الممرضون والممرضات يحتفلون باليوم العالمي لهذه السنة بطعم القلق والإنهاك والترقب

نحتفل جميعا، يوم السبت 16 أكتوبر باليوم العالمي للتخدير، الذي تعود بنا الذاكرة خلاله على الوراء، وتحديدا إلى يوم 16 أكتوبر من سنة 1846، الذي أجريت فيه أول عملية جراحية رسمية بمستشفى (ماسوت جوست) بولاية بوسطن الأمريكية من قبل الجراح جون وارين، ليكون هذا الموعد فرصة للاحتفاء بهذا المجال بهدف تحسين سلامة التخدير في جميع أنحاء العالم، وتوفير العناية الجيدة للمريض وللمهني في قطاع الصحة، ومناسبة كذلك لتسليط الضوء على هذا التخصص الدقيق، والدعوة للاعتراف بأدوار مهام مهنيي التخدير نظير تفانيهم الراسخ وحسهم الأخلاقي المشرف في ممارسة أنشطتهم بكل كفاءة واحترافية ومسؤولية، تماشيا مع تطورات التخصص العلمية والعملية عامة.
عمل دؤوب متواصل وغير منقطع، يقوم به مهنيو التخدير والإنعاش من أجل الحفاظ على سلامة المواطن وتقديم علاجات بجودة آمنة للمرضى، بالرغم من المخاطر والإشكاليات التي تعترض هذا المسار، التي لم تحل دون حماية مهنيي التخدير والإنعاش، من أطباء وممرضين، لأرواح وصحة المواطنين بشجاعة وتضحية ونكران ذات وبالتحلي بروح عالية للفريق، الذي اختارته كشعار لهذه السنة، الفيدرالية العالمية لجمعيات التخدير والإنعاش .
إن استحضار هذه المناسبة لا يكون دون التأكيد على أهمية العمل الجماعي الجيد الذي يؤدي إلى تحسين نتائج المرضى وزيادة رضا الموظفين وتقليل الإرهاق، وقد صدرت في هذا الباب توصيات عديدة من أجل تقوية هذه الروح، بالتواصل الجيد والتضامن المتبادل والقيادة والحكامة التنظيمية وتطوير مهارات العمل الجماعي، فلا يكفي أن نطلب العمل كفريق واحد لأننا بحاجة إلى التدرب على هيكلة الفريق وإتقان عمله. إن العمل الجماعي الجيد يؤدي إلى نتائج أفضل للمرضى، والرفع من درجات رضا الموظفين وتقليل حدوث الإرهاق والاحتراق المهني، في حين أن العمل الجماعي الذي يكون موسوما بالضعف، يؤدي إلى نتائج سيئة للمرضى، ويترتب عنه نقص التنسيق واستنزاف الموظفين وارتفاع التكاليف العلاج ويؤثر سلبا على سلامة العلاجات المقدمة للمواطن.
إن تخليد اليوم العالمي للتخدير هو فرصة لكي تتقدم الجمعية المغربية لممرضي التخدير والإنعاش بهذه المناسبة العالمية بأسمى عبارات الفخر والشكر والعرفان للمهنيين، وأن تشيد بالتدخلات البطولية لممرضات وممرضي التخدير وتضحياتهم الجسام، قبل وإبان الأزمة العالمية لكوفيد 19، في كل المصالح وبمختلف ربوع المملكة، الذين سهروا على تقديم علاجات بجودة عالية من أجل استمرارية المرافق الحيوية رغم كل التحديات المتمثلة أساسا في الخصاص الحاد في الموارد البشرية وسوء وتوزيعها، وفي الفراغ القانوني من أجل تأمين تدخلاتهم البطولية وحمايتهم من شبح المتابعات القانونية والإدارية. ويشكل الحدث كذلك فرصة لتجديد النداء من أجل تنزيل مضامين التوصيات العالمية على أرض الواقع وهيكلة العمل الجماعي وتوفير كل الموارد البشرية والحرص على حسن توزيعها، وتحفيزها لتشمل المناطق المعزولة، والرفع من قيمة الرأسمال البشري بالتكوين والتكوين المستمر في كل المخططات الرسمية، والعمل على مراجعة وضعيتها المادية والتنظيمية وفقا للكفاءة والتضحية.
إن احتفال هذه السنة سيكون بطعم القلق والإنهاك والترقب فرغم كل التطور الذي عرفه ويعرفه القطاع بكل مكوناته من أسس ومستجدات علمية وتجهيزات، فقد ظل ممرض التخدير والإنعاش منذ سنين طويلة هو الجندي مجهول الهوية، الذي يقوم بمهام عديدة في مختلف المرافق من أجل سدّ الخصاص والطلب ويتم اللجوء إليه تحت مبرر تقديم العون والمساعدة، في الوقت الذي عجز الكل عن توضيح مهامه واختصاصاته قانونيا رغم كل المراسلات وأشكال المطالب التي تم رفعها سعيا نحو التأطير القانوني. هذا الوضع يؤكد على أن مدخل تكامل الفريق وتحقيق كل الآمال والمؤشرات المنشودة، لن يتحقق إلا من خلال الاعتراف بهوية ممرض التخدير والإنعاش في إطار قانوني، اعترافا بكفاءته وتدخلاته البطولية التي تضمن سلامة المواطن وتحميه هو أيضا من خلال واقع الممارسة والمهام العديدة التي يسهر فقط ممرضو التخدير على تأمينها وضمان استمراريتها، بمركبات الجراحة والمستعجلات وأثناء النقل الصحي وفي غيرها من المهام التي تعيش على إيقاع التداخل، في ظل الخصاص الحاد في التخصص الحيوي.
مطلب أساسي وجوهري، ليس هناك ما يبرر استمرار تجاهله، وإلى جانبه يجب فتح باب التكوين العلمي وفتح آفاق العلاجات المتقدمة التي تتماشى مع الواقع وتحديات المنظومة، وهو ما يتطلب من المسؤولة الجديدة عن وزارة الصحة دعوتنا إلى جلسة حوار جاد ومسؤول، ونحن على أبواب تنزيل مشاريع الرعاية الصحية و تأهيل المنظومة الصحية وفق توجيهات النموذج التنموي الجديد تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة نصره الله. كما نجدد بالمناسبة النداء لكل ممرضات وممرضي التخدير في كل ربوع المملكة للاتحاد والتضامن في فريق متكامل أمام كل التحديات، أكثر من أي وقت مضى، لإنعاش مهنة ممرض في التخدير في الهيكل التنظيمي، من أجل نظام صحي قوي يضمن حقوق المواطن.

*رئيس الجمعية المغربية لممرضي
التخدير والإنعاش


الكاتب : عبد الإله السايسي*

  

بتاريخ : 16/10/2021