قال الصادق الرغيوي الكاتب الوطني للنقابة الوطنية للتعليم (فدش) إنه لم تعد هناك أية ذريعة للحكومة لعدم إخراج نظام أساسي خاص بموظفي قطاع التعليم العالي و الأحياء الجامعية. جاء ذلك في الكلمة التي ألقاها يوم الخميس 22 ماي الجاري في افتتاح اشغال الملتقى الوطني الخامس للأطر الإدارية والتقنية بالتعليم العالي و الأحياء الجامعية، الذي ينظمه المكتب الجامعي النقابة الوطنية للتعليم (فدش) بشراكة مع جامعة القاضي عياض تحت شعار « من أجل إخراج نظام أساسي يستجيب لانتظارات الأطر الإدارية و التقنية بالتعليم العالي و الأحياء الجامعية و مراجعة ثغرات القانون 01.00»
و أضاف قائلا « في سياق إخراج النظام الأساسي لأساتذة التعليم العالي في غشت 2023، و النظام الأساسي لموظفي وزارة التربية الوطنية في دجنبر 2023، نريد الآن خلال هذه السنة و بإصرار، أن يخرج إلى حيز الوجود النظام الأساسي لموظفي قطاع التعليم العالي و الأحياء الجامعية.»
وأكد الرغيوي أن هذا اللقاء يتزامن في سياقه مع مصادقة المجلس الأعلى للتربية و التكوين على الدلائل المرجعية للوظائف و الكفاءات في التعليم العالي، علما أن النظام الأساسي لموظفات و موظفي قطاع التعليم العالي و الأحياء الجامعية، كانت تقف أمامه عقبة قانونية، وهي هذه الدلائل المرجعية، التي تعتبر وزارة المالية و الوظيفة العمومية أنه في غيابها يستحيل إخراج هذا النظام.
و اعتبر أن هناك حاجة ماسة لاعتماد قانون جديد للتعليم العالي، حيث أن القانون 01.00 عمر أزيد من ربع قرن، و من الضروري تجاوز ثغراته، لأنه استنفد كل مضمونه بعد هذه المدة الطويلة من اعتماده.
و نبه الرغيوي إلى أهمية السياق الذي ينعقد فيه هذا اللقاء، و الموسوم ببناء ديمقراطية مغربية متميزة، داعيا إلى الاعتزاز بهذا البناء الرصين و الهادئ، بقيادة جلالة الملك محمد السادس، وقال في هذا الصدد « إذا ما استحضرنا ما يجري في المحيط الإقليمي و القاري و الدولي، فإننا نحمد الله على مسارنا الديمقراطي، رغم كل ما جرى في العقود السابقة.»
و أشار في هذا الصدد، إلى أهمية البناء المؤسساتي، و خاصة مأسسة الحوار الاجتماعي و الحوارات القطاعية، حيث أصبحت جميع الأطراف شركاء و ليس خصوما متصادمين، موضحا أن ذلك تأتى بفضل الديمقراطية التي هي حصيلة مساهمة جماعية ، وروح الحوار التي تكرست، حيث قال في هذا الصدد « إنه ليس حوار الغالب و المغلوب، وإنما حوار رابح رابح، أي حوار ديمقراطي و هادف، لأن الديمقراطية في أرقى أشكالها ليست دائما هي أغلبية وأقلية، و إنما التوافق.»
و ثمن صادق الرغيوي في كلمته، ما وصفه بالمنهجية التشاركية لوزارة التعليم العالي، التي تتم بكل موضوعية و شفافية يوجهها الإنصات لوجهة نظر الآخر.
و أكد الرغيوي أن مشوار الإعداد للنظام الأساسي لموظفات و موظفي التعليم العالي و الأحياء الجامعية، قد وصل إلى نهايته، و قال في هذا السياق « عندما انطلقنا في هذا المسار، كنا نعرف أن الطريق شاق و لكن ليس مستحيلا، ورحلة الألف ميل تبدأ بخطوة واحدة، و النظام الأساسي وصل إلى خطوته الأخيرة.»
و حيّا الصادق الرغيوي أعضاء لجنة الحوار في قطاع التعليم العالي بالنقابة الوطنية للتعليم، الذين صمدوا لمدة تزيد عن سنتين بالتواجد المستمر و الفعال و المثمر في كل الاجتماعات، كقوة اقتراحية ساهمت بشكل كبير في صياغة هذا النظام الأساسي الذي يستجيب لأغلبية مطالب هذه الفئة.
و قال أيضا « درسنا بشكل معمق و مستفيض مشروع القانون الجديد لموظفي التعليم العالي و الأحياء الجامعية، و كذا قانون التعليم العالي و أيضا الدلائل المرجعية، و هي ثلاثة قوانين تنتظر المناقشة و المصادقة أمام البرلمان لإخراجها إلى حيز الوجود. لكن لدينا بعض الملاحظات، و نحن على قناعة تامة بأن ترافعنا لا بد أن يوصل إلى توافق مع محاورينا.»
و من ضمن الملاحظات التي قدمها الرغيوي، تلك المتعلقة بالنقاش الطويل حول ثنائية موظف/ مستخدم، مؤكدا أن النقابة ترفض أن يكون موظفو التعليم العالي و الأحياء الجامعية مستخدمين، خاصة و أنهم ولجوا الوظيفة العمومية و مجموعة كبيرة منهم مشرفة على التقاعد، منبها إلى أن موضوع المستخدم رغم ذلك ليس موضوعا محرما، بل هو خاضع أيضا للنقاش الجاد. لكن حاليا لن نسمح به.
