناضلات‭ ‬والمناضلين‭ ‬الاتحاديين‭ ‬والتقدميين،‭ ‬ونسأل‭ ‬الله‭ ‬أن‭ ‬يلهمهم‭ ‬الصبر‭ ‬والسلوان‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المصاب‭ ‬الجلل،‭ ‬وأن‭ ‬يسكن‭ ‬الفقيد‭ ‬واسع‭ ‬رحمته‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬النبيئين‭ ‬والشهداء‭ ‬والصديقين‭ ‬وحسن‭ ‬أولئك‭ ‬رفيقا‭.

‬وانا لله وانا اليه راجعون‮ ‬


بتاريخ : 02/09/2020