و أكد على ضرورة إدماج جميع الفئات المهنية العاملة بالقطاع ضمن الدلائل المرجعية، لأن هذه الدلائل تتحدث فقط عن مناصب المسؤوليات العليا في التعليم العالي، في حين أن المطلوب أن تدمج كل المسؤوليات بالجامعة المغربية في هذه الدلائل، حتى يكون هناك انسجام و تكامل قانوني، و خيط ناظم لهذه الجامعة، و لاسيما في لحظة تاريخية موسومة بالرغبة الجماعية في إصلاح منظومة التعليم ككل، من التعليم الأولي إلى التعليم الجامعي و التكوين المهني. مشددا على ضرورة اعتبار موظفات و موظفي التعليم العالي، ركنا أساسيا من الجامعة المغربية، يجب الإنصات إليهم و العناية بهم و تحفيزهم، لكي يساهموا في تطوير التعليم العالي بالمملكة.
و دعا الرغيوي إلى وضع آلية لمواكبة الموظفين في المسارات المهنية و في الترقية و التطوير الذاتي، خاصة في ظل التطور التكنولوجي و الذكاء الاصطناعي الذي يستدعي تكوينا مستمرا لمواكبة هذه التطورات. و كذا برمجة الحاجيات المستقبلية لموظفات و موظفي التعليم العالي و الأحياء الجامعية، إضافة إلى فتح المجال للحركية سواء داخل الجامعة الواحدة، و ما بين جامعة و أخرى، و الحركة بين الجامعات و الإدارة المركزية بالرباط، و إتاحة الفرصة لبعض الفئات التي لديها نظام خاص كالمهندسين و المتصرفين و التقنيين، للاختيار بين انتمائهم لنظامهم الأساسي، او للنظام الأساسي الجديد الذي ينبغي أن يكون أفضل. و عبر عن أمله و تفاؤله بأن تنصت الوزارة الوصية لهذه المطالب و الملاحظات، و تدمجها في القانون الجديد.
و من جهته أكد بلعيد بوكادير رئيس جامعة القاضي عياض في الكلمة التي ألقاها بذات المناسبة، أن هذا اللقاء ينعقد في سياق وطني حافل بالتحديات و الرهانات، مشددا على أهمية نظام خاص لموظفي التعليم العالي و الأحياء الجامعية ومراجعة وضعيتهم النظامية و تحقيق الإنصاف و الحماية الاجتماعية.
و نوه رئيس جامعة القاضي عياض بالمقاربة التشاركية التي اعتمدت في بلورة مشروع النظام الأساسي لموظفي التعليم العالي، مثمنا الجهود التي تبذلها الفيدرالية الديمقراطية للشغل في هذا الاتجاه، و التي تعكس حرصها على الدفاع عن حقوق هذه الفئة.
و أكد على إشراك أطر وموظفي القطاع و كل مكونات التعليم العالي، من أجل بناء جامعة حديثة و مستقلة و منتجة للمعرفة.
عمر التدريني الكاتب الجامعي لجامعة القاضي عياض النقابة الوطنية للتعليم (فدش)، أكد في كلمته أن موظفي التعليم العالي و الأحياء الجامعية، يعتبرون مكونا أساسيا في المنظومة الجامعية إلى جانب الأساتذة و الطلبة.
و نبه إلى أن جل الإصلاحات السابقة، لم تهتم بهذا المكون الأساسين مما أثر على أوضاع هذه الفئة، مؤكدا على حيوية إخراج نظام أساسي يحمي موظفات و موظفي قطاع التعليم العالي و الأحياء الجامعية.
و عرفت الجلسة الافتتاحية تكريم مجموعة من المناضلات و المناضلين، في لحظة اعتراف بمجهوداتهم و تضحياتهم من أجل الدفاع عن حقوق هذه الفئة. و شمل التكريم كل من الصادق الرغوي للنقابة الوطنية للتعليم فدش، و الكاتب الجامعي لجامعة القاضي عياض عمر التدريني، و فاطمة عدي عضو المجلس الوطني للنقابة الوطنية للتعليم، و أحمد بلفقيه عضو المجلس الوطني بذات النقابة، و دنيا لطيفة الركراكي عضو سابق بالمكتب الوطني ، و علي بروش الكاتب الجامعي بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس، و أحمد باحساين عضو المكب الجامعي لجامعة القاضي عياض بمراكش، و مصطفى الغرفي عضو المكتب المحلي بالحي الجامعي بمراكش، وفاطمة لشكر عضو المجلس الوطني للنقابة الوطنية للتعليم فدش.
و يهدف هذا اللقاء الوطني، إلى تحقيق الإصلاح الإداري على أساس بعض الأولويات، كمناقشة التعديلات التي جاء بها القانون المنظم للتعليم العالي، و التنزيل و الإقرار الفعلي للهيكلة الإدارية المنسجمة معطلبات مت الحكامة و التسيير الحديث، و المستجيبة لتطلعات الموظفين الإداريين و التقنيين في المشاركة فيها، بدلا من الهيكلة الحالية و ما خلفته من مشاكل على كل المستويات